في الفترة ما بين سنوات 1947 و 1966 جرى إدراج قضية اللاجئين الفلسطيني 35 مرة على جدول أعمال الهيئات و الأجهزة الرئيسية لهيئة الأمم المتحدة ولجانها الأساسية وكانت الجمعية العامة تهيب على الدوام بالحل العادل لمشكلة اللاجئين معترفة بشكل مباشر بحقهم غير المنزوع في العودة أو الحصول على التعويض.
من المعلوم أن الجمعية العامة أصدرت في ديسمبر كانون الأول 1948م و القرار رقم 194" الدورة الثالثة" الذي نصت فقرته الثانية على ما يلي:
"تقرر وجوب السماح بالعودة في اقرب وقت ممكن اللاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم و العيش بسلام مع جيرانها أو وجوب دفع تعويضات عن ممتلكاتهم الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضر, عندما يكون من الواجب, وفقا لمبادئ القانون الدولي و الإنصاف أن يعوض ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة "ومنذ ذلك الوقت فالجمعية العامة وغيرها من هيئات الأمم المتحدة أكدت هذا الحكم مرارا.
احد شروط قبول إسرائيل في عضوية هيئة الأمم المتحدة تمثل في طلب تسوية مشكلة اللاجئين وفقا لأحكام 194-3.
وجاء في قرار الجمعية العامة رقم 273-3 الصادر في 11 /مايو/ 1949م على وجه الخصوص ما يلي:"أخذا بعين الاعتبار بيان دولة إسرائيل بشان قبولها الالتزامات الناجمة عن ميثاق الأمم المتحدة و تعهدها بتنفيذ هذه التزامات منذ أن تصبح عضوا في هيئة الأمم المتحدة"بناء على القرار يين بتاريخ 29/نوفمبر/1947 وبتاريخ11/ديسمبر/1948م ونظرا للبيانات و التفسيرات التي قدمها مندوب حكومة إسرائيل في اللجنة السياسية بصدد تنفيذ القرارين المذكورين.
وفي ضوء ذلك, قررت الجمعية العامة قبول إسرائيل في عضوية هيئة الأمم المتحدة"حيث تنبت الجمعية هذا القرار, جلستها العامة رقم 207,بــ 37 صوتا مقابل 12 وامتناع 9 ولم تفعل الحكومة الإسرائيلية شيئا لتنفيذ هذا القرار,الصادر بتاريخ 11/ديسمبر/1948م.
وأثناء حرب حزيران 1967م أصبح 350 ألف لاجئ فلسطيني في قطاع غزة وزهاء 300 ألف في الضفة الغربية لنهر الأردن وقرابة 200 ألف منهم في سوريا من جديد وتبين معطيات الأمين العام للأمم المتحدة ان حوالي 10% من سكان الأردن تم تهجيرها من أماكن إقامتهم.
في محاولة تستهدف تبرير سياستها للشرعية الدولية, تطرح إسرائيل طائفة من الحجج أبرزها التالية:
1- أن مشكلة اللاجئين هي مشكلة داخلية بالنسبة لإسرائيل.
2- أن اللاجئين الفلسطينيين مذنبون لأنهم تركوا بلدهم.
3- إن عودة أعداد كبيرة من العرب, المعادين لإسرائيل, تعني في حال تحقيقها, نشوء"طابور خامس "يشكل ما يزيد على نصف سكان البلد, ما قد يعرض وجود إسرائيل كدولة للخطر.
أن حجة إسرائيل الأولى لا تصمد أمام أي انتقاد لا مسالة اغتصاب الغير, وطرد السكان اللاجئين, لا يمكن تكن شانا داخليا لإسرائيل وعلاوة على ذلك فان تجمع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في أراضي الدول الأجنبية يترك أثره سلبي على تطور هذه الدول ويخلق توترا في علاقاتها مع إسرائيل.
وفي الأردن مثلا, يشكل اللاجئون أكثر من 36%من عدد السكان الإجمالي وفي لبنان 8%وفي سوريا2% علما بان الأردن و لبنان وسورية هي بلدان من ناحية لا تقدر على تامين فرص العمل لمثل هذا العدد الهائل من اللاجئين, مما يؤدي إلى التوتر الداخلي فيها.
أما حجة إسرائيل الثانية فهي مختلفة بكل بساطة.ويمكن الاستشهاد بالإسرائيليين أنفسهم لإثبات ذلك.. واظهر تقرير وكالة الغوث الذي ثم توزيعه في هيئة الأمم المتحدة في سنة 1978 أن عدد اللاجئين ازداد بمقدار 525 ألف فرد منهم 75 ألف تشردوا للمرة الثانية, وذلك اثر حرب حزيران في الشرق الأوسط, وأشار التقرير إلى أن اللاجئين العرب الذين طردتهم إسرائيل من الضفة الغربية بنهر الأردن وقطاع غزة ومنطقة شبة جزيرة سناء يعانون من الجوع ونقص الماء وأماكن السكن ويحتاجون إلى اللباس والعونة والطيبة.
وأقدمت سلطات الاحتلال على إرغام اللاجئين الفلسطينيين في القطاع إلى ترك بيوتهم و الانتقال إلى الضفة الغربية بنهر الأردن واسترشد الإسرائيليون بالهدف الأساسي المتمثل في متابعة الاستيطان و اغتصاب أراضي العرب الفلسطينيين المنافي للقانون وفي هذا السياق اتبعت سلطات الخطط الرامية إلى استصلاح الأرض في المناطق المنزوعة السلاح على حدود إسرائيل مع سوريا و الأردن, وصودر أيضا أكثر من 300 ألف هكتار من الأرض في القدس العربية حيث بنيت المساكن لأكثر من 7 ألاف عائلة يهودية وأفادت جريدة "نيويورك تايمز"في 12 /أغسطس /1971م وان أكثر من 13 ألف مواطن عربي ثم تشريدهم من منطقة غزة وفي سبتمبر 1971م وجه الأمين العام للأمم المتحدة مذكرة احتجاج لحكومة إسرائيل على تشريد السكان العرب غير المشروع وهدم بيوتهم الأمر الذي ينتهك انتهاكا فظا للمواد التالية 32 ,33 , 34 , 54, 64, معاهدة حماية السكان المدنيين للعام 1949م.
وفي هذا المجال يتنافى ادعاء إسرائيل القائل بأنها لا تتحمل المسؤولية عن ظهور جموع غفيرة من اللاجئين مع الحقيقية و لا يمكن الاعتراف بصحة وصواب الحجة الثالثة للأوساط الإسرائيلية الحاكمة, والتي تتمثل في عدم جواز إلى أعمال العنف ضد العرب ومنعهم من العودة إلى ديارهم في حالة وحيدة, وهي صيرورة العرب اغلبيه بحكم ظروف التطور التاريخية و الاقتصادية في أراضي إسرائيل.ذلك انه من وجهة نظر القانون الدولي يجب تهيئة الظروف المماثلة للحياة بالنسبة لجميع السكان بغض النظر عن الانتماء القومي و الجنس و اللغة و الدين. عندئذ لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن العرب و اليهود عاشوا سوية في فلسطين فترة طويلة, وكانت العلاقات بينهم سلمية وحسنة كعلاقات الجيران.
وهكذا, فحق اللاجئين العرب المشروع في العودة إلى ديارهم (و/أو) الحصول على التعويضات لقاء فقدان ممتلكاتهم من حيث القانون الدولي يعتبر أمرا لا شك فيه, قابلا للتحقيق الشامل و الفوري.
وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 24/ديسمبر/ 1969 قرارا هاما أكد حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره, جاء فيه على وجه الخصوص أن قضية اللاجئين العرب الفلسطينيين نتجت عن إنكار حقوقهم المشروعة المتفقه مع ميثاق هيئة الأمم المتحدة و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " وأشارت المادة الأولى من هذا القرار مباشرة إلى إن الجمعية العامة تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة"لقرار رقم 2535-24"كما جاء في القرار 2672-25 الصادر عن الدورة الخامسة و العشرين للجمعية العامة:أن الشعب الفلسطيني يملك كل الحق في الحقوق المتساوية وتقرير المصير و أن الاحترام التام لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة المشروعة بشكل عنصرا ضروريا لإحلال سلام عادل في منطقة الشرق الأوسط.