السلطة الفلسطينية تريد القدس منتجعا سياحيا وعودة اللاجئين هراء بنظرها!!

بقلم: باهر صالح

تناقلت وسائل الإعلام تصريحات كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس التي قال فيها أنّ المفاوضات “لن تمدد دقيقة واحدة بعد انتهاء فترة التسعة أشهر للمفاوضات التي تنتهي في نهاية شهر نيسان/أبريل المقبل حسب ما اتفقنا مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي”. وأنّه في حال “فشلت المفاوضات فإن للجانب الفلسطيني خطة هجوم سياسية أولها التوجه إلى المحاكم الدولية في لاهاي مثل محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية”.وأضاف عريقات أنّ السلطة “ستلجأ أيضا إلى هيئات الأمم المتحدة، وسيدفع الفلسطينيون باتجاه الدعوة للمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل”.

هكذا فإنه رغم كل ما تبديه السلطة ورئيسها وكبير ومفاوضيها من تساوق وتماهٍ مع المشروع الأمريكي والذي وصل إلى حد يوصف "بالخيانة العظمى" لما أبدته السلطة من استعداد لكل أشكال التفريط والتنازل، حتى عن أبسط الحقوق التي سبق وأن عدتها السلطة ومنظمة التحرير ثوابتَ وطنية وخطوطا حمراء، من مثل قضية اللاجئين والقدس والحدود والمستوطنات، والتي أصبحت كلها أشبه بالأهازيج الشعبية التراثية التي لا مكان لها في عالم السلطة الحالي أو مستقبلها، فعباس وفي تصريحاته الأخيرة لا يريد عودة اللاجئين بل واعتبر عودتهم هراءً لأنّه لا يريد "إغراق إسرائيل بملايين اللاجئين من أجل تغيير تركيبتها السكانية"، والقدس أصبح يريدها منتجعا سياحيا لكل العالم، ومسرحا تطبيعيا عالميا، وأما الحدود فمن الآن فصاعدا لا مانع لدى عباس وسلطته بأن تكون تحت سيطرة احتلال صليبي تقوده أمريكا، بل وتنتشر قواته حيث أرادت في دولته المستقبلية الموهومة ولأجل غير محدود، وأما المستوطنات فالحديث الآن يجري على أنّ 80 بالمائة من المستوطنين سيبقون في مواقعهم، والدولة الفلسطينية المنشودة بالطبع هي دولة بلا سيادة أو جيش.

رغم كل هذه التنازلات التي تهتز من عَظَمتها الجبال، إلا أنّ يهود ما زالوا لا يريدونها، وغير معنيين بما يسمى بعملية "السلام"، وهذا يرجع إلى أمور عدة، ليس أولها أنّ يهود باتوا مطمئنين إلى أنّ السلطة أصبحت خادما مطيعا، وحارسا أمينا لمصالحهم وأمنهم، وأنهم حتى وإن داسوا على رؤوسها فلن يكون جواب السلطة إلا الذل ومواصلة العمل، وها هي تصريحات عريقات أعلاه تؤكد على ذلك، فعريقات يزبد ويرعد مهددا دولة يهود بالمحافل الدولية! وهو يعلم ودولة يهود تعلم، أنّ المحافل الدولية التي يتحدث عنها هي من أوجدت يهود ورسختهم وتمدهم بكل أسباب الحياة، فلم يبق أمام السلطة إلا أن تقول ليهود: سنحاربكم بالورود إن لم تقبلوا تنازلاتنا!!

ويهود غير معنيين "بالسلام" مع السلطة، لأنهم يدركون تماما بأنّ السلطة وعباس لا يمثلون الناس ولا المسلمين، ويهود يطمعون إلى العيش بسلام في وسط العالم الإسلامي الذي لا تملك منه السلطة ولا الحكام شيئا، فيهود يعرفون أنّ الشعوب غير راضية عن دولتهم وتعتبرها ورما سرطانيا يجب القضاء عليه، ويهود غير واثقين بأنّ السلام مع السلطة هو ما سيحقق لهم الأمان والأمن في المنطقة، ولذلك أقل من تكترث لأمرهم دولة يهود هي السلطة، لا سيما وأنّ السلطة موظفة لديهم وتقوم بكل ما تستطيع دون أن تؤتيها شيئا!

وتبقى الحقيقة القرآنية عن يهود عائقا كبيرا أمام أي خطوات حقيقية نحو "السلام"، فطمع يهود في كل شيء، وجشعهم يجعلهم يريدون كل شيء ولا يريدون إعطاء شيء،﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً ﴾[النساء: 53].

وتبقى كذلك حقيقة أنّ ممانعة المسلمين ورفضهم لأية تسوية أو سلام مع دولة يهود هي من أكبر الحواجز والمعيقات التي ستبقى واقفة في وجه المؤامرات التصفوية لقضية فلسطين، فأمريكا ويهود يرصدون أين وصلت الشعوب في ثقافتها وتقبلها لدولة يهود، وهم لا يعولون على الحكام أو السلطة، لأنهم يعرفون أنهم دخلاء على الأمة وليسوا من جنسها، فالمزيد من الرفض الشعبي ورفع الصوت المندد بكل الحلول التصفوية هو كفيلٌ بوضع العراقيل الكبيرة أمام مشاريعهم الخبيثة، وإلى ذلك ندعو المسلمين وأهلنا في فلسطين، حتى يقيض الله للأمة خليفة يحرك جيوش المسلمين لتحرر فلسطين وتقتلع كل حكام الجور والخوار.

21/2/2014

 

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين