غزة رغم الألم والجرح الغائر تبقى عنصر فاعل وخط احمر يصعب تجاوزه ,وتبقى هي قلب فتح النابض بل قلب الفعل الوطني بشكل عام ,فمن المنطقي والطبيعي أن تكون عنوان جدل داخل حركة فتح ,ولكن من غير المقبول أن تكون معاناتها سوق للنخاسة ومآسي أهلها عنوان للابتزاز,ولا يعني أن أهلها غائبين عن المائدة ذلك سيمكن الكاذبين أن يقولوا ما يودون دون أن يجدوا راد لكذبهم وتدليسهم .
ما بعد زيارة قيادات غزة إلى مسقط رأسهم ,وما تلاها من زيارة اللجنة السداسية ,واجتماع اللجنة المركزية ,والقرارات التي اتخذت وعدد من الوعود التي رشحت ,كلها شكلت حالة من التفاعل داخل حركة فتح ,جزء منها في الاتجاه الصحيح والمبشر ,وآخر شكل حالة من الغليان في المرجل تنذر بعواقب مقلقة على مستقبل حركة فتح قد تكون اخطر على الحركة حتى من أحداث 2006 والتي لم تتعافى منه الحركة حتى الآن.
نبدأها بالاسطوانة المشروخة التي يتم ترديدها على مسامعنا ليل نهار وهي الشرعية والالتزام بالشرعية والتعدي على شرعية الرئيس " إنها حق يراد بها باطل وفزاعة لها جذور, فهناك من يتغذى ويقتات و يعتاش على هذه الفزاعة ,فان غزة بكل مكوناتها الفتحاوية والوطنية تقر بشرعية الرئيس ,وان فتح في غزة مختلفين ومتفقين مع الرئيس ,راضين وشاعرين بمرارة الظلم والتهميش فإنهم لا يقبلوا أي مساس بشخص او مكانة الرئيس, وجميعهم يقفوا في خندق واحد للدفاع عنه ,فان وعيهم يجعلهم الأكثر إدراكا بأنه الشرعية الوحيدة لحركة فتح في السلطة , ,وهم الأكثر إدراكا بوجوب الحفاظ عليه ومساندته .
وعلى الجميع أن يدرك بان غزة عندما ترفع مطالبها للرئيس محمود عباس ,فذلك إدراكا من أهلها بان الجهة المخولة والباب الصحيح لهذه المطالبة هو الرئيس ,الشرعية التي يجب أن يطلب منها رفع الظلم عن غزة وهو إقرار ضمني مهم بموقع ومكانة وشرعية الرئيس وليس العكس,وان الأخبار التي تواترت عن أن الرئيس عباس أعطى تعليماته بحل عدد من ملفات غزة العالقة منها ملف المقطوعة رواتبهم وملف الإخوة في تفريغات 2005 ,وملف شهداء الحربين عكست كيف يمكن أن تلتف الناس خلف الشرعية فان الصور التي رفعت ابتهاجا هي صور الرئيس والشكر الذي وجهه الناس هو للرئيس ,إذا فان من يطالب بحل ملفات غزة العالقة هو ليس ضد الشرعية أو ضد الرئيس عباس , بل هو مع تعزيز وتأكيد شرعية الرئيس عباس .
هناك من خرج ببيانات سوداء تداولنها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تندد بقرار تثبيت الهيئة القيادية العليا في غزة ,وتكيل لها الاتهامات مستخدمة كلمات وشعارات التأجيج التي فصلت للاستخدام في المناسبات التي تتعارض فيها قرارات القيادة مع رغباتهم ومصالحهم الشخصية وتهدد وجودهم ,بل وزادوا على ذلك بان هناك فريق نصب نفسه متحدث باسم الرئيس عباس ,واخذ يهدد باسمه بأنه سيتم استهداف أرزاق الناس وأقواتهم ,وان هناك قرار جاهز بقطع رواتب عدد من الإخوة أبناء الحركة الموظفين في السلطة الفلسطينية على مكتب السيد الرئيس للتوقيع عليه ,ومنهم من صرح بعدد هؤلاء الإخوة وتراوحت الأرقام بين الـ100 و الـ300 , أيتها القيادة الحكيمة بنظرة من أعلى لمثل هؤلاء ,فهم الخطر الحقيقي على الشرعية والرئيس عباس نفسه ,فهم من يصنعوا الأحقاد والأعداء وحالة من البلبلة داخل القواعد وبين العامة, وهم من يسيء للرئيس وهم الأولى بالحساب والعقاب ,لما يروجه من فتنه على الأرض ,فانا لا اعتقد بان الرئيس بحكمته وفطنته ,من الممكن أن يدخل في هذه الدائرة المفرغة ,لاسيما بعد جريمة قطع الرواتب بتقارير كيدية والتي مازالت آثارها قائمة إلى الآن والتي راح ضحيتها المئات ,على خلفيات شخصية وأحقاد ذاتية .
على مركزية حركة فتح أن تقرأ زيارة اللجنة السداسية إلى غزة و تقييم قراءات زيارة قيادات غزة لها في إطارها الصحيح وبما يخدم الحركة ,لاسيما بعد حالة الارتباك الواضح التي خلفتها التصريحات التي تلت الزيارتين و الشائعات التي ملئت الشارع ,وانعكست بشكل واضح على القاعدة ,وعلى المركزية أن تدرك من هو المتضرر من إعادة هيكلة الحركة في القطاع ويسعى دوما لإرباك الساحة من خلال إطلاق الشائعات وإثارة البلبلة , ففي الوقت الذي أكد فيه قيادات غزة على شرعية الرئيس وضرورة التمسك بالأطر الحركية ومساندة الهيئة القيادية العليا في غزة حتى قبل قرار تثبيتها , هناك من خرج للتشكيك في الهيئة وشن حرب على أعضائها ,هناك من يود استمرار الانقسام في قواعد فتح و استمرار حالة التراشق الإعلامي ليضمن وجوده وبقائه .
إن الشرعية يضمن وجودها الاستمرار في الحرص على رضا الناس والالتصاق بهمومهم وقضاياهم فحذار من فخ الاقتراب من أقوات وأرزاق الناس , وما سيخلفه من آثار سيتحمل وزرها أمام الله والتاريخ قيادة الحركة , إن فتح لا ناقة ولا جمل لها في السلطة , فلم الربط بين ما يدور في التنظيم وأقوات الناس, إن حرب البطون هي حرب قذرة , فلا تأخذ المواقف من بطون الناس , اكسبوا ولائهم بالاحترام .
رمزي نادر