مهمة- صعبة -تواجه - "الأونروا"- في- "هيروشيما" - اليرموك

بقلم: علي بدوان

خطوة مهمة، ولو جاءت متأخرة جداً، هي الزيارة الميدانية المُباشرة لمخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق التي قام بها السيد فيليبو غراندي، الاسم اللامع والحاضر الآن في أذهان اللاجئين الفلسطينيين، المفوض العام للوكالة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

الزيارة هي الأولى للمفوض العام غراندي لمخيم اليرموك في ظل الأزمة والمحنة العامة التي يتعرض لها فلسطينيو سورية، لكن من سَبَقَهُ من مفوضي الوكالة كانوا قد زاروا عموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية خلال السنوات الطويلة من عمل الوكالة وسط اللاجئين الفلسطينيين. لكن المهم في هذا المقام أن زيارة المفوض العام الحالي تأتي في ظروف خاصة جداً من حياة فلسطينيي سورية.

زيارة المفوض العام للوكالة تمت على وجه التحديد للمُربع المُدمر من المخيم، والمُمتد على مداخله، حيث «هيروشيما» اليرموك تطل وتُفصح عن نفسها في مشهَد سوريالي (فوق المُتوقع) لمآلات ما جرى من تطاحن على جسد اليرموك ومواطنيه من اللاجئين الفلسطينيين وأشقائهم السوريين من سكان المخيم.

المفوض العام فيليبو غراندي ووفق بيان «الأونروا» «شعر بالصدمة لما آل إليه حال اللاجئين الفلسطينيين ممن تحدثَ إليهم ومدى الضرر الذي لحق بالمنازل... وأن غراندي تابع عملية استئناف توزيع المساعدات الإنسانية العاجلة للمواطنين الفلسطينيين الذين ما زالوا داخل مخيم اليرموك».

تصريحات غراندي هذه ذات طابع إنساني وعاطفي، مهمة وجيدة، وتلامس آلام الناس، وزيارته بالإجمال كانت لفتة طيبة حتى لو جاءت متأخرة، ولكن الأهم من كل ذلك أن مخيم اليرموك ومعه عدد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية التي تضررت بشكل كبير كمخيم

درعا ومخيم الحسينية، هي بحاجة الآن لمساعدات فورية إلى جانب ما يتم تقديمه من قبل الوكالة من برامج الدعم الصحي والتعليمي وبرامج الإغاثة الاجتماعية.

إن الحاجة الماسة تفترض بالوكالة العمل من أجل حث المجتمع الدولي على توفير السيولة المالية والاعتمادات الكافية لإعادة إعمار ما تم تدميره في المرحلة التالية، خصوصاً أن بوادر إيجابية تلوحُ وتبشّر باقتراب خلاص مخيم اليرموك مع الخروج المتتالي لمجموعات «جبهة النصرة» والكتائب الإسلامية ومنها «أكناف بيت المقدس» و»ابن تيمية» وغيرها.

وعليه، إن أزمة مخيم اليرموك وغيره من التجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية تتطلب من وكالة «الأونروا» العمل الحثيث من أجل إطلاق نداء طوارئ عاجل للدول المانحة للتبرع لإعادة إعمار المناطق التي دُمرت في المخيم خلال الأحداث الأخيرة، وبخاصة منها المُربع الأول لليرموك والمحصور بين شارعي الناصرة (شارع راما) وشارع اليرموك.

إن عودة أهل اليرموك إلى منازلهم أصبحت قريبة جداً كما تُشير مُعظم المعطيات المتوافرة، لكن سكان هذا المربع (والمقصود المُربع المُدمر من اليرموك) في حالة صعبة نتيجة الدمار الهائل والكلي الواقع بمنازلهم ودورهم وأرزاقهم، وهو ما قد يؤجل عودتهم إلى حين إعادة بناء منازلهم من جديد، وهو أمر قد يطول في حال لم يتم تدارك الموقف والإسراع بتقديم الدعم المادي اللازم لإعادة إعمار تلك المنطقة.

إن وكالة «الأونروا»، وباعتبارها الجهة الدولية المسؤولة والوصية على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والشتات مدعوة الآن لإطلاق النداء العاجل، نداء الطوارئ للدول المانحة من أجل رفد موازنة الوكالة لإعادة إعمار المنطقة المُشار إليها في مخيم اليرموك، حيث تقدر مختلف المصادر بأن إعادة إعمار هذه المنطقة ومعها مخيمات درعا والحسينية والسبينة تتطلب نحو 400 مليون دولار يمكن للدول المانحة أن تقدمها لوكالة «الأونروا» بسهولة في حال توافر الجهد العربي والفلسطيني إلى جانب نداء الطوارئ المطلوب إطلاقه من قبل الوكالة للدول المانحة.

لذلك، على الدول العربية، وعلى الجهات الرسمية الفلسطينية ضرورة التحرك من أجل دفع وكالة الأونروا لإطلاق النداء الجديد وحث الدول المانحة والمجتمع الدولي على التبرع من أجل إسدال الستار على مأساة مخيم اليرموك.

بقلم علي بدوان

الأربعاء 26/2/2014

الحياة اللندنية