خطأ الإخوان المسلمين القاتل

بقلم: فايز أبو شمالة

من يعمل يخطئ، وقد ظن البعض أن الإخوان المسلمين قد وقعوا في الخطأ منذ لقائهم الأول مع عمر سليمان؛ بداية ثورة يناير، وقد توالت أخطاءهم على طول الطريق منذ رحيل مبارك حتى لحظة فض اعتصام رابعة.
من البديهي أن يعترف بعض قادة الإخوان المسلمون بخطأ التجربة في الحكم، وأن يرفض البعض، ويكتفي بالإشارة إلى المؤامرة، وإلى تصاعد الهجمة الإعلامية الشرسة التي شوهت صورتهم، ولكن ما يتوجب أن يتنبه له الباحثون هو العلاقة بين أخطاء الإخوان المسلمين في الحكم وبين تقلبات المرحلة التي انتزع فيها الإخوان المسلمون مقعد الرئاسة.
إن أخطاء الإخوان المسلمين لا ينكرها عاقل، ولكن أخطر الأخطاء التي وقع فيها الإخوان المسلمون تمثلت في حسن ظنهم بالمجلس العسكري، واعتمادهم على قدراتهم الذاتية فقط، وثقتهم الزائدة بإمكانيتهم الميدانية، وقدرتهم على حشد الجماهير، والاعتقاد بأن الثورة ستنتصر آجل أم عاجلاً طالما حافظ التنظيم على وحدته، واستطاع قيادة الجماهير إلى غايتها المنشودة من الحرية والكرامة والعدالة والاجتماعية.
ولم ينتبه الإخوان المسلمون إلى خصوصية مصر، ولم يأخذوا مكانتها الجغرافية والتاريخية بعين الاعتبار، ولم يتيقظوا لحضورها المؤثر على مجمل قضايا الوفاق والصراع الإقليمي والعالمي. لم ينتبه الإخوان المسلمون إلى أن نجاح تجربتهم في الحكم تعني فضح تجارب الأنظمة العربية السابقة، وتفضح تجارب الحكم الحالية.
لم ينتبه الإخوان المسلون إلى مصير الثورة اليمنية التي أفرغها المتآمرون على الأمة العربية من مضمونها الثوري، وشوهوا صورتها، وجعلوا تستنسخ نظام على عبد الله صالح من جديد، ولم ينتبه الإخوان المسلمون إلى مصير الثورة السورية، وكيف انقض المجرمون على الشعب السوري، ولم ينتبه الإخوان المسلمون إلى الهجوم المعاكس الذي شنه المعسكر المعادي لثورات الأمة العربية، والذي تعمد أن يوقعهم في الأخطاء، وأن يجرس تصرفاتهم.
أما خطأ الإخوان المسلين القاتل فإنه يتمثل في عدم التقدير الصحيح لخطورة مشروع النهضة الذي حمل رايته الإخوان المسلمون، ومدى تأثيره السلبي على أعداء الأمة، حيث لم يقدروا ثقل الأمانة، ولم يدركوا أن القيم الحضارية والإنسانية والتحريرية التي يحملها المشروع الإسلامي تتجاوز حدود مصر، وتتعدى المرحلة الزمنية الراهنة، بالتالي فإن حجم المؤامرة وعدد المتآمرين على الثورة المصرية سيتجاوز حدود مصر، ويتعدى زمن الثورة المصرية الراهنة إلى زمن الأمة العربية التي كانت على موعد مع القائد العربي المسلم.
الأخطاء التي وقع فيها الإخوان المسلمين تفرض عليهم أن يراجعوا حساباتهم، وأن يحدثوا قائمة أعدائهم على ضوء التجربة المريرة، وبالتالي تحديد أوليات العمل، والتي تتمثل في تعزيز معسكر الثورة؛ من خلال نسج التحالفات المحلية والإقليمية القادرة على مواصلة مشوار النهوض بمصر، لأن الواقع الذي حرك جماهير مصر للثورة ما زال قائماً، ولا أمل للمصريين في التغيير والتطهير إلا بمواصلة مشوار ثورة يناير، التي لم تبلغ أياً من أهدافها بعد.