مسامير وأزاهير 326 ... حين ينطق سفهاء هذا الزمن الردي!!.

بقلم: سماك العبوشي

كنت وكعادتي كل صباح، أتصفح مواقع الانترنت مبحرا بين أمواجها المتلاطمة باحثاً عن مرافئ أجد فيها ضالتي بما يسد حاجتي لمعرفة ما يجري لنا وعلى أرضنا العربية واستشراف ما يحاك لنا من دسائس ومؤامرات، فوقعت عيناي على خبر وقع كالصاعقة على أم رأسي هذا نصه: "داعية سلفي: حماس حركة الموساد الإسرائيلي وقرار حظرها صائب بامتياز"!!.

شدني ذاك العنوان الرئيسي المنشور بتاريخ 4 آذار / مارس 2014 في شبكة فلسطين للأنباء، كان لزاما علي أن أقرأ نص الخبر لأعرف ما الجديد في أمر حماس، وتكمن أهمية التصريح الخطير - كما بيّـنه العنوان – كونه منسوباً لداعية "إسلامية سلفيّ" مصري تطاول بسفاهة قل نظيرها على حركة مقاومة وتحرير فلسطينية ذات نهج "إسلامي" معروف للقاصي والداني نكن لها كل احترام وتقدير، ويُشهد لها بالثبات على المبادئ ووقوفها حجر عثرة أمام تطلعات وأحلام وأجندة صهيونية سعت دوما لتركيع شعب فلسطين، ولاقت من حصار الشقيق العربي المسلم قبل العدو الغاصب، وماتزال بإذن الله تعالى ومشيئته صامدة حتى يومنا هذا!!،

وجاء في مطلع الخبر وأقتبس نصا كما ورد: "رحب الداعية السلفي محمد الأباصيري بقرار اعتبار حماس منظمة إرهابية محظورة في مصر، وقال الداعية محمد الأباصيري إن القرار صائب بامتياز فحركة حماس هي في حقيقتها حركة صهيونية أسسها الموساد الإسرائيلي من أجل ضرب و تدمير القضية الفلسطينية و القضاء على المقاومة و العمل على تقسيم فلسطين و من ثم تقديمها لقمةً سائغةً لإسرائيل من دون مقاومة"... انتهى الاقتباس.

هكذا إذن، خرجت أبواق المتسلقين والمنافقين وبعض الإمعات من جحورها مهللة مطبلة مزمرة تارة ومبررة مسوغة تارة أخرى ذاك القرار السخيف الصادر عن محكمة مصرية وليطعنوا بحركة تحرير وصمود وطنية إسلامية آمنت بها جماهير عريضة امتدت من مشرق عالمنا العربي حتى مغربها، وانضوى تحت لوائها خيرة شباب فلسطين المؤمن الملتزم بخط المقاومة حتى التحرير، فاكتووا بنار صمودهم، واعتقل من اعتقل، وسقط من سقط شهيدا!.

وأتساءل بمرارة شديدة:

أليس بغريب وعجيب أن تتشابه الأحكام والوصف بين الكيان الصهيوني وبين نظام مصر الإنقلابي تجاه حركة حماس!؟، ألم يسبق أن اعتبر الكيان الصهيوني حركة حماس "منظمة إرهابية"!؟، ثم ألم تعلن الولايات المتحدة الأمريكية بأن حركة حماس "إرهابية" لا تتعامل معها!؟، فكيف يجوز لنظام مصر ما بعد الانقلاب ولهذا الدعي الإسلامي السلفي أن يتبنيا وجهة نظر من عادا مصر وشعبها طويلاً!؟.

أين كان هذا الدعيّ "الإسلامي السلفي" السفيه قبل قرار اعتبار حماس منظمة إرهابية يا ترى!؟، ولـِمَ أنتظر سنوات حتى جاء الانقلاب على الشرعية الدستورية في مصر ليطرح على مسامعنا وأمام أعيننا ذاك السَفـَه والتجديف بالباطل من أن حماس حركة صنعها الموساد الصهيوني وبأنها أنشأت من أجل ضرب وتدمير القضية الفلسطينية وتقديمها لقمة سائغة للعدو الصهيوني دون مقاومة!!؟.

وإذا كانت حركة حماس صنيعة صهيونية كما يدعي هذا السفيه الصغير، فكيف يفسر لي فوزها الساحق بالانتخابات التشريعية الفلسطينية السابقة!؟، وهل أن من انتخبها من أبناء فلسطين والحالة هذه كان مخدوعا مغررً به أم أنه انقاد للإرادة الصهيونية ويعمل لتنفيذ أجندتها!؟.

وفي ظل تباكي السفيه الدعي الأباصيري وحرصه الزائف على مصير المقاومة الفلسطينية والإجهاز عليها، كيف يتسنى لأبناء غزة ديمومة واستمرار المقاومة المسلحة في ظل جوع وفاقة وفقدان للمستلزمات الإنسانية بعد الهجمة الشرسة الممنهجة الأخيرة المتمثلة بتهديم النظام المصري ما بعد الإنقلاب وتجريفه للأنفاق التي تؤمن لأبناء غزة حاجاتهم الإنسانية والمعيشية!؟، ومادام هذا الدعي السفيه المتذاكي يتباكى على مصير المقاومة الفلسطينية، فلـِمَ لم يوجه مخاوفه تلك صوب مدن وقرى الضفة الغربية المقطعة الأوصال وحيث تسرح وتمرح قوات الاحتلال الصهيوني في ظل التنسيق الأمني وما ينتج عنه من تكميم الأفواه ومناهضة ومحاربة واعتقال من يحمل عصا هناك!؟.

وإذا كانت حركة حماس كما وصفها هذا السفيه الدعي، فكيف يبرر لنا تلك الحملات الداعمة المناصرة لأبناء غزة وقيادتها والتي توجهت من مختلف دول العالم أيام نظام اللامبارك المخلوع فيما حاولت منعها وإجهاضها سلطات نظام اللامبارك!؟.

وإذا كانت حركة حماس صنيعة صهيونية كما يدعي هذا السفيه الإمعة، ألا يجدر بقادة الكيان الصهيوني وقواها الاستخبارية أن تحافظ وترعى وتحمي عملاءها وتجزل العطاء لمن يخدمها ويرعى مصالحها وتحميهم من غضبة أبناء فلسطين، بدلاً من أن تقوم باغتيال قادتها ومؤسسيها وتصفيتهم الواحد تلو الآخر، كما جرى لبعض أسماء قادة حركة حماس ومؤسسيها الذين استشهدوا بصواريخ طائرات العدو الصهيوني أو عملائها:

1- الشهيد الشيخ أحمد ياسين – مؤسس حركة حماس – الذي عاش معظم سنين حياته مقعدا مشلولا يتنقل بواسطة كرسي مدولب، ورغم ذلك لم يفتّ ذاك العوق بإصراره على مقارعة الاحتلال الصهيوني البغيض فاعتقل سنوات طويلة ولمرات عديدة كما وتعرض لمحاولات فاشلة للقضاء عليه من قبل قوات الاحتلال، ليسقط أخيرا شهيدا فجر يوم الاثنين 22/3/2003.

2- الشهيد د.عبد العزيز الرنتيسي، تعرض للاعتقال من قبل قوات الاحتلال لسنوات ، كما تم إبعاده لسنوات، وفي العاشر من حزيران/يونيو 2003 نجا من محاولة اغتيالٍ نفّذتها قوات الاحتلال الصهيوني، وذلك في هجومٍ شنته طائرات مروحية صهيونية على سيارته، حيث استشهد أحد مرافقيه وعددٌ من المارة بينهم طفلة، واستشهد الدكتور الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه في 17 نيسان/أبريل 2004 بعد أن قصفت سيارتهم طائرات الأباتشي الصهيونية في مدينة غزة، ليختم حياة حافلة بالجهاد بالشهادة.

3- الشهيد الشيخ صلاح شحادة (القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس) الذي اتهمته سلطات الاحتلال الصهيوني بأنه مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" والذي عرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، كما وجهت له تهم تشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح، وإصدار أوامر بشن هجمات ضد أهداف عسكرية صهيونية، فاعتقل لسنوات بلغت اثنتي عشرة سنة ووضع في الحجز الانفرادي طويلا، واستشهد أخيرا بتاريخ 23 تموز (يوليو) 2002 بقصف جوي وذلك بإلقاء قنبلة تزن طنا ألقتها طائرة إسرائيلية من نوع F16على بناية في حي مزدحم بمدينة غزة، مما أدى إلى استشهاد 18 فلسطيني بينهم ثمانية أطفال، يومها قال السفاح الجزار شارون بعد استشهاده "ضربنا أكبر ناشط في حركة حماس، الشخص الذي أعاد تنظيم حركة حماس في الضفة الغربية من جديد، إضافة إلى النشاطات التي نفذها في قطاع غزة. لم ننو المس بالمدنيين إطلاقا، ونأسف على موت المدنيين، لكن هذه العملية هي واحدة من أكثر العمليات نجاحًا".

4- الشهيد سعيد صيام، الذي شارك في لجان الإصلاح التي شكلها الشهيد الشيخ المجاهد احمد ياسين لحل النزاعات والشجارات بين الناس منذ مطلع الانتفاضة الأولى التي عرفت بـ"انتفاضة المساجد" أو "انتفاضة اطفال الحجارة".، كما مثل حركة حماس في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، وكان عضو القيادة السياسية لحركة حماس في قطاع غزة حيث تسلم دائرة العلاقات الخارجية في الحركة، و استشهد يوم 15 يناير 2009 وفي اليوم العشرين للهجوم الصهيوني الغادر على غزة الصمود والإباء (2008- 2009) بمعية زوجة شقيقه وولده وقيادي آخر في حماس من خلال قصف منزل شقيقه بواسطة صواريخ جو أرض كانت أطلقتها طائرة صهيونية من نوع F16!!.

وقافلة الشهداء تطول وتطول، وما ذكرته من أسماء شهداء حركة حماس كان فيض من غيض!!.

 

ختاما ...

نردد على مسامع هذا الداعية "الاسلامي!!" الدعي والسفيه، ما جاء في محكم آيات الله تبارك وتعالى: "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة: 111)، ثم نزيد له ونذكره بقولة الحق سبحانه وتعالى: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" (قّ:18)، فسيسأل عند لقائه رب العزة والجلال عما صدر من فيه وما تقوّل به لسانه من تحريف للحقائق وطعنه بجوهر وصفاء ونقاء حركة تحرر عربية إسلامية سقطت من أبنائها كواكب نيرة من شهداء دفاعا عن أرض العروبة والإسلام في فلسطين!!، ثم نزيد كرة أخرى فنقول لهذا الداعية الإسلامي الدعي السفيه محمد الأباصيري، الله ورسوله منك براء براءة الذئب من دام ابن يعقوب، وأننا بتصريحك الباطل ذاك لم نفاجأ، فلقد سبقك الرسول الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم" منذ أكثر من ألف وأربعمائة وبضع سنين فحذرنا من زمان ستظهر فيه أنت ومَنْ شابهك وحاكاك ممن يخونون ويكذبون ويحرفون الحقائق ويطمسونها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ ، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهِنَّ الصَّادِقُ ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ »، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : المَرْؤُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ …صدق الرسول الأمين.

ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا...