الثامن من اذار محطة في تاريخ نضال المرأة التحرري

بقلم: عباس الجمعة

الثامن من اذار محطة في تاريخ النضال التحرري حيث يتميز “يوم المرأة العالمي” اهمية خاصة لدى كافة المناضلين واحرار العالم ، من خلال الدور الذي قطعته المرأة على طريق النهوص بها والظفر بما كانت تطمح إليه من مكانة .

أن المرأة لم تستكن ولم تستسلم، وناضلت بلا كلل أو ملل وشقت طريقها بثبات وخطوات واثقة، وحاولت بكل السبل أن تحتل مكانها اللائق بها في المجتمع جنبا إلى جنب مع الرجل.. استطاعت المرأة بعد مسيرة نضالية طويلة استغرقت ردحا من الزمن لم تيأس خلالها ولم تضعف بل بقيت أكثر إصرارا على التمسك بحقوقها وعدم التهاون أو التفريط بها مهما كانت العقبات ومهما كانت الصعاب.

حقا فقد حققت المرأة في فترة وجيزة ما لم يحققه الرجل في فترة زمنية طويلة.. إذ بدأت من حيث انتهى الرجل وغذت السير في نفس الطريق لتحقق السبق في كثير من العمل السياسي والنضالي.. وعرفنا أسماء لامعة مناضلات وسيدات ، وحق االشعوب أن تفخر وتباهي بهن وتسجل اسماءهن بمداد من نور في سجل الخالدين والخالدات.

أن شعوبنا وجماهيرنا برجالها ونسائها تظل دوما متفوقة ، وما الجوائز العلمية العالمية التي تحصل عليها المرأة العربية والفلسطينية إلا تتويج لمسيرتها العلمية ،لم تعد المرأة العربية والفلسطينية مهمشة بل فرضت نفسها لتصبح أستاذة جامعية ووزيرة ونائبة ومناضلة تضطلع بمهام كثيرة على خير وجه، ولتؤكد قدرتها على تخطي ما يصادفها من صعاب والتعامل مع كل المستجدات بحنكة ودراية .

ولعله من الواجب في هذه المناسبة أن نحيي المرأة الفلسطينية كنموذج مشرف للمرأة العربية في ثباتها على أرضها وتمسكها بحقها ودفاعها عنه جنبا إلى جنب مع الرجل، وهي تملك من الحماس الكافي للمضي قدما في القيام بمسؤولياتها في مختلف المجالات. .

حين يقف الرجال إجلالا للمرأة ، فهم بهذه الوقفة إنما يحترمون إنسانيتهم ، ويقرون بتلك الشراكة الأبدية في الحياة ، سعيا مشتركا لبناء عالم مليء بالمحبة والسعادة والخير والسلام ، بعيدا عن الشرور والحروب والكوارث .

الثامن من آذار يوما عالميا للمرأة ، فأن كل الأيام الصعبة والجميلة هي ايام للمرأة الفلسطينية والعربية ، فقد شاركن في النضال على كافة المستويات وفي دعم الحركات السياسية الوطنية ، وتقدمن للشهادة ، وقامن بدورهن على أكمل الوجوه ، كل هذا من أجل أن تكون فلسطين حرة ، والعدالة الاجتماعية والديمقراطية هي التي تسود مجتمعاتنا العربية الخالية من الطائفية والأحقاد.

وإذا كانت المرأة الفلسطينية قد تحملت كل هذا فقد سجلت بفخر صفحات مضيئة من التاريخ الفلسطيني يفتخر بها الرجال والنساء ، فكل الأيام هي أيام المرأة لأنها تناضل من أجل تخطي كل القيم الرديئة والبالية والتغيير نحو الأجمل والأحسن ، ولم تزل رغم كل المصاعب والمصائب مستمرة في العطاء وسلوك الدروب المليئة بالأشواك من اجل أن تحقق الأهداف السامية والنبيلة للشعب الفلسطيني .

فالتحرر الحقيقي للمرأة إذن، هو التحرر من الاضطهاد الاجتماعي بمساواتها بالرجل في الحقوق، وفي اتخاذ القرار في كل الميادين وعلى كل المستويات، والمشاركة في الأنشطة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأسرية والنضالية، هذا هو التعبير عن حقيقة الارتباط الوثيق بين قضايا المرأة الفلسطينية والعربية وقضايا مجتمعاتها في الاستقلال الوطني والنهوض والتقدم الاجتماعي والتنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية بالالتحام العضوي بالعامل القومي العربي من حولنا، وهي قضية يتحمل مسؤوليتها الطليعة المثقفة من الرجال والنساء على حد سواء، لأن مواجهة جوهر الأزمة الراهنة، بكل مظاهر التخلف والتبعية والجهل والاستبداد والقهر، إلى جانب الفقر وسوء توزيع الثروة وغياب العدالة الاجتماعية، يحتم هذا الترابط الجدلي الفعال بين السياسة والاقتصاد، أو بين التحرر الوطني والقومي من جهة، والتحرر الديمقراطي المجتمعي الداخلي من جهة أخرى.

لقد انخرطت المرأة في النضال داخل فلسطين وخارجها، وخاضت ببسالة معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية في مواقع وساحات جغرافية ونضالية مختلفة ، وانضوت تحت لواء منظمات المقاومة الفلسطينية.

وغني عن القول فأن المرأة ظهرت في عدة صور ، فهي الأم التي حثت أبنائها وبناتها على التعليم والعمل والإنتاج ، وأرضعتهم حليب الثورة وحثتهم على النضال والإستشهاد أيضاً ، وهي المعلمة التي علمت أجيال والعاملة الكادحة التي أنتجت ، والمنظمة التي قادت خلايا تنظيمية ونقلت الرسائل وسهلت اختفاء المناضلين، و هي المرأة المحرضة والداعية السياسية النشطة والقائدة الجماهيرية ، و المقاتلة ضد الإحتلال من أجل الحرية والإستقلال ، فشاركت بالقلم والحجارة وزجاجات المولوتوف وفي العمل المسلح ، فهي التي شاركت في عمليات نوعية عجز عنها العديد من الرجال من خلال العمليات الإستشهادية ، كما ولعبت المرأة الفلسطينية دوراً محورياً في حماية التقاليد والتراث الوطني وغرس احترام القيم الوطنية .

وقدمت المرأة الفلسطينية الأم المثالية والمناضلة المميزة والقائدة الفذة ، قدمت الشهيدة الخالدة والأسيرة الصامدة والمبعدة الحالمة بالعودة ،والمحررة الصابرة التي أمضت شهور و سنوات طويلة وراء القضبان .

وكانت شادية أبو غزالة أول شهيدة فلسطينية استشهدت اضافة الى العديد من الشهيدات البطلات اللواتي شكلن نموذجا للعطاء والتضحية في المقاومة الفلسطينية والعربية ومنهن دلال المغربي وسناء محيدلي وغادة الحلبي وتحرير منصور وعندليب طقاطقة ووفاء ادريس وايات الاخرس وجوهر ابو رحمة ويسار مروة وغيرهن .

وامام كل ذلك نقول ان ارادة الشعب الفلسطيني واسراه هي الاقوى وخاصة نحن في شهر العطاء والنضال شهر اذار الذي يشكل حافزاً لنا ولكل الشعب الفلسطيني ، فيكفي في هذا الشهر ان تأتي ذكرى اليمة وهي ذكرى استشهاد القائد الرمز الفلسطيني العربي محمد عباس " ابو العباس" الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ، مع يوم المرأة العالمي ، ومع عملية الشهيدة البطلة دلال المغربي وعملية الطيران الشراعي لابطال جبهة التحرير الفلسطينية وذكرى معركة الكرامة ويوم الارض ، كل هذا يعطينا الأمل و الهدف نحو الحرية والاستقلال والعودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على أرض فلسطين.

الجميع يدرك ان التاريخ لا يرحم ولن يرحم أحدا، اليوم يطرق الشعب الفلسطيني أبواب الانتفاضة الثالثة ، وها نحن نرى ما يسمى بالثورات العربية كما يحلو للبعض تسميتها انها لم تأتي بالتغيير المنشود، بل للاسف ارادوها فوضى خلاقة من خلال قواهم المسمية باسماء دينية تكفيرية ارهابية لتحصد الابرياء ، والحكام الذين يلهثون وراء السراب لم تعد بوصلتهم نحو تحرير القدس وفلسطين والجولان وغيرها من الأراضي المحتلة، فأي ربيع هو إذا كانت فلسطين خارج الحسابات، وأي ربيع ودماء فلسطين السجينة تسيل دون أن يرف رمش الدول العربية صاحبة قرارات لم تنفذ ، بينما كيري يقودهم باتجاه قبولهم باتفاق اطار مرفوض من الشعب الفلسطيني ، ولكن نقول ان دماء شهداء فلسطين وان صمود اسرى فلسطين بصمودهم الخلاق سيعيدون القضية الفلسطينية التي تناساها اصحاب الجلالة والفخامة والسيادة ، ويرسمون فجر الحرية القادم ومعهم كل المناضلين والاحرار في الامة العربية .

لذا اصبح لزاما على الجانب الفلسطينى الإسراع في انهاء الاتقسام ،وان تتحمل كافة الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية مسؤولياتها التاريخية لمواجهة الصعوبات والمشاكل التى تواجهها القضية الفلسطينية في ظل تجاهل أمريكا والعرب للقضية الفلسطينية والتطبيل بتصفية القضية والحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني 0إن الرد الحقيقي المطلوب على المواقف الامريكية, وغطرسة الاحتلال فى الاعتداء على الحقوق الفلسطينية ,يتطلب الاسراع بانهاء الانقسام الكارثي, والعمل بإستراتيجية وطنية جديدة تتضمن كافة أشكال المقاومة التى اقرتها الشرعية الدولية ، والانضمام إلى المؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية، وحشد المزيد من التضامن العربى والدولي مع الشعب الفلسطيني.

وبالرغم من ذلك أثبتت الأسيرة الفلسطينية كما المرأة الفلسطينية عامة أنها عصية على كل مؤامرات الإحتلال في الحط من عزيمتها ، فخاضت منذ بداية تجربة الاعتقال العديد من النضالات والخطوات الاحتجاجية في سبيل تحسين شروط حياتهن المعيشية وللتصدي لسياسات القمع والبطش التي تعرضن لها ، وقد شاركت جنباً إلى جنب مع الأسرى بالعديد من الإضرابات المفتوحة عن الطعام استمر بعضها إلى أسابيع وشهور ، واستطاعت الأسيرات بفعل نضالاتهن وصمودهن تحقيق العديد من المنجزات وبناء المؤسسة الاعتقالية باستقلالية داخل السجن. .

أن يوم المرأة هذا العام هو يوم الانتصار لكرامة وحرية المرأة الفلسطينية والعربية التي دفعت ثمنا غاليا ، فالمرأة العربية عن المرأة الفلسطينية في النضال وهذا ما رايناه في مسيرة التغيير، التي تجتاح المنطقة العربية، ولم تمنعها التقاليد المحافظة، التي تحكم أغلب البلدان العربية من المشاركة في نضال المرأة، فكان للنساء في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين دورا في تقدمهن الصفوف ليقفن إلى جانب الرجال داعيات إلى تحقيق تحول ديمقراطي في المجتمعات العربية مع فارق كبير يميز ثقافة كلا من البلدين ونظرة النخب فيهما لدور المرأة في المجتمع.

ان دور المرأة العربية التي قدمت الشهيدات وفي مقدمتهم سالي زهران تؤكد على اهمية دور المرأة والانتصار لها كما للوطن والشعب فهي اليوم تحتل قائمة شرف معطرة بدماء الشهادة والنصر، دماء تفتحت بها ورود الحرية، ورود تستمد نضارتها الدائمة من تلك الدماء الطاهرة.

ختاما لا بد من القول ان استنهاض طاقات المرأة في اطار فصائل منظمة التحرير والمؤسسات الوطنية والجمعيات والمؤسسات الاهلية يجب ان يكون نموذجا ديمقراطيا حتى تتمكن المرأة من خلال نضالها الدؤوب تحقيق المساواة الحقيقية في الحقوق، وفي مختلف الميادين والمجالات.