المرجعية الموحدة والدعم العربي يثبت صمود المقدسيين

بقلم: حنا عيسى

منذ حرب الـ1967 واعلان اسرائيل بضم مدينة القدس الشرقية اليها واعتبارها "العاصمة الأبدية لاسرائيل" رغماً عن إرادة أهلها الفلسطينيين، ومنذ ذلك الوقت تعاقبت الحكومات الاسرائيلية على العمل لإقرار وتطبيق الاجراءات من جانب واحد، خارقةً بذلك القواعد والقوانين الدولية وضاربةً بعرض الحائط جميع القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومختلف المنظمات والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة والتي جميعها اعتبرت مدينة القدس جزءا لا يتجزأ من الأراضي العربية المختلفة، وأن ما تقوم به اسرائيل في المدينة مخالف لصلاحيات الدولة المحتلة حسب القواعد والقوانين الدولية.

ومنذ ذلك الحين عمدت سلطات الاحتلال لتهويد المدينة وتوطيد السيطرة عليها من مصادرة الأراضي واقامة المستوطنات، حيث اتبعت استراتيجية التهويد العمراني ومصادرة الاراضي واستخدام اساليب مصادرة الأراضي المتنوعة، ومن أهم هذه الأساليب كانت مصادرة أراضي الغائبين ومصادرة الأراضي لأغراض عسكرية وأمنية، كما هناك مخططات هيكلية تهدف الى زيادة عدد السكان اليهود عبر التطور الاسكاني، وشملت مصادرة أراضي القدس الشرقية ومنع توسيع الأحياء الفلسطينية وتحويل مساحات واسعة منها الى مناطق خضراء يحظر البناء فيها، ناهيك عن شراء الأراضي عن طريق الصندوق القومي والتي تعتبر مؤسسة "هيمنوتا" المسؤولة عن عملية الشراء هذه.

والبلدة القديمة من المدينة المحتلة هي عبارة عن 0.9 كيلومتر مربع داخل الجزء الشرقي من مدينة القدس الحديثة، وهي موطن لعدد من الرموز الدينية، مثل حائط البراق وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى وقبة الصخرة.

وابتداءً من القرن التاسع عشر، قسمت البلدة إلى أربعة أحياء:

    حارة النصارى.

    الحي الإسلامي.

    حارة الأرمن.

    حارة الشرف والمغاربة.

 

وهي تعاني السياسات الاحتلالية ذاتها كسائر مناطق المدينة المقدسة من تهجير لسكانها واقامة للمستوطنات والتجمعات اليهودية على حساب الارض العربية وهدم منازل المقدسيين فيها، اضافة لامتداد سلسلة من الحفريات والانفاق اسفلها تهدد بينانها التاريخي العريق بالهدم والتدمير، اضافة الى الاعتداء اليومي والانتهاك المتعمد لمقدساتها الاسلامية والمسيحية من مساجد وكنائس واديرة.

وبناء على ما تقدم ومن خلال الاستعراض  لوقائع سياسات الاحتلال والاجراءات التعسفية بحق المقدسيين في القدس والبلدة القديمة منها، والتي تعتبر عوامل طارده لهم يتوجب علينا تعزيز صمودهم من خلال :

أولا: على المستوى السياسي

اعتماد مرجعية واحدة موحدة للقدس وذلك من خلال العمل على تعزيز دور المؤسسات المقدسية وخاصة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي صدرت بمرسوم رئاسي من السيد الرئيس وتنسيق العمل السياسي للقدس وفقاً لرؤية استراتيجية سياسية تستند على اساس ان القدس منطقة منكوبة من الطراز الاول وبناء على ذلك لابد من رسم الخطط  التي من شأنها تعزيز صمود المقدسيين في القدس بكافة الاشكال والاعلان بشكل رسمي وسياسي ومن قبل الجهات ذات الاختصاص عن قانون العاصمة لدولة فلسطين (القدس).

ثانيا: على مستوى الجهات الفلسطينية الرسمية

اقرار ضريبة الواحد بألف من موظفي القطاع العام (منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية) لصندوق القدس الوطني، واصدار طابع القدس، دفع ضريبة القدس على المعابر بمبلغ محدد وضريبة المعاملات المالية والتجارية وضرائب موزاية كمتقطعات من القطاع الخاص وادراج القدس بشكل دائم على جدول اعمال اللجنة التنفيذية مما يؤدي الى استمراية اتخاذ اللجنة التنفيذية للقرارات السياسية والاجتماعية واتخاذ المعالجات المستمرة لواقع القدس ومتطلباتها.

ثالثا: على  المستوى القانوني والدولي

 مطالبة المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لوقف النقل القسري المهدد للمقدسيين وتأمين الحماية للفلسطينيين في الأرض المحتلة، ووقف انتهاج سياسة التطهير العرقي التي تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، وتحريك دعاوى امام محكمة العدل الدولية ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لوقف اسرائيل تنفيذ قرارها المخالف للعرف والقانون الدولي والمطالبة بالغاء قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، لما ينطوي عليه من تمييز عنصري ضد الفلسطينيين، وضمان حرية الفلسطينيين في القدوم إلى القدس والخروج منها، والإقامة والعيش فيها.

رابعا: على الصعيد التعليمي والصحي

 تفعيل دور مديرية التربية والتعليم كمرجعية للتعليم في القدس كشراء وإستئجار أبنية لإستعمالها كمدارس وتفعيل المواثيق الدولية ذات العلاقة، تأهيل المعلمين (من خلال المديرية) وزيادة الرواتب والحوافز وتسديد التأمينات الإجبارية .

وعلى الصعيد الصحي تعزيز واقع المؤسسات الصحية الوطنية من خلال تعزيز موزاناتها المالية. زيادة عدد العيادات والمراكز الصحية في القدس للزيادة الملحوظة في تعداد السكان. العمل على فتح مستشفى في البلدة القديمة والتفكير بغيره في باقي أحياء القدس و تزويد المراكز الصحية بأجهزة طبية متطورة، وفتح مراكز إسعاف أولي في مختلف أحياء المدينة.

خامسا: على مستوى الاسكان في القدس

متابعة ما كان قد حث عليه يوما أمير القدس الراحل فيصل الحسيني حين قال "اشتري زمناً في القدس"، ومع ازدياد ضرائب الأرنونا على المقدسيين وفرض اجراءات تعسفية بحقهم لاستصدار أوامر تراخيص البناء يتوجب دعمهم ماديا بالدرجة الأولى دوليا ومحليا ومن المؤسسات الخاصة ورجال الأعمال، وذلك من أجل الحفاظ على تواجدهم في المدينة وعدم لجوئهم للنقل الى قرى ضواحي القدس خارج جدار الفصل العنصري كبلدة كفرعقب – عناتا – سميراميس ...

سادسا: على مستوى المؤسسات المقدسية

سياسة إغلاق المؤسسات في مدينة القدس تهدف إلى حرمان أهالي القدس من حقهم في الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي حرمهم الاحتلال منها. إن تلك السياسات غير معزولة عن سياسات الاحتلال التي تمارس ضد المقدسيين والتي تهدف بمجملها إلى تهويد المدينة وتفريغها من سكانها ضمن إغلاق المؤسسات المقدسية ومصادرة الأراضي وبناء المستعمرات وهدم المنازل وسحب الهويات وإغلاق المدينة وعزلها عن باقي أجزاء الوطن من خلال الحواجز العسكرية وإقامة جدار الفصل العنصري، لذلك يتوجب على السلطة الوطنية الفلسطينية تخصيص مبالغ للحفاظ على هذه المؤسسات واعادة افتتاحها، وذلك كي لا يلجأ المواطن المقدسي للعمل لدى دولة الاحتلال، أو كي لا تسيطر المؤسسات الأجنبية على المدينة بموجب شروطها الخاصة.

سابعا: على مستوى الأسرى و الجرحى

دعم  أسرى القدس مادياً ومعنوياً و ذلك لما يعانيه الأسير المقدسي من قوانين جاحفة بحقه، وايضا دعم الجرحى المقدسيين بتوفير العلاج لهم مجانا داخل البلاد أو خارجها.

ثامنا: على المستوى العربي

مطالبة الدول العربية الإيفاء بما تعهدت به من التزامات مالية لدعم الموازنة الفلسطينية وفق قرارات قمة بيروت لعام 2002، والوفاء بشبكة الأمان المالية المقرة في قمة بغداد لعام   2012 وفي قمة الدوحة 2013 بانشاء صندوق القدس بمليار دولار .

مطالبة القائمين على الصناديق التي أنشئت من أجل القدس تفعيل عمل تلك الصناديق، دعماً لصمود أهل القدس وتثبيتهم في مدينتهم.

ضرورة إجراء عمليات توأمة بين القدس عاصمة دولة فلسطين وعواصم ومدن الدول العربية لدعم صمود الأهل في القدس الشريف في جميع المجالات.