الارهابيون المتأسلمون .. . وسياسة المتاجرة بالدين...!!! 2

بقلم: طلعت الصفدي

الارهابيون المتأسلمون ،ومجموعات التكفيريين والظلاميين ،وتفريخاتهم ومسمياتهم المختلفة ،يستخدمون الدين مظهرا للوصول الى الحكم والسلطة والثروة ،والعنف التفجيري وسيلته. هم أدوات فاقدو الوعي يستدرجهم الارهابيون المتحضرون ( الغرب الاستعماري والولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل ) . هم الوجه المتطرف الاخر للإرهابيين المتحضرين الذين يلوكون الديمقراطية وحقوق الانسان كشعار ومدخل لإرهاب الشعوب العربية والإسلامية ،وامتصاص مقدراتها ،وفرض التبعية والإلحاق بها ،ومنع استقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بهدف ضمان الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية العسكرية والنفطية في منطقة الشرق الأوسط ،والخليج العربي ،وحماية قاعدتهم الأمامية اسرائيل .

لقد لعبت فتاوى ،ابن تيمية وابن القيم ،ومحمد عبد الوهاب السعودي ،وحسن البنا وأبو الاعلى المودودي ،وسيد قطب والقرضاوي وتفسيراتهم المختلفة لبعض آيات القرآن ،وإخراجها من سياقها التاريخي العام في تضليل الشباب المسلم ،وتعطيل لغة العقل والحوار ،والقفز عن التفسير الحقيقي لآيات القرآن وللأحاديث النبوية ،والإساءة للأصل المرجعي للمسلمين القرآن والسنة ،في محاولة لتغييب العقل والعلم والمعرفة ،ولي ذراع الحقيقة ،وتعطيل قوانين التطور والحركة والتغيير . لقد تكاثرت الفتاوى التي تنبع من المملكة العربية السعودية وفكرها الوهابي وتأثيراتها الضارة على المنطقة العربية والعالم ،عكست طبيعة التحالف التاريخي بين السلطة المالية ممثلة في ابن سعود ،والسلطة الدينية ممثلة في ابن عبد الوهاب ،ومحاولاتهم فرض الدولة الدينية على المجتمعات العربية والإسلامية ،وإبقائها في حظيرة التخلف والجهل وعدم الاستقرار.

ان أخطر ما في تلك الفتاوى ،اتهام وتوصيف المجتمع العربي ،وسلطاته الحاكمة بالمجتمع الكافر ،وتكفير كل من يخالفهم الرأي حتى وان كانوا من علماء الأزهر الشريف ،وإصرارهم على تفجير دماغه واجتهاداته ،مستخدمين القتل دون تمييز ،والتفجيرات الانتحارية ،وزعزعة الاستقرار ،ومحاولة ايقاف حركة التاريخ عند تصوراتهم الميتافيزيقية . وباسم الدين تتصاعد المجازر التي ترتكب بحق المدنيين المسلمين ،ويجري تدمير بيوت العبادة ،وقتل النفس التي حرم الله قتلها ،وتفجير أنفسهم تحت حجج انتظار بنات الحور لهم على ابواب الجنة ،ونسوا في زحمة التضليل والتكفير ان البنات الحور لا يستقبلن قتلة المسلمين والمدنيين من الاطفال والنساء والمسنين ،ولا يستقبلن من يقوم بتفجير بيوت العبادة ،بل الشهداء الذين يدافعون عن شعوبهم المستضعفة ضد المحتلين والغزاة ،وضد الظلم والقهر ،والاستغلال والفساد والاستبداد والاضطهاد الذي يتعرض له العرب والمسلمين بغض النظر عن المذهب او الطائفة.

ان بعض الفتاوى التي يروجون لها في كتبهم ككتاب " الفريضة الغائبة " المعتمد لدى حركة الأخوان المسلمين والذي يدعي بوجود عدوين أحدهما قريب والآخر بعيد ،فالعدو القريب في نظرهم هم الحكام المسلمين الذين لا يطبقون الشريعة الاسلامية في الحكم ،والبعيد هي اسرائيل التي تحتل فلسطين ،وتستولي على مقدساتها الاسلامية والمسيحية ،ويمارس مستوطنوها المتطرفون تحت حراسة جيش الاحتلال ،هجومهم اليومي الشرس على المسجد الأقصى ،وفرض وقائع جديدة على الارض لتغيير معالمه ،والرقص في باحاته طبقا لرؤاهم التوراتية والتلمودية الزائفة على مرأى ومسمع من الارهابيين المتاسلمين ،وكأن تلك المقدسات ليست رمزا لعقيدتهم الدينية. هذا التصور العقيم يدعو في نظرهم الى تأجيل محاربة الاحتلال الاسرائيلي الى أجل غير مسمى ،فالمعركة المقدسة في فتواهم الآن هو قتال انظمة الحكم في العالم العربي والإسلامي ،والكتاب يعطي الاجابة على التساؤل المتواصل ،لماذا لا يوجه التكفيريون والإرهابيون والمتاسلمون هجومهم على الاحتلال الاسرائيلي ؟؟. ان هذا يكشف بكل وضوح طبيعة العلاقة المباشرة وغير المباشرة بين الارهاب المتاسلم والإرهاب المتحضر ،فالأخير على الرغم من ادعاءاته محاربته للإرهاب ،لكنه يغذيه بالسلاح وبالمال وبالمرتزقة !!!!! ففي أكثر من بلد عربي وإسلامي يتحالف الارهابيان ضد الشعوب ،ويعملان على توتير الاوضاع الداخلية ،ويجلبون المرتزقة والأجانب لتعميق الصراعات بين ابناء الوطن الواحد ،لقد انغمس التكفيريون كليا في خدمة الغرب الاستعماري ،واستطاعوا تحويل الصراع الذي تخوضه الشعوب العربية ضد الاحتلال الاسرائيلي ،والفكاك من التبعية للولايات المتحدة الامريكية ،والتخلص من الاستبداد والتخلف والفقر والأمية ،الى صراع وهمي مذهبي وطائفي بين الشيعة والسنة ،وتعميق الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،ووقف عجلة التطور والتقدم .

لفت نظري في احدى الفضائيات المصرية حديث العلامة فضيلة الشيخ شعراوي ،وهو يتمايل يمينا ويسارا ليؤثر في المتابعين من المستمعين في احدى دروسه الوعظية ،عندما قال " الاسلام في بداية عهده كان يوحد المسلمين ،اما اليوم فان الاسلام يفرق المسلمون "،وتساءل البعض كيف ذلك يا مولانا ؟؟؟؟ اجاب : اليوم هناك المئات من الجماعات الإسلامية ،والمنظمات ذات الاسم الاسلامي كل جماعة منها تدعي انها صحيح الاسلام ،وإنها المرجعية الصحيحة الوحيدة له ،وان باقي الحركات والمجموعات الاسلامية الاخرى باطلة ،وبالتالي فهذا ما يعمل على فرقة المسلمين ،على الرغم ان المرجعية الحقيقية للإسلام هو القرآن والسنة .

طلعت الصفدي غزة – فلسطين

[email protected]