انتهجت السطات الإسرائيلية في النقب، ومنذ عام 1948 كل الوسائل وطرق التهجير القسري لتحصر من بقي في أرضه من سكان النقب بعد النكبة، في أصغر مساحة من الارض تمهيداً للاستيلاء على معظم أراضيه. وعليه فقد دفعت إسرائيل بمن تبقى بعد النكبة من فلسطينيين إلى مناطق ذات مساحات صغيرة جداً، لا تتجاوز 1% من مساحة النقب كاملة، وذلك لتفريغ أراضيهم منهم أو "تنظيفها" كما تسميها إسرائيل. سُميت هذه المناطق "السياج" وفُرض على كل من كان فيها الحكم العسكري من عام 1952 وحتى عام 1968، وهو العام الذي بدأت فيه السلطات الاسرائيلية ما يسمى بـ "بلديات التركيز"، وهي تجمعات حضرية مفتعلة، هدفت إسرائيل من تأسيسها إلى حشر وحصر من تبقى من سكان النقب الفلسطينيين، بعد تهجير ما يزيد عن 90% من أصل 80 ألف عربي فلسطيني في عام النكبة، لتحويلهم من فئة منتجة في قطاع الزراعة وتربية الماشية إلى عمال مياومة يخدمون قطاع الصناعة والخدمات في إسرائيل. عدد هذه البلديات 7 وهي: تل السبع، رهط، كسيفة، شقيب السلام، اللقية، حورة وعرعرة .
ومشروع برافر أو مخطط برافر – بيغن: هو قانون إسرائيلي أقره الكنيست يوم 24 حزيران/ يونيو 2013 بناء على توصية من وزير التخطيط الإسرائيلي إيهود برافر عام 2011 لتهجير سكان عشرات القرى الفلسطينية من صحراء النقب جنوب إسرائيل، وتجميعهم في ما يسمى "بلديات التركيز"، حيث تم تشكيل لجنة برافر لهذا الغرض. ويعتبر الفلسطينيون هذا المشروع وجها جديدا لنكبة فلسطينية جديدة، لأن إسرائيل ستستولي بموجبه على أكثر من 800 ألف دونم من أراضي النقب وسيتم تهجير 40 ألفا من بدو النقب وتدمير 38 قرية.
ومشروع أو قانون “برافر” يعد استمرارا لحملة الاقتلاع التاريخي للفلسطينيين العرب من وطنهم وإحداث نكبات متتالية بحقهم عبر هدم مئات البيوت العربية، وسلب ما تبقى لأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948 من أرض في منطقة النقب، وهو المشروع الذي سيحصر الفلسطينيين الذين يشكلون 30% من سكّان النقب على 1% فقط من أراضي هذه المنطقة. وهو ما يعني ايضاً تفكيك القرى العربية المتناثرة في منطقة النقب بذريعة إعادة تنظيم الوجود العربي الفلسطيني في النقب، في هدف يخفي في جوهره السعي لتفكيك الهوية العربية الفلسطينية للنقب استكمالا لمشروع تهويد الجليل في السبعينيات، ومشروع تهويد القدس وغور الأردن وأجزاء واسعة من الضفة الغربية.
ولاقى المخطط "برافر" ادانة واستنكار محلي فلسطيني وعربي ودولي، حيث نشرت اللجنة الأممية للقضاء على التمييز العرقي التابعة للامم المتحدة تقريرها السنوي الذي تصدر من خلاله جملة توصيات يتم اتخاذها بناءاً على معلومات تقدم للجنة من قبل الدول ومن قبل مؤسسات غير حكومية. وقد تطرقت اللجنة في توصياتها لمخطط برافر وأبدت اللجنة مخاوفها من تنفيذ هذا المخطط وقد استندت في ذلك إلى معلومات وتقرير مفصل كان قد بعث به منتدى تعايش السلمي في النقب للمساواه المدنية إلى اللجنة. ومن جانبهم أعرب عدد من أعضاء البرلمان الأوربي عن قلقهم الشديد بخصوص مخطط برافر، كما أصدرت المفوضية الأوروبية تقريرها المرحلي السنوي حول تنفيذ الشراكة الأوروبية الاسرائيلية (تقرير السياسات للدول المجاورة الشريكة)، حيث أشار التقرير إلى أن التطوّر بما يخص الجماهير العربية داخل اسرائيل جاء محدودا، وأن حقوق الجماهير العربية لا زالت محدودة خلال العام 2011، كما اعرب أعرب مجلس النواب الأردني عن ادانته لهذا المخطط، ودعا المجتمع الدولي وبخاصة المجالس النيابية والتشريعية إلى إدانة واستنكار هذا القانون والضغط على اسرائيل للعودة وعنه وعدم تطبيقه.
كما وتطوع العديد من النشطاء داخل إسرائيل وخارجها بالمطالبة ببناء مجموعات عمل تدعم النقب فعلياً على مستوى الزيارات الميدانية وتشكيل الضغط الإعلامي والبرلماني والدولي لمنع تنفيذ المخطط. ذلك بالتوازي مع تنظيم المظاهرات والمسيرات الإحتجاجية، كيوم الغضب الفلسطيني الذي خرجت خلاله مسيرات من كل من رام الله والخليل ونابلس والقدس وغزة، واسفرت فعاليات "يوم الغضب" عن قمع وإعتقال عشرات النشطاء على ايدي قوات الإحتلال الإسرائيلي، اضافة الى ذلك شارك العشرات من النشطاء العرب والاجانب في تظاهرات مماثلة خرجت في العديد من العواصم الأوروبية منها (روما وبرلين) للتنديد بالمخطط، مطالبين حكومات تلك الدول بضرورة التدخل لمنع إقرار المخطط.
ويذكر ان النقب منطقة صحراوية في جنوب فلسطين، القسم الأكبر من سكانها هم من البدو العرب الذين بقوا في هذه المنطقة بعد حرب 1948. تبلغ مساحتها 14,000 كيلو متر مربع وتقطنها الكثير من العشائر العربية وترتبط ارتباطا اجتماعيا بقبائل شبه الجزيرة العربية والأردن وسيناء، وتنحدر معظم عشائر النقب من قبيلة الترابين والتياها والعزازمة والقديرات والظُلام وقبائل اخرى، ويملكون حالياً من أراضي النقب ما يقارب ثلاثة مليون دونم، وتعتبر طبيعة المنطقة صحراوية جافة باستثناء الجزء الشمالي. وللعرب البدو مراكز وتجمعات ومدن يقيمون فيها خصوصاً مناطق قضاء بئر السبع كمدينة عارد ومدينة رهط ومدن وقرى أخرى وعددها أكثر من 240 مدينة وقرية مثل بئر هداج الاعسم وغيرها الكثير، ويبلغ تعداد سكان العرب بهذا المنطقة تقريباً 380 ألف نسمة نصفهم من البدو الرحل حسب التقديرات السلطات الإسرائيلية عام 2000م. وأهم المدن النقب بئر السبع، رهط ،عارد، عرعرة، تل السبع (السبع)، كسيفة، حورة، اللقيه، شُكيب، أم متان، القصر، اخشم، الاعسم.