قبل أيام كشفت الطبيبة الاسرائيلية البروفسورة مئيرة فايس من خلال كتابها عن سرقة أعضاء من جثث الشهداء الفلسطينيين لزرعها في أجساد المرضي اليهود، بالإضافة إلى استعمالها في كليات الطب في الجامعات العبرية لإجراء الأبحاث عليها، وبينت فايس بعض الحقائق حول التمييز في تعامل معهد التشريح الطبي في أبو كبير مع جثث الإسرائيليين ومنع استئصال أعضاء منها، وفي المقابل يسمح باستئصال أعضاء من جثث الفلسطينيين وتخزينها في بنك الأعضاء والاستفادة منها بشكل خاص للمرضي الاسرائيليين، وذكرت فايس أن فترة الانتفاضة الأولى في العام 1987 شهدت أكبر عمليات سرقة الأعضاء خاصة مع زيادة عدد جثث الفلسطينيين، ونفذها العاملين في المعهد بأمر عسكري وبدون علم ذوي الشهداء، وسبق أن نشر صحفي سويسرى تقريرا في صحيفة سويدية "هافتن بلادت" حول سرقة أعضاء الشهداء لصالح اليهود، وقوبل هذا التقرير برد فعل اسرائيلي غير مسبوق وقامت الدنيا ولم تقعد واعتبره الإسرائيليين عداء للسامية وفي حينها حرم الصحفيين السويديين من دخول اسرائيل، ومنذ العام 2002 بدأت تظهر بعض المعطيات والتقارير عن سرقة الأعضاء وذلك عندما نشرت صحيفة يديعوت احرونوت فضيحة سرقة أعضاء بشرية في معهد الطب الشرعي "أبو كبير" وتورط الطبيب الإسرائيلي يهودا هيس بسرقة أعضاء الجثامين وخضع حينها للمحاكمة وفصل من عمله، كما أظهر تقرير كارل دونالد عن عدد سرقة أعضاء جثث الشهداء الذي فاق الألف، بينما أظهر التلفزيون الإسرائيلي تقريرا حول مخزون الأعضاء في معهد أبو كبير كالقرنيات والعظام وجلد الظهر التي كانت تنتزع من الفلسطينيين ومن دون موافقة عائلاتهم، وفي تقرير آخر نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية في العام 2008، كشف عن معطيات بأن اسرائيل تعتبر أكبر مركز عالمي لتجارة الأعضاء البشرية بشكل غير قانوني، وعن تورطها في جريمة قتل مواطنين فلسطينيين بهدف سرقة أعضائهم الداخلية والاستفادة منها بشكل غير شرعي، والاتجار بها ضمن شبكة دولية بشكل غير قانوني، كما أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتجز جثامين الشهداء، وتنتهجها كسياسة، ولا تزال تحتجز مئات الجثث في مقابر الأرقام، وترفض إعادتها وتسليمها لعائلات الشهداء، وهؤلاء تحللت جثامينهم الآن، وأخفيت معالم سرقة أعضائهم البشرية.
وبالتالي إن إصدار هذا الكتاب الجديد حول سرقة أعضاء الفلسطينيين يؤكد إفادات أهالي الشهداء وصحة شكواهم حينما كانوا يشتكون من سرقة أعضاء من أجساد أبنائهم بعد استلامها من الجانب الإسرائيلي، مما حدا بالفلسطينيين في الانتفاضة الأولى إلى تعمد خطف جثث الشهداء من المشافي ودفنها قبل وصول جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، خوفا من قيامهم بنقل جثثهم إلى المشافي الإسرائيلية بهدف سرقة الأعضاء، وكانت السلطات الإسرائيلية حينها تنفي نفيا قاطعا قيامها بالسرقة، وهذا الكتاب يعد وثيقة رسمية تثبت قيام اسرائيل بارتكاب جرائم حرب، مما يتطلب محاكمة الاحتلال وقادته على جرائمه بحق الإنسان الفلسطيني حياً وميتاً وفقا لنظام روما لعام 1998، كما أنها جريمة يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان التي تدين نزع الأعضاء البشرية من الآدمي, وسرقتها وبيعها بغض النظر عن جنسه ودينيه ولغته وعرقه، لذلك فإنه بعد توافر عدد من الأدلة والحقائق حان الوقت لتكثيف الجهود من قبل الجهات الرسمية والحقوقية وبالتنسيق مع أهالي الشهداء للقيام برفع قضايا جنائية ضد مرتكبي هذه الجريمة ، كما يتطلب تكثيف الحملات الإعلامية لفضح سياسة الاحتلال الاسرائيلي التي تعمدت سرقة أعضاء شهدائنا والمتاجرة بها في مخالفة إنسانية وقانونية وأخلاقية ودينية، فالجميع يجب أن يأخذ دوره في هذا الاتجاه باعتبارها قضية انسانية وطنية بامتياز، كي لا تبقي أسرار سرقة أعضاء الشهداء طي الكتمان لأنه سوف يساعد اسرائيل على التمادي في جريمتها بحق الانسانية دون عقاب .
بقلم / رمزي النجار
[email protected]