تابعت باهتمام شديد مهرجان حركة حماس الحاشد الذي اقامته اليوم الأحد 23 مارس 2014م على أرض السرايا في مدينة غزة، ولقد استوقفني في هذا المهرجان العديد من الملاحظات الهامة.
فالمهرجان الذي خُطّطَ له منذ أشهرٍ أو أسابيع على أقل تقدير جاء بعد يوم واحد فقط من استشهاد المجاهد القسامي حمزة أبو الهيجا، مما أعطى زخماً كبيراً لحركة حماس كانت تفقده من زمن بعيد، والحق يقال أن حركة حماس في مهرجانها قد وظّفت هذا الأمر على خير ما يُرام وركّزت عليه إلى أبعد حد ممكن، وانهالت الهتافات لحماس والقسام، في الوقت الذي غاب فيه عن بال قادتها الذين تحدثوا في المهرجان ذكر العديد من الحقائق، والتي أهمها أن استشهاد المجاهد حمزة أبو الهيجا رافقه أيضاً استشهاد المجاهد محمود أبو زينة من سرايا القدس والشهيد المجاهد يزن جبارين من كتائب شهداء الأقصى، في ملحمة وطنية قل نظيرها في مثل هذا الوقت الحالك السواد من تاريخ أمتنا وقضيتنا.
والغريب في الأمر أن المتحدثين في المهرجان من قيادات حماس ركزوا تماماً على استشهاد حمزة أبو الهيجا متناسين تماماً الشهيدين الآخرين من سرايا القدس وكتائب شهداء الاقصى الا على خجل من أمرهم، وتجاهلوا بشكل كبير ذكر حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين وجناحها العسكري سرايا القدس رغم أنهم لم يقصروا في أداء واجبهم في الدفاع عن الشهيد القسامي حمزة أبو الهيجا، ولم يَرْقَ الأمر حتى الى تقديم الشكر لهم بشكل لائق على جهدهم المبارك في هذا الأمر، رغم أن الحقائق تشير الى أن حركة الجهاد الاسلامي قد دفعت فاتورة الدفاع عن المجاهد حمزة أكثر من أبناء حماس وكتائب القسام نفسها، وهي التي قدمت أكثر من شهيد في سبيل الدفاع عنه وليس آخرهم شهيد سرايا القدس نافع السعدي الذي استشهد قبل حوالي شهرين بينما استطاع حينها صديقه حمزة أبو الهيجا الفرار من كمينٍ نُصِبَ بإحكام من قبل القوات الصهيونية الخاصة، وكان الشهيد حمزة قد قام قبل استشهاده بيوم واحد بزيارة قبر صديقه الذي فداه نافع السعدي، حيث جلس حمزة قرب قبره وهو المكان الذي كان مقدراً أن يكون قبره في اليوم التالي.
كان تجاهل قيادة حماس في مهرجانها لحركة الجهاد الاسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس أمراً مؤسفاً سيبعث على الأسف والاستياء عند الكثير من قياداتها وأبنائها وأنصارها، وهم الذين لبّوا في جزء منهم دعوة حركتهم "حركة الجهاد الاسلامي" للمشاركة في هذا المهرجان "مهرجان حركة حماس".
ومهما يكن من أمر؛ فإن حركة حماس في مهرجانها لم تسجل موقفاً أخلاقياً تجاه حركة الجهاد الاسلامي، بينما سجلت الاخيرة أكثر من موقف أخلاقي تجاه الأولى، فكثيراً ما قامت حركة الجهاد الاسلامي بالرد عل خروقات العدو المتكررة على أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية، وقامت اسرائيل بحملات من الاغتيالات التي طالت العشرات من قياداتها وأبنائها، منها على سبيل المثال لا الحصر يوم اغتيال الشهيد القائد زهير القيسي الأمين العام للجان المقاومة الشعبية، ويوم استشهاد الشيخ المجاهد في سرايا القدس أحمد الشيخ خليل وغيرها، حيث تُركت حركة الجهاد وحيدة في ميدان المقاومة ضد آلة القمع الصهيونية دون وقوف أي فصيل معها، اللهم الا بعض الأحزاب والحركات الصغيرة والمدعومة أساساً من حركة الجهاد الاسلامي.
كما سجلت حركة الجهاد الاسلامي موقفاً أخلاقياً هاماً مع حركة حماس في الحرب التي شنتها آلة القمع الصهيونية في ديسمبر 2008م فقاتلت صفاً إلى صف مع حماس وبقية القوى المجاهدة ودفعت ثمناً باهضاً من خلال استشهاد عدد كبير من أبنائها وقادتها، كما شاركت حركة الجهاد الاسلامي بقوة في العدوان الأخير على غزة والذي بدأ باغتيال القائد القسامي المجاهد أحمد الجعبري، حيث اعلنت حركة الجهاد الاسلامي بأنها ملتزمة بالرد على العدو بقطع النظر عن موقف حركة حماس، وحقيقة القول أن حركة الجهاد الاسلامي قد قامت بدور مشرف لا يقل فعالية عن دور حماس التي ينتمي إليها الشهيد، وفقدت من أجل ذلك العديد من الشهداء.
وكان التساؤل الذي كان ولا زال يطرح نفسه:
ما هو موقف حركة حماس فيما لو كان أحمد الجعبري يتبع لحركة الجهاد الاسلامي أو أي تنظيم آخر؟؟!!!.
كتب الدكتور: خالد يوسف.
هل كانت حماس ستتخذ قراراً بدخول المعركة، وهل كانت حركة حماس قد دخلت بالفعل في كل معارك الجهاد الاسلامي أو التنظيمات الأخرى قبل ذلك؟؟؟، بينما كانت حقيقة الأمور وبما لا ينكره أحد، وبما لا تخطئه عين الراصد أن حركة الجهاد الاسلامي لم تترك واجب خوض معارك الشرف مع أي حزب أو حركة مهما كبرت أو صغرت، ومهما كانت أهمية الذين تغتالهم دولة الكيان من عدمه.
لقد شاركت حركة الجهاد الاسلامي بشرف وعزة في كل المعارك التي تم خوضها في بقاع الوطن الحبيب، ولم تتوان بأي حال عن الرد بقوة على الاغتيالات والخروقات التي يقوم بها العدو بشكل دائم والتي كان آخرها اغتيال 3 من مقاوميه في قطاع غزة، والتزمت فيه حماس الصمت أيضاً رغم التنسيق المتبادل حول كيفية الرد ومحدوديته.
كل ذلك كان يُوجِب على حركة حماس وقادتها في المهرجان انصاف اخوانهم في الدم والمقاومة من أبناء حركة الجهاد الاسلامي بذكر دورهم "على الأقل" في الدفاع عن جنين أثناء استشهاد حمزة أبو الهيجا، وهم أكثر من دفع الثمن من أجله قبل وبعد استشهاده، كما كان من الجدير الإتيان من قبل قادة حركة حماس على ذكر اسم الشهيد ابن سرايا القدس محمود أبو زينة والذي استشهد وهو يدافع عن الشهيد حمزة، ومن باب أن الإحسان لا يُقابل إلا بالإحسان ... كما كنت أتوقع وأتمنى أن تسمح وتتيح قيادة حركة حماس بكلمة لقيادة حركة الجهاد الاسلامي في هذا المهرجان، كما تفعل حركة الجهاد مع حماس في كل مهرجاناتها واحتفالاتها ... لكن وللأسف فإن أيٍ من ذلك لم يحدث، رغم أن حركة حماس تُقر بأن حركة الجهاد الاسلامي هي الحركة الوحيدة في فلسطين التي لا زالت تدعمهم من الناحية السياسية.
ويبقى السؤال: هل تفوقت حركة الجهاد الاسلامي أخلاقياً على حركة حماس؟؟
ويبقى هذا السؤال رهن الاجابة لكل متابع وقارئٍ لهذا المقال.
النشر للجميع....
كتب الدكتور: خالد يوسف.