اليوم الثلاثاء الواقع في الخامس و العشرين من شهر آذار من العام ألفين و أربعة عشر، تلتئم القمة العربية الخامسة و العشرون في دولة الكويت الشقيقة دون مشاركة سورية . فكيف ستستقيم الأمور في ظل تغييب عاصمة الأمويين للمرة الثانية بعد تغييبها عن قمة الدوحة العام ألفين و ثلاثة عشر ؟ علما أن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أكد على هامش التحضير للدورة الجديدة للقمة أن " المصالح العربية لا يصونها إلا التضامن والتفاهم والعمل المشترك والموقف الموحد إزاء الأزمات التي تواجه الجميع والإعداد للمستقبل برؤية واحدة ".
إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري على الأرض العربية ، يجب أن نعرف ماذا يجري داخل القمة العربية الجديدة القديمة .. كالعادة يحتدم الجدل و يختلف الفرقاء و المكتوب يقرؤ من عنوانه .. و الجديد تحت قبة القمة العتيدة هذه المرة هو مزيد من انتهاك لميثاق الجامعة وقواعد العمل العربي المشترك في معمعة "الربيع العربي " . خطاب رسمي عربي محكوم بنصوص ميثاق يعود إلى أكثر من ستين عاما، لم يغن و لم يسمن من جوع ، بدليل أن قضية فلسطين و هي القضية المركزية للأمة العربية كانت تحتل البند الأول على جدول الأعمال العربي – العربي ، غير أن فلسطين لم تتحرر وبقيت أسيرة الاحتلال الصهيوني و المؤامرة الدولية وخطابات الزعماء العرب و الخلافات العربية – العربية و حتى الفلسطينية – الفلسطينية .
في مشهد الراهن العربي ، قال غير مسؤول عربي إن "القضية الفلسطينية والأزمة السورية وتداعيات الأزمة الإنسانية في سورية ، بعد فشل مباحثات السلام لحل الأزمة السورية في مؤتمر (جنيف 2) من أهم القضايا المطروحة على القمة ، فضلاً عن القضايا المتصلة بتعزيز العمل العربي المشترك في المجالات كافة" حيث الأوضاع صعبة في الوطن العربي والعالم في ظل التطورات السياسية في المنطقة". و لهذا يبدو أن جدول أعمالها سيكون حافلاً بالعديد من "الملفات الخلافية الشائكة" رغم إن البعض ينظر إليها على أنها ستكون قمة استثنائية .
الجميع بانتظار العرض الذي سيقدمه المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أمام القمة حول آخر جهوده واتصالاته مع الأطراف المعنية بالأزمة السورية وكيفية تفعيل العمل العربي في الدفع باتجاه الحل السياسي للأزمة. فماذا سيقول هذا الدبلوماسي العربي الجزائري المخضرم أمام القادة العرب ؟ هل سيقدم مشروعا متكاملا للحل السياسي ، أم انه سيعلن فشله في تحقيق هذا الهدف ،كما فشل من سبقه على هذا الدرب ؟
مكتوب القمة قرئ من عنوانه الجديد القديم ، و القضايا الشائكة هي ذاتها التي تواجهها القمة منذ عدة عقود زمنية ، بقيت حبيسة الأدراج مع إضافة المولود الجديد " الربيع العربي " و ما يمكن أن يتركه من تداعيات آنية و بعيدة المدى .. لذلك يمكن تسجيل الآتي :
أولا : القضية الفلسطينية لن تجد لها طريقا إلى الحل على أيدي رسمياتنا العربية و الكلام حول أسباب ذلك بات مضيعة للوقت .
ثانيا : دعم المقاومة الفلسطينية و العربية ضد الاحتلال و العدوان أبد لن يتم التطرق إليه .
ثالثا : الوحدة العربية الشاملة باتت الحديث حولها من المحرمات و كذلك كل ما يتعلق بالدفاع المشترك .بل على العكس يجري تجزئة المجزء و تقسيم المقسم بسلاسة و يسر لا نظير لهما .
رابعا : و قبل ذلك كان العمل العربي المشترك و التضامن العربي و التكامل العربي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها من ابرز مرتكزات التنمية المستدامة ، مجرد شعارات طرحت و تطرح للهروب إلى الأمام من الاستحقاقات الداخلية و الخارجية .
خامسا : من المستبعد تسوية المشاكل العربية و إجراء مصالحات عربية – عربية لأن الجرح عميق ، و كل ما جرى سابقا على هذا الصعيد كان وقتيا .
سادسا : مسألة انتقال الجامعة العربية من الجيل الأول للمنظمات الإقليمية والدولية، لتتمكن من الاضطلاع بمسؤولياتها التي تمليها عليها التحديات والمشكلات الكثيرة، التي ظهرت بالمنطقة مع نهاية عام 2010 وبداية 2011، والتي لا تزال تتعمق تداعياتها، وتضيف مسؤوليات جديدة على الجامعة ، لا أحد من الرسميات العربية يجرؤ على الخوض فيها و لذلك فان نغمة تطوير ميثاق الجامعة العربية لم تطرب أذن العرب لا في المكان و لا في الزمان العربيين .
سابعا : فشل العرب حتى الآن في تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، التي وقعت عليها 17 دولة عربية في العام 1998 ، و لهذا من المتوقع أن تشهد قمة الكويت خلافاً حول هذا الملف ، الأمر الذي يشي بأن يبقى الإرهاب دون تعريف محدد و دون تنسيق موحد لمحاربته و هو يضرب اليوم عميقا في الأرض العربية .. لذلك يبدو أن بيتكم أيها العرب سيبقى من زجاج و سيبقى الآخرون يرجمونه بكل ما يملكون من أساليب التآمر و الخداع.