الثوابت الفلسطينية هي حرية الأسرى

بقلم: فايز أبو شمالة

لا نريد تحرير تراب فلسطين المغتصب في هذه المرحلة، ولا نطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولا نسعى إلى تفكيك المستوطنات اليهودية، ولا نتمنى طرد 750 ألف يهودي يسكنون في مدينة القدس، ولا نحلم بوقف تهويد المسجد الأقصى، ولا ننادي بعودة اللاجئين إلى ديارهم، ولا نستجدي إسرائيل قطرة ماء للشرب، أو فك الحصار عن قطاع غزة، فكل ما سبق يستوجب مقاومة مسلحة، وقيادتنا السياسية تنبذ المقاومة، وتسميها عنفاً.
نحن الفلسطينيين لا نريد من قيادتنا السياسية التي اختارت المفاوضات طريقا ًإلا الإصرار على إطلاق سراح عدد 14 أسيراً، هم أسرى 48، الذين تجاهلتهم اتفاقية أوسلو سنة 1993، فقط؛ اعملوا على إطلاق سراح هولاء الأسرى، ولكم علينا أن نغمض العين عن 60 شهيداً تمت تصفيتهم منذ العودة للمفاوضات، ولكم علينا التسامح مع 11 الف وحدة استيطانية جرى تنفيذها منذ العودة للمفاوضات، ولكم علينا عدم البكاء على 219 منزلاً تم هدمها اخيراً، ولكم علينا التغافل عن 3000 معتقل فلسطيني تم اعتقالهم منذ البدء في المفاوضات الراهنة.
إن إطلاق سراح أسرى فلسطين المغتصبة سنة 48 ليمثل غاية المنى بالنسبة للشعب الفلسطيني، وهذا ما يدركه الصهاينة، لذلك تعمدوا تأخير إطلاق سراحهم حتى الدفعة الرابعة، وربطوا ذلك بتقدم المفاوضات، وهم اكثر ثقة بأن المفاوضات لن تتقدم، لأنهم لن يقدموا للقيادة الفلسطينية ولو القليل الذي يشجعها على التقدم في المفاوضات.
إن التجربة البشرية بشكل عام قد توصلت إلى نتائج تفيد بأن اليهودي أشطر مفاوض على وجه الأرض، ويعرف كيف يضع الشروط؟ ومتى يناور؟ وأنى يوظف الأحداث لخدمته، وهذا ما ظهر جلياً في آخر مقترح إسرائيلي، حين تفتق عقل اليهود الصهاينة عن فكرة شيطانية؛ لم تخطر على بال السلطة الفلسطينية، فكرة تقوم على تجميد إطلاق سراح أسرى 48 مقابل تجميد الاستيطان، إنها فكرة صهيونية ستضمن عدم إطلاق سراح أسرى 48، وفي الوقت نفسه ستضمن تواصل البناء في المستوطنات بحجة التطور الطبيعي.
المقترح الإسرائيلي يؤكد خطيئة استئناف المفاوضات دون تحرير أسرى تم اعتقالهم قبل ثلاثين سنة، وهذا يؤكد على أن الذي يفشل في تحرير أسراه مع بدء المفاوضات، سيفشل بلا شك في تحرير شبر من القدس، وهو أعجز عن إعادة لاجئ فلسطيني واحد إلى دياره.
إن كل ما يخشاه الفلسطينيون هو أن يعود المفاوض على أثره، وكما فرط بحرية الأسرى قبل عشرين عاماً، يعود اليوم ليفرط بحرية أسرى فلسطين المغتصبة سنة 1948.
إن من يفرط بحرية الإنسان لهو جاهز لأن يفرط بما هو دون الإنسان قيمة. وإذا كان هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من سفك دم مسلم واحد، فإن التوسع الاستيطاني أهون عند الشعب الفلسطيني من سفك أعمار الأسرى خلف الأسوار الإسرائيلية.