هل ستقطع حكومة غزة يد السارق وتجلد الزاني ..؟

أعادت كتلة حماس البرلمانية "التغيير والإصلاح" طرح مشروع قانون عقوبات يتضمن تطبيق الحدود الإسلامية لإقراره أمام المجلس التشريعي في قطاع غزة، والذي نوقش في عامي 2003 و2008 ولم يتم إقراره، ما آثار حفيظة المؤسسات المدنية والأحزاب السياسية، التي رفضت بالمطلق التطرق للقانون.

القيادي في حماس والنائب عنها في المجلس التشريعي بغزة يحيى موسى قال إن "القانون تم فتح القراءة الثانية الخاصة به الثلاثاء الماضي، ولم يتطرق إليه حتى يناقش، وإذا ما تم مناقشته يتم ذلك مع الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني،" وبخصوص العقوبات المغلظة (في إشارة إلى قطع اليد للسارق والجلد للزاني غير المحصن) فهي في طور النقاش، ولكن هذا لا يعني أنها سوف يتم إقرارها، بل اعتقد انه من الصعب إقرار مثل هذه العقوبات نظرا للأوضاع والظروف الراهنة في قطاع غزة".

وأكّد موسى في حديث لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، "ان إثارة، هذا الموضع في الإعلام، والتعامل مع التعبيرات القاسية فيها، لا ضرورة له، لأنه ليس هناك مشروع سيطرح في هذا الصدد". حسب قوله

وحذر موسى قائلا "لسنا في حاجة لقوانين جديدة، وإذا ما طرحت قوانين جديدة يجب ان يتم التوافق عليها، والمطلع على إثارة هذه المواضيع يعتقد أننا في حرب طاحنة بالسيوف، لذلك كل هذه القضايا لا تعبر عن الصورة الموجودة في غزة".

وينص القانون المعدل البديل عن قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936، والذي يفترض أن يناقشه المجلس التشريعي الشهر القادم بالقراءتين الثانية والثالثة، بشكل صريح على استخدام عقوبة الجلد ويشير إلى استخدام عقوبة قطع اليد، كما يعالج قضايا "الإرهاب" تحت بند خاص.

وفي باب الجنايات، يتيح القانون إعدام المتهمين، وسجنهم بالمؤبد والمؤقت بما لا يقل عن 3 سنوات ولا يزيد عن 15. إضافة إلى استخدام عقوبة الجلد بما يتجاوز 40 جلدة.

وفي باب الجنح، يتيح القانون سجن المتهمين كأقصى حد 3 سنوات وأقله أسبوع، على أن تكون الغرامة في حدود 50 دينارا أردنيا، واستخدام عقوبة الجلد بما يزيد عن 4 جلدات.

أما في باب المخالفات، فيجيز القانون حبس المتهم أسبوعا واحدا مع غرامة تصل إلى 50 دينارا والجلد بما يتجاوز 20 جلدة.

ويشير القانون المثير للجدل إلى السرقة الحدية، ويقول:" إن مرتكبها يجب أن يعاقب، من دون أن يذكر طبيعة العقوبة التي كانت في المشروع القديم محددة بقطع اليد اليمنى من المفصل لمن يسرق مقدار دينار ذهب.

لكنه يشير لاحقا إلى إلغاء عقوبة القطع عن أي شخص إذا كان ذلك يعرض حياته للخطر أو كانت يده اليسرى مقطوعة، في إشارة إلى الإبقاء على قانون قطع اليد.

وكان القانون أثار قبل عام ونصف جدلا كبيرا اضطرت معه حركة حماس إلى سحبه بعد اتهامات لها بمحاولة أسلمة القطاع وإقامة إمارة إسلامية هناك، وهو الأمر الذي تنفيه الحركة على الدوام.

وعن خشية المواطنين من هذه العقوبات قال النائب يحيى موسى "  لسنا في حاجة لانشغال الساحة الفلسطينية وجلب الخلافات، نحن في حالة تحرر وطني، وعندنا ما يكفي من القوانين، وإذا كان هناك ضرورة فإنها تقدر بقدرها". وفق تعبيره

وعلى الناحية القانونية قال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني أثناء إطلاق مركزه  التقرير الحقوقي السنوي في غزة، إن "محاولات إقرار قانون عقوبات جديد يشرع الجلد ويقيد الحريات أمر خطر على المستويين السياسي والحقوقي".

الشيخ والداعية الإسلامي عبد العزيز عودة قال لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، ان "هذه العقوبات، لها بعد نظري وتطبيقي، لأن العقوبة هي شريعة في كل الأديان،" واستدرك قائلا "ولكن لو عدنا للإسلام لوجدنا أنها كانت آخر ما فعله الإسلام بعد ان أمن الناس في كل شيء".

وأضاف" وأيضا نحن مكلفين بتطبيق حدود الله، ولكن هناك أولويات يجب ان تكون موجودة قبل الشروع في العقوبات مثل حقوق الناس الأساسية".

من جهته أوضح النائب في المجلس التشريعي عن كتلة حماس البرلمانية إسماعيل الأشقر، أن القانون الذي ستتم دراسته قُدّم للمجلس السابق عام 2005، وتمت قراءته الأولى، مشيرا إلى أنه يعاد قراءته حاليا، وسيعرض على العلماء والمفكرين والمحامين والنيابة والقضاء وأهل الاختصاص، "لملائمته مع متطلبات الحياة وتطوراتها".

وكانت فصائل اليسار الفلسطينية أعلنت رفضها لما وصفه بـ" مسعى المجلس التشريعي بغزة إقرار قانون للعقوبات في قطاع غزة في محاولة جديدة لفرض أنماط وقوانين جديدة مخالفة لطابع الدولة المدنية التي جسدها إعلان الاستقلال والقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية".

و أصدرت شبكة المنظمات الأهلية، بيانا قالت فيه إنها اتصلت بعضو المكتب السياسي لحركة حماس عماد العلمي، والنائب محمد فرج الغول مستفسرة حول القضية ونقلت عنهما القول إنه "لا يوجد إقرار لهذا القانون بالقراءة الأولى أو الثانية، وأن أية قرارات يجب أن تتم بالتشاور مع منظمات المجتمع المدني".

وكان رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي بغزة النائب محمد فرج الغول، قال في مقابلة سابقة مع "وكالة قدس نت للأنباء " ان "العالم العربي والاسلامي تطور فيه قانون العقوبات ، ويوجد به تعديلات ، فقانون العقوبات الفلسطيني موجود منذ 1936م ، أي ايام الانتداب البريطاني ، وهو محتاج الى اعادة النظر فيه ".

واضاف " نحن نرسل الى كل المعنين والنواب لاعطاء ملاحظاتهم على هذا القانون، وهناك منهم من يطالب بوضع قانون عقوبات اسلامي ومنهم من يريد قانون علماني ، ومنهم من يريد ان يبقي القانون كما هو ، يوجد اراء مختلفة لكن لم يتبلور حتى اللحظة قرار نهائي في قانون العقوبات ".

وتابع الغول " قانون العقوبات ما زال في اروقة الدائرة القانونية في المجلس التشريعي وورشات العمل ، وسيتم اخذ جميع الملاحظات المقدمة ولن نخفى شيء ونحن لا نشتغل تحت الطاولة ".

واوضح انه تم اعطاء مهلة للدائرة القانونية لمناقشة قانون العقوبات ، ومن ثم رفع صياغتها (..) ونحن راح ندرس مرة اخرى القانون ومن ثم نقدمه الى المجلس التشريعي والذي هو من سيقرر بالنهاية ."

وتعطلت أعمال المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي تهيمن عليه حركة حماس، منذ اعتقال إسرائيل لنواب الحركة في الضفة الغربية، منتصف عام 2006.

وتفاقمت أزمة المجلس في أعقاب حدوث الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، منتصف عام 2007. ويعقد نواب حركة حماس جلسات منتظمة في قطاع غزة، لكن حركة فتح التي تشكل القوة الثانية في المجلس، لا تعترف بشرعيتها.

تقرير يوسف حماد

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -