الأصول الأسطورية (للدلعونة الفلسطينية) قراءه تاريخية تراثية

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي

يتميز الفلسطينيين بتمسكهم الواضح بتراثهم ولا سيما ، في أفراحهم المميزة ، والتي يتخللها مواويل لها أبعاد تاريخية تراثية تحاكى جذور فلسطين لتعلن التلاحم بين الأرض والإنسان والتاريخ معا ،ومن الأناشيد والأغاني المميزة في تراثنا هى ( الدلعونة)

قراءة تاريخية للدلعونة :
اسم دلعونة قد حور من اسم الإله الفلسطينية القديمة عنات ، وقد بدأت جذور قصتها مع قصة حب شعبية ، بطلها شاب وشابة فلسطينيين ، أحبا بعضهما بشكل يفوق الوصف ، وكانا شاعرين ، وكان اسم الشاب ظريف الطول ( عليان بعل) ، واسم الفتاه الجميلة عنات ، وكالعادة تنتهي دوما قصص الحب العذري بالتراجيديا ، وفرقت الأقدار بين عليان وعنات ، حيث تزوجت عنات الفلسطينية من شاب من قرية أخرى، ورحلت ، وشرع عليان يبحث عن محبوبته وقال فيها أشعار تستعمل مطلع موال فلسطيني ليومنا هذا :
أنا أنا لعن عنات الصابرينا ***** وبحكمك يا ألهى أوووو صابرينا
وتفيد الروايات الأسطورية إن من كثرة حبه لها جن جنونه ، واخذ يطوف في شوارع القرى والحقول ، ويقول ( دلوني على عنات ، دلوني على عنات ، ومع الزمن أدغمت الكلمات وأصبحت (دل ع عنات ) ... ثم اختصرت إلى دلعونة ...
سمعت عنات أشعار حبيبها عليان ، ورجعت إلى قريتهما ، في الوقت الذي كان فيه جبيها عليان سائح على وجهة في القرى المجاورة بحثا عنها وشرعت تنشد له شعرا لا يزال يستخدم في أفراحنا وحفلاتنا الفلسطينية التراثية :
يا ظريف الطول وقف تا قولك ** رايح على الغربة بلادك أحسن لك
خايف يا محبوب تروح وتتملك ** وتعاشر الغير وتنساني أنا

تحليل تراثى :
ظريف الطول المذكور دوما في الأهازيج الفلسطينية هو الاسم الآخر للإله ( عليان بعل) الكنعاني اله المطر والرعد والبرق واله الخصب في الربيع ، أما حبيبته عنات ( دلعونة) هي اله الحب والجمال والحصاد ، وكان لها عيد في فلسطين في كل عام في شهر يونيه ، أما عيد عليان بعل فكان في الربيع ، وتقول الأسطورة إن عليان كان يظهر في الربيع وعنات في الصيف ، لذلك لا يلتقيان رغم حبهما المطلق ..

تراث الماضى ترسخ فى زواج الحاضر:
الإلهة عنات ظهرت في النقوش الكنعانتية خلال عصر البرونز والحديد ، يزين رسغها بزوجين من الأساور، زوج لكل رسغ ، وهذه الطريقة أصبحت عادة وتقاليد فلسطينية في الزواج فعندما تخطب العروس الفلسطينية ، فيطلب اهل العروس لها ( شبكة) يشترط إن تكون زوجين من الأساور على الأقل ، أو يطلب زوجين أو أربع من المباريم حسب اللهجة الفلسطينية ، هذا التقليد تماما مستمد من الإلهة عنات الكنعانية الفلسطينية ، هذه التراثيات تثبت إن للأرض شعب واحد وجذور واحدة لا تقبل القسمة على اثنين ..د ناصر إسماعيل اليافاوي
مبادرة المثقفين العرب لنصرة فلسطين