رغم الاجواء الايجابية التي تشهدها بعض تجمعات الجالية الفلسطينية بالبرازيل، الا ان المسافة ما زالت طويلة من اجل انجاز مؤتمرا يكون بمستوى التحديات والمسؤوليات للنهوض باوضاع الجالية الفلسطينية ومؤسساتها، فاغلبية الجمعيات لا وجود لها الا اسميا واخرى اندثرت، وواقع الجالية مختلفا كليا عن الماضي، وهذه الحالة لا يتم علاجها من خلال الدعوة لعقد المؤتمر وانما ستكون تكملة لمرحلة سابقة كانت فاشلة اوصلت وضع الجمعيات والمؤسسات والاتحاد الى الحالة الراهنة، ولا يجوز ان تكون الدعوة نتيجة رغبة شخصية او فئوية وانما ان تكون الدعوة بعد توافق بين كافة اطراف الجالية بمن فيهم قيادات الجمعيات ووجهاء الجاليات تكون النتيجة بها اخراج المؤسسات من ازمتها الحالية، ورغم مرور 7 سنوات على انعقاد المؤتمر التاسع الا ان الهيئة القيادية التي انبثقت عنه فشلت في معالجة ازمة الاتحاد والمؤسسات وعمقتها، ولا يجوز الاستمرار بالازمة وانما معالجتها.
ازمة المؤسسات الفلسطينية تقع بالاساس على قيادة الاتحاد، التي لم تطرح اطلاقا اي حلولا للأزمة، كما ان السفارة الفلسطينية التي لها ذراعا طويلا ومؤثرا بكل تفاصيل ما يجري بالاتحاد وطريقة تشكيله، ايضا تعتبر مسؤولة عن ما تمر به هذه المؤسسة، حيث تأتي مواقفها تماشيا مع سياسة القيادة المتنفذة والقائمة على تهميش المؤسسات الفلسطينية، حيث يعتبر الاتحاد العام جزءا من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وينتخب ممثلي الجالية لعضوية المجلس الوطني الفلسطيني.
لا يجوز ان نعفي الاراء الاخرى من مسؤولياتها اتجاه ازمة المؤسسات الفلسطينية بالبرازيل، حيث يوجد على رأس هذه المؤسسات عناصر وافراد تتعارض مواقفها مع مواقف قيادة الاتحاد والسفارة ومع خطها السياسي، الا ان هناك حالات اخذت من اسلوب المواجهة خطا اخرا يتعارض ايضا مع مواقف الجالية الفلسطينية اتجاه المؤسسات، فبدلا ان تقوم هذه الادارات على مدار السنوات الماضية بطرح نموذج جديد من اجل تطوير المؤسسات الفلسطينية وتعمل على التفاف جاليوي وتمسك بالمؤسسات الفلسطينية، جاءت الايام لتثبت ان هذه الادارات والقيادات فارغة المحتوى ولم تقدم اي حلا يخرج مؤسساتها من الازمة، وانما عملت على تعميقها.
ما يجري من ايجابيات بالجمعية العربية الفلسطينية بمدن بورتو اليغري وساوبولو يجب تشجيعها والعمل على تطويرها، وتعميم تجربتها على الجمعيات الاخرى كجمعية برازيليا وكورمبا وشوي والفوز دو اغوا سو واورغوايانا وسانتا ماريا وغيرها من التجمعات الاساسية للجالية الفلسطينية، فالجمعيات الفلسطينية كانت دائما وباستمرار هي الملتقى للجالية الفلسطينية على مدار ايام الاسبوع لاقامة النشاطات الاجتماعية والثقافية والفنية وبالمناسبات الوطنية، وهذا ما افتقدته العديد من التجمعات الفلسطينية نتيجة غياب الهيئات الادارية وبرامجها وتركت الجمعيات للمصير المجهول.
من المبكر الحديث عن موعد عقد المؤتمر العام، لان هناك العديد من المهام امام الجميع لإنجازها، حيث ان القضية اصعب بكثير من ابداء حسن النوايا، وضرورة اعادة الثقة الى الجالية الفلسطينية واصحاب الرأي وذو الاهتمام باهمية ودور الجمعيات بصفتها موحِدة لارائها ومواقفها، وبعيدة عن الصراعات الحزبية، وان الاهتمام بالجانب الثقافي والفني والاجتماعي يجب ان تكون من اولويات المهتمين والناشطين من ابناء الجالية الفلسطينية، كما يجب اعطاء مساحة لكل الاراء والافكار التي تختزنها تختزلها افراد الجالية ونشطائها من خلال المؤسسات الفلسطينية ومؤتمراتها بما يصب ويخدم الجالية ومؤسساتها بعيد عن التعصب والحزبية.
ان المراجعة الصائبة هي تلك التي تمارسها المجموعات والكتل المختلفة كلٍ على حدا قبل ان تتم المراجعة الشاملة والصريحة من قبل الجميع، والتي بجوهرها ستكون مؤلمة، من اجل استخلاص العبر والدروس، فلا يجوز اعادة المؤسسات الى الماضي، وانما اخذها الى المستقبل ودفعها الى الامام، والتاكيد على اهمية التجديد بالمواقف والاراء والعناصر المرتبطة اصلا بالوطن، ونحن اليوم امام تحديات، ليس فقط باعادة تفعيل الجمعيات وانتخابات جديدة، وانما من اجل بناء جيلا قادرا على تحمل هذه المسؤوليات والمهمات، للحفاظ على القضية الفلسطينية بذاكرته وبداخله وبكل احاسيسه، بمواجهة كافة عمليات التشويه التي بجوهرها تعمل على تصفية القضية الفلسطينية وشطبها من التاريخ الاممي والعالمي، جيلا قادرا على حمل القضية الفلسطينية باصعب مراحلها دفاعا عن عدالتها وحق شعبنا الفلسطيني بالعودة الى دياره ووطنه واقامة دولته الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني، هل سنقبل هذه التحديات ام ستغلب مصالحنا الانانية والذاتية والفئوية؟ هذا ما ستكشفه الاشهر القادمة وسنبقى بالانتظار.
جادالله صفا – البرازيل
29/03/2014