كيف هان عليكم ذبح أم الأسير؟ ألم ترتجف قلوبكم لدمعتها التي نزفت منذ ثلاثين عاماً؟ فلماذا انتزعتم فلذة كبدها فجأة؟ كيف ارتضيتم يا سادة، أن تطعنوا الشرف الفلسطيني، حين شحذتم سكين الزمن لمدة تسعة اشهر، لتذبحوا اليوم الأسرى في أحلامهم وآمالهم؟
أيتها القيادة الفلسطينية، التي فتحت شهية الأسرى للحرية، وهيئت أهلهم لاستقبالهم، ثم عجزت عن تحقيق ذلك، ماذا نسميكم؟ ماذا نقول للشباب الفلسطيني؟ أنقول أن قيادتكم بلا رحمة، ولا يهمها مشاعر الأسرى وذويهم، أنقول: إن قيادتكم لم تتأثر بطرقات الزمن على قضبان السجن، ولم تقدر المأساة التي ستصفع وجوه المنتظرين؟
أيتها القيادة الفلسطينية، ألم تدركوا أنكم قد قتلتم البراءة في الانتماء، حين أغمضتم آذانكم المتحجرة عن صرخات الأسرى في السجون عشية استئناف المفاوضات؟ لماذا لم تلتفتوا لصرخة الأسير كريم يونس التي أرسلها لكم من سجن "هادريم" في 9/8/2013، بعد أيام معدودات من استئناف المفاوضات الراهنة، لقد حذركم كريم يونس، وتنبأ بما حصل، وقال:
"إننا نغرق مره أخرى في متاهات الضياع والتجزئة والمراحل والتقسيمات الأمنية والجغرافية، وكأن تجربة 20 عاما من المفاوضات لم تكف للتعرف على عدونا، وعلى نتنياهو بشكل خاص، وعلى ألاعيبه المتكررة من أجل التهرب من التزاماته، أو على الأقل من أجل إفراغ أي اتفاق أو تفاهم من محتويات، أليس نتنياهو هو نفسه الذي اتفق على إطلاق سراح 750 مناضلاً، ولم يلتزم بذلك، وقام باطلاق سراح 750 من سارقي السيارات؟
نحن لا نخفي قلقنا بشأن عدم إتمام الصفقة والاتفاق، وخصوصا في ضوء ما أقرته حكومة إسرائيل بشأن إعادة عرض الدفعة الأخيرة والخاصة بإطلاق سراح أسرى الداخل مره أخرى على مجلس الوزراء بعد 8 أشهر، ولاسيما في ظل تصريحات الوزراء والحملة الإعلامية غير المسبوقة ضد إطلاق سراح أسرى الداخل، ومشروعية المطالبة بهم أصلا، حيث أن أغلبية الوزراء أعلنوا معارضتهم لذلك.
نحن قلقون أيضا من غياب الطرف الفلسطيني المختص عما يجري، وتصوير ما تم الاتفاق عليه كإنجاز غير مسبوق، وهنا نتساءل :أين هو هذا الإنجاز؟ هل التراجع والموافقة على إطلاق سراحنا وتقسيمنا إلى 4 دفعات هو الإنجاز؟ أو هل الإنجاز هو بالتراجع عن الموقف الأساسي والموافقة بأن يطلق سراح الدفعة الأولى بعد شهر من بدء المفاوضات، وأن يستمر ذلك لمدة 9 أشهر وعلى طول فترة المفاوضات؟
أم أن الإنجاز بالتراجع والموافقة على تجزئتهم وتقسيمهم وفقا لمعايير أمنية وجغرافية يحددها الجانب الإسرائيلي بشكل مطلق؟ أم أن تحويل إطلاق سراح الأسرى إلى أداة بيد الإسرائيلي لابتزاز الطرف الفلسطيني أثناء المفاوضات بعد أن أصبح تنفيذ الاتفاق مربوطا باستمرار المفاوضات؟
انتهت رسالة الأسير كريم يونس، ولكنها ما زالت مفتوحة على مستقبل فلسطين، وتنتظر مزيداً من الأسطر التي سيخطها بدمائهم أشبال فلسطين، بعد أن يصرخوا في وجه القيادة الحالية، لقد كذبتم في وعدكم، أيها القادة، وخنتم عهد الشهداء والأسرى.