ضرورة البديل للحفاظ على الثوابت الفلسطينية

بقلم: جادالله صفا

أن ضرورة البحث عن بديل هو ما تتطلبه المرحلة وليس لرغبة فئوية او تعصب حزبي، وانما امام الواقع الفلسطيني وما تشهده المرحلة من اجل بناء المؤسسة الفلسطينية التي تكون قادرة على قيادة نضال الشعب الفلسطيني وفرض حقائق جديدة تكون بصالح النضال الفلسطيني وحقوق شعبنا، بوقت تغيب به منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، حيث على مدار 20 عاما تم تهميشها وتغييبها ولم يبقى بداخلها الا مجموعة من العجائز والعجزة الغير قادرين على صياغة موقف وطني وغير قادرة على منع هرولة القيادة الى مستنقع التنازلات والتفريط، حيث بالواقع لا نرى الا القرارات والمواقف الصادرة عن قيادات فتحاوية من اللجنة المركزية او المجلس الثوري.
لست من المراهنين على جدية اعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها وذلك لثلاثة اسباب: اولها تمسك قيادة المنظمة باتفاقيات اوسلو وما نتج عنها من التزامات، والثانية الخلافات الكبيرة التي تشهدها حركة فتح والتي تشكل عائقا امام اعادة تفعيل المنظمة حيث لها حصة الاسد باللجنة التنفيذية، والثالثة حالة الانقسام التي تمر بها الساحة الفلسطينية حيث لا مؤشرات لتجاوزه، وامام هذه الحقائق تبقى قضيتنا الفلسطينية وحقوقنا بمهب الريح.
الى متى سنبقى على هذه الحالة؟ والى متى سنبقى دون مؤسسات؟ والى متى سنبقى عاجزين الى هذه الدرجة امام عجرفة قوات الاحتلال ضد البشر والحجر بفلسطين يمارسون القتل والاعتقال وانتهاك الارض وكل المحرمات، دون ان تبدي هذه القيادة مواقف على مستوى المسؤولية، وانما كل تصريحاتها الخجولة من اجل الاستهلاك المحلي او لرفع العتب؟ هل نحن مجبرين على الموافقة على اتفاق اوسلو والتنسيق الامني ورمي السلاح لان هناك مجموعة فلسطينية تمسك بزمام الامور ومقاليد السلطة ترفض مقاومة الاحتلال وتراهن على المفاوضات العبثية؟ الى متى ستبقى سلطات الاحتلال الصهيوني تمارس جرائمها اليومية ضد الانسان الفلسطيني وارضه دون مقاومة او ادانة؟
ان حالة العجز التي تمر بها القيادة الفلسطينية المتنفذة، والتي تراهن على تغيير بموازين القوى العالمية، وتراهن على تغيير بمواقف الادارة الامريكية اتجاه الصراع، وامام استقرار وما ستسفر عنه الاحداث بالمنطقة العربية، اعود لاذكر ان موازين القوى منذ ما يزيد على 6 عقود وهي تميل لصالح الكيان الصهيوني، وانطلقت ثورتنا واعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وحقوقه، وانتزعت من دول العالم مرغمة اعترافا بحقوق الشعب الفلسطيني، لتأتي لنا هذه القيادة بعد كل هذه التضحيات باتفاقيات عار تتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني وانجازاته التي كان ثمنها شهداء وعذابات وتشريد ومجازر، وذلك مقابل حفنة من الاموال الغربية المشروطة لتحويل قضيتنا الوطنية الى قضية انسانية فقط.
ان حديث الرئيس الفلسطيني خلال لقائه مع الشيبية الصهيونية وشبيبة حركة فتح، جاء ليؤكد موقفه للتنازل عن حق العودة، عندما اكد بكلماته بأنه لن يغمر الكيان الصهيوني باللاجئين، وان من اراد العودة الى الكيان الصهيوني عليه ان يحمل جنسية هذا الكيان وهذا يعني مطالبة الرئيس بمن اراد العودة التنازل عن انتمائه الوطني لفلسطين، فهل هناك تنازل اكثر وضوحا من هذا؟
امام كل هذا التفريط والتراجع شعبنا يقول كفى، كفى تفريط وتنازل وتهميش للقضية الفلسطينية، كفى ملاحقات وتنسيق امني واعتقالات، فهو بحاجة الى قيادة فلسطينية صادقة امينة ومخلصة للشهداء والجرحى والاسرى وعذابات شعبنا، بحاجة الى مؤسسة قادرة على تجميع شعبنا وتوحيده من اجل قيادة نضاله الوطني ومن اجل تحقيق كامل الحقوق الوطنية وعلى راسها حق العودة الى دياره التي شرد منها واقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، وتحقيق العدالة التي طالما انتظرها شعبنا الفلسطيني.
القوى الفلسطينية المعارضة، ومطالبة بالعمل الجاد والمسؤول من اجل اعادة الاعتبار الى القضية الفلسطينية، والانخراط مع الجماهير التي ترى بهذه القيادة كارثة على القضية الفلسطينية، من اجل تعبئتها وتوعيتها واستقطابها وتنظيمها ضمن مؤسسات وطنية متحررة من اسلوب الهيمنة تحكمها العلاقات الديمقراطية والقرارات الجماعية، تكون سدا منيعا وسندا قويا لكل المناضلين الذين يقدمون ارواحهم واجسادهم على طريق الانتصار والحرية للتخلص من الكيان الصهيوني الاستيطاني، اما عكس ذلك ستبقى قضيتنا بمهب الريح، ولن يكون مستقبل هذه القوى مشرفا وانما ستتأكل تدريجيا وستندثر امام عجزها ان لم تجد مخرجا للحالة التي تمر بها القضية الفلسطينية.
جادالله صفا – البرازيل
31/اذار/2014