زُهِقَ الباطلُ على يد أردوغان وحزبه

بقلم: فايز أبو شمالة

كانت سفينة مرمرة هي السبب في تفجر العداء بين حزب العدالة والتنمية وبين جماعة فتح الله غولن، فقد اعترض فتح الله غولن على تحرك سفن أسطول الحرية إلى قطاع غزة من الموانئ التركية، اعتراض غولن في حينه لم يفضح ولاءه لإسرائيل، فقد غلف اعتراضه بالحرص على سلامة تركيا، والنأي بها عن الصراعات الإقليمية، ولكن سلوك غولن التآمري ضد حزب العدالة والتنمية فيما بعد، فضح شخصيته التي ظهرت موالية ليهود أمريكا، ومتآمرة على تركيا من خلال رجاله الذين وثق فيهم رئيس الوزراء الطيب أردوغان، وأعطاهم أهم المواقع القيادية في الشرطة التركية، وفي سلك القضاء..
مما لا شك فيه أن خيوط المؤامرة ضد تركيا الإسلامية كانت متعددة المغازل، وإن كان أهمها المغزل اليهودي الذي ناصب أردوغان العداء السافر منذ تلك اللحظة التاريخية الفاصلة؛ حين وقف أردوغان في مؤتمر دافوس ضد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وانسحب علانية عن المنصة التي جلس عليها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس.
لقد أدرك الصهاينة أن نجاح التجربة الديمقراطية في تركيا ستنعكس بالإيجاب على كل الشرق العربي؛ الذي بات يتطلع إلى محاكاة التجربة التركية، وما لهذه المحاكاة من آثار سلبية على الكيان الصهيوني الذي يدرك جيداً أن حياة الأمة العربية والإسلامية تعني موته، وأن نهوض الشرق يعني تفكك دولته، لذلك نسج الصهاينة تحالفتهم مع أنظمة الحكم الدكتاتورية، ومع عملاء المخابرات الأمريكية، ومع الانقلابيين، الكارهين للربيع العربي.
لقد ظن الصهاينة وحلفاؤهم في لحطة معينة أن الفضائح والتآمر والدسائس التي فجرها فتح الله غولن ضد حزب العدالة والتنمية قد أتت أكلها، حتى أن رجال إسرائيل في قطاع غزة راحوا يتوعدون أردوغان، ويرقبون نهايته مع نهاية شهر مارس، وراحوا يعدون الأيام التي ستنتهي فيها الديمقراطية التي أرتقت بالإسلام في تركيا، بل وراح بعضهم يمني النفس بتلك اللحظة التاريخية الفارقة التي ستقف فيها حركة حماس عارية من أي حليف ونصير ومساند وظهير.
من هنا فقد تجاوزت نتائج الانتخابات التركية الصراعات الحزبية، والتنافس المحلي على رئاسة البلدية، لقد جاءت نتائج الانتخابات البلدية في تركيا بمثابة صفعة قوية على صدغ كل الذين تآمروا على الإسلام، وخانوا القضية الفلسطينية، ووضعوا يدهم في يد الإسرائيليين، جاءت نتائج الانتخابات التركية لتقول لمن انقلب على الديمقراطية في مصر، هذا هو النموذج الإسلامي الذي انقلبتم عليه، هذا هو مزاج الناس، إنه يفضح المؤامرة، ويرفض أن ينجر كقطيع خلف المتآمرين، جاءت نتائج الانتخابات التركية لتقول لضاحي خلفان ولكل من هم على شاكلته: إن فوز اردوغان لن يمثل كارثه سياسيه لتركيا، كما تزعمون، إن فوز حزب العدالة والتنمية سيمثل كارثة لأوكار التآمر في المنطقة، وعلى رأسها دولة الصهاينة، التي أدركت أن تركيا القوية ستكون حاضرة فيما بعد في كل حدث سياسي في المنطقة.
من المؤكد أن انتصار حزب العدالة والتنمية في تركيا سينعكس نصراً لكل الشعوب العربية الباحثة عن الحرية والعدالة والديمقراطية، لذلك ستشهد الأيام القادمة تحولاً استراتيجياً في سياسة كثير من الدول، وعلى رأس هذه الدول أمريكا، ودولة الكيان الصهيوني التي ستحرص قريباً على أرضاء الشعب التركي، وستحرص على عودة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة التركية، حتى لو تطلب الأمر رفع الحصار الكامل عن قطاع غزة استجابة لشرط تركيا.
من هنا جاء فرح الفلسطينيين بفوز حزب العدالة والتنمية متميزاً عن باقي شعوب المنطقة، وجاء فرح سكان قطاع غزة لا يعادله إلا فرح أردوغان نفسه، لأن انتصار الحق في تركيا سينعكس إيجابياً على قضيتهم الفلسطينية، وسيؤثر سلباً على عدوهم الصهيوني، وهم يصدقون المثل العربي الذي يقول: إن أمطرت على بلاد، فبشر بلاد.