أن إسرائيل أبلغت رفضها إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين وبالتالي ستقوم القيادة الفلسطينية باستئناف مساعيها للانضمام إلى المنظمات الدولية إذا استمرت إسرائيل في تنصلها وتعنتها في هذا الخصوص ، مما يفاقم الأزمة في المبادرة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري.حيث أبلغت إسرائيل أهالي المعتقلين الفلسطينيين إنه لن يتم إطلاق سراح أبنائهم. علما بان الإدارة الأميركية توصلت إلى الاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي يقضي بأن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين المحتجزين منذ ما قبل أوسلو، مقابل امتناع السلطة الفلسطينية عن التوجه للانضمام إلى المنظمات الدولية بعد أن تم الاعتراف بفلسطين دولة غير كاملة العضوية.والآن مستقبل المفاوضات ومستقبل التسوية بشكل عام مربوط بالالتزام الإسرائيلي بالإفراج عن الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى، والذي كان من المفترض أن يفرج عنهم حسب ماتم الاتفاق علية . فمن بين الدفعة الأخيرة 18 معتقلا من مدينة القدس ومن الفلسطينيين الذين يحملون الهوية الإسرائيلية، حيث شكل إطلاق سراح هؤلاء إشكالية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع حلفائه المتشددين في الائتلاف الحكومي.فالآن أصبح كل شيء مرهون مرتبط بالتزام إسرائيل بإطلاق سراح الدفعة الرابعة، فمستقبل عملية المفاوضات، ومستقبل التسوية السياسية برمتها مرهون بمدى احترام إسرائيل للإنفاق الذي رعته الإدارة الأمريكية، وبالتالي إسرائيل الآن لا تتحدي الفلسطينيين، بل هي تتحدى الدولة الراعية لعملية السلام، والراعي لاتفاق إطلاق سراح الأسرى.وهناك جهود تبذلها القيادة من أجل التغلب على هذه المعيقات التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية، ولكن حتى الآن لم تستقر هذه الجهود عن نتائج إيجابية، فإسرائيل تتحمل المسؤولية التامة عن النتائج المترتبة على ذلك، والقيادة الفلسطينية ستتخذ قرارات هامة ومصيرية بسبب تنصل إسرائيل من التزاماتها وتتعلق بمجمل العملية السياسية والمستقبل السياسي للشعب الفلسطيني.وبالتالي نحن أمام خطة فاشلة، لا نصيب لها من الحياة. فإن مقترحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لا تقترب حتى مما عُرض على الفلسطينيين في مبادرات سابقة، وهي ليست مقبولة إطلاقا من الجانب الفلسطيني، وإن الفلسطينيين قبلوا الدعوة إلى المفاوضات حتى لا يتم تحميلهم سلفا مسؤولية الرفض لجهود السلام، لكنهم أيضا لن يقبلوا تمديد مهلة المفاوضات التي تنتهي أواخر الشهر المقبل، إلا بوقف كامل للاستيطان الذي تتعمد إسرائيل زيادته خلال فترة المفاوضات.وكذلك التزام إسرائيل باتفاق الأسري .فالجميع يعلم الأسلوب الأميركي الذي يتناغم مع ما تريده إسرائيل، لكن بعبارات أكثر غموضا ومرونة. فمثلا، تريد إسرائيل بقاء سيطرتها الأمنية على غور الأردن لثمانين سنة! بينما يقترح كيري عشر سنوات، نهايتها مرتبطة بالرضا الإسرائيلي عن الوضع الأمني! ويرفض الإسرائيليون أن تكون القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين، فيقدم كيري عبارة تقول بتفهم رغبة الفلسطينيين في عاصمة تكون في إطار القدس الكبرى؛ أي عمليا في أي من البلدات خارج المدينة المقدسة. وتقبل الخطة (الإطار) أن يكون الأساس للمفاوضات حدود 67، لكن مع الأخذ بالاعتبار الحقائق الديمغرافية الحاصلة على الأرض، أي المستوطنات الإسرائيلية كلها. وبالنسبة للأمن، تبقى المعابر تحت الإشراف الإسرائيلي، وكذلك السيطرة الجوية، وحق الملاحقة في عمق الأراضي الفلسطينية. فإن المطروح ليس أكثر من "بانتوستانات" فلسطينية تحت الهيمنة الإسرائيلية، وليعطها الفلسطينيون الاسم الذي يشاؤون؛ دولة أو أي شيء . فلا يوجد إذن أي جدوى من التفاوض فالحكومة الإسرائيلية القائمة هي أكثر الحكومات تطرفا ويمينية في تاريخ إسرائيل؛ والمرحلة الحالية، عربيا ودوليا، هي أسوأ من أي مرحلة سابقة، وموازين القوى لا تسمح بأي تسوية معقولة. والأجدى الالتفات إلى تنظيم المقاومة الشعبية، حسب التجارب الناجحة للتعبئة الشعبية على نقاط المواجهة الساخنة مع الاستيطان والتعديات الإسرائيلية.
د.هشام صدقي ابويونس
كاتب ومحلل سياسي
عضو الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب