مادفعنى للكتابة عن هذا الموضوع القديم الجديد ,هي رسالة احد الأطفال ممن قطع راتب والده إلى أبو مازن, يصف بها له سوء الأحوال المعيشية التي يعانى منها هو وأخوته, وقس على ذلك باقي الموظفين الذين يشاركونهم نفس المشكلة, وكيف تقرا الدموع في كلمات هذا الطفل, فتذكرت بدايات هذه المشكلة وتذكرت من سولت لهم أنفسهم بالتسبب في قطع أرزاق العباد, وكيف لو أن أولادهم هم الآن من يعانوا من هذه المشكلة فما هو موقفهم, وتذكرت أيضا بدايات المشكلة حيث بادر الكثيرون بالإدانة والشجب لقطع رواتب موظفي غزة وإهمال موظفي 2005فى القطاع, وأخذت أفكر كيف أن أصحاب التقارير الكيدية قاموا بعمل لا يمت للإنسانية بأي صلة,وبذلك استطاعوا تدمير الكثير من البيوت المستورة والتي أصبحت بلا دخل يلبى جزءا من احتياجاتها التي كان الراتب أصلا لايكفيها, وبذلك قتلوا بالطريقة البطيئة كل من كان في طريقهم من مدنيين وعسكريين وأطفال ونساء والذين كانوا يعتمدون على الراتب في تخفيف معاناتهم وقضاء حاجاتهم.
لقد خلفت هذه العملية البشعة مواقف وأحداث ومشاهد تدمع لها العين لأنها عبرت عن أفعال مقززة وتصرفات لا إنسانية, وتعتبر عملية قتل منظم لأسر كاملة من قبل أصحاب عقول متحجرة وقلوب ميتة مع الأسف هم فيها أصحاب القرار ومن خلفهم أصحاب التقارير الكيدية, وبهذا اثبتوا بأنهم غلبوا مصالحهم الضيقة على حياة مصالح الشعب0
هنا يتحمل المواطن الفلسطيني جانب كبير من المسئولية عما حصل في مسالة قطع الرواتب, لأنه عندما بدأت حكومة رام الله في قطع بعض رواتب الموظفين ووقف ترقياتهم وكانوا على رأس عملهم صفق بعض المواطنين وحاكوا بعض الدعايات والشائعات, وتناسى الجميع أن أولئك الموظفين يؤدون عملهم وكان كل مافعلوه قول كلمة حق حول حقوقهم ولم يحرك المواطنين ساكنا ,وكانت البداية على يد ياسر عبد ربه في الإذاعة, وبعدها سلام فياض حيث جرد حقوق بعض الموظفين وزاد من رواتب ونثريات وزارة المالية ,ولم يتحرك المواطنين باى فعالية لوقف هذه المهزلة0
أيضاً عندما يذاع عبر الإذاعات المرئية والمسموعة, أو عبر الصحف والمواقع الالكترونية أخبار المساس برواتب الموظفين وحقوقهم من قبل بعض المسئولين في الدولة التي تدعوا لتضافر الجهود لمواجهة العدو الاسرائيلى المحتل ,نجد الكثير يغير القناة أو يغير من إذاعة إلى إذاعة أخرى ,ومن يقرأ الصحف يتجاهل الخطاب وينتقل للصفحات الأخرى متناسيا دعوات صمود المواطن من خلال الحفاظ على راتبه ,وهي الطريق الصحيح الذي يجب أن يسلكه الجميع إذا أرادوا أن يحافظوا على المواطن وكرامته حتى يستطيع الصمود والمقاومة0
أيضاً تتحمل أيها المواطن المسئولية لأنك ترى الضرر الذي يصيب ابن شعبك الذي قدم وضحى لهذا الوطن, وغيره لم يقدم شئ وربما يكون أول من يساهم بقطع الراتب, وربما تعلم به وبتحركاته ثم لا تتحرك ضمن فعاليات مؤثرة تستطيع ردع كل من يعمل على سلب المواطن حقه وتدمير حياته وأسرته.
تتحمل عزيزي المواطن المسئولية لأنك سمحت للفساد والمفسدين أن يعيثوا فسادا على حساب بقية الشعب الذي عانى ويعانى الكثير من الظلم دون أن نحاسبهم وتكون لك الكلمة, كل هذا يحصل إمامك وعلى مسامعك دون أن تحرك ساكناً.
تتحمل عزيزي المواطن المسئولية لأنك أحد أسباب الانقسام الذي لم تحرك ساكنا لإنهائه حتى اليوم مهما كلفك من تضحية أو ثمن, لأنه جعل الحكومة حكومتين والوطن اثنين, ومزق النسيج الاجتماعي الذي كنا نتباهى به وأعطى الفرصة لان يلعب بعض الفاسدين في حكومة رام الله من سحب غزة عن خريطة فلسطين, وعدم الاهتمام بأهل غزة وحقوقهم, بل أصبح البعض يعتبرهم عبئا على خزينة رام الله واصحابها0 تتحمل عزيزي المواطن المسئولية لأنك أصبحت تستهتر بكل شئ, ولاتعطى أهمية لخطورة مايحدث لغزة وشبابها وسكانها المحرومين أصلا من ابسط حقوقهم, ومن ابسط مقومات الحياة. أخيراً:ربما يقول البعض اننى برأت حكومة غزة مما حدث لموظفيها, وأقول لا بل هي تتحمل المسؤولية, وأقول أيضا نحن جميعاً نتحمل المسئولية من الوزير إلى الجندي إلى المواطن الذي يجب آن يكون العمود الفقري لمثل هذه المواقف ويتحمل المسئولية كاملة, ولا ننسى أيضاً أن نحمل المسئولية إلى جميع القيادات العليا وطنية كانت أم إسلامية, وأعضاء المجلس التشريعي, حيث يجب عليهم أن يتحركوا سريعا لانتشال الوطن والمواطن مما يغرق فيه من أزمات وإنهاء التفكير في عملية المحاصصة أو التقسيم السياسي ,فنحن في وطن نحتاج فيها لوطنيين يعملون فقط لأجل وطنهم وكفى..!!
اللهم ارحم شهداؤنا الأبرار الذين ضحوا بحياتهم من اجل شعبهم لكي يرتاح من همومه وإتعابه , لا من اجل أن يحارب برغيف عيش أطفاله, وفك قيد أسرانا الذين يبكون دما على ماالت إليه الأمور بوطننا الحبيب ,وكيف أصبح المواطن هو من تعمل قياداته على إذلاله لا على رفعة شانه 0اللهم أرينا يوماً أسود لمن خطط وساعد ونفذ على قطع رواتب الموظفين في غزة وهضم حقوق أهلها وشعبها ,وبكل من كان على علم بتلك العملية كائن من كان.. وحسبي الله ونعم الوكيل لان قطع الأرزاق من قطع الأعناق فيارب أنت اعلم بما تخفيه القلوب أمين يا رب العالمين