أهم شرط للمصالحة الفلسطينية

بقلم: فايز أبو شمالة

عشية الرفض الإسرائيلي لإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، برزت الدعوة للمصالحة الفلسطينية كإحدى الخطوات التصعيدية التي لجأت إليها قيادة السلطة الفلسطينية، ولا شك أن هذا حق من حقوقها، وهو في الوقت ذاته تأكيد على أن المصالحة الفلسطينية هي النقيض الفطري للمفاوضات مع إسرائيل.
لا بأس من التلويح بالمصالحة كردٍ موجعٍ على التجبر الإسرائيلي، ومن حق السلطة الفلسطينية أن تتباهى بشعر ابنة أختها، ولكن يجب أن يكون ذلك التباهي ضمن شروط وطنية، أهمها: الإعلان الرسمي من قبل قيادة السلطة الفلسطينية عن فشل مشروع المفاوضات، ومن ثم دعوة جميع القوى السياسية والوطنية إلى التخلص من الجثة العفنة لطاولة أذلت الشعب الفلسطيني عشرين عاماً، والبدء فوراً في اللقاءات المكثفة لرسم معالم المرحلة القادمة، مرحلة جديدة من عمر الشعب الفلسطيني؛ تتسع لجميع القوى العاملة ضد الوجود الإسرائيلي، وتتوافق فيما بينها على برنامج سياسي، يتفاعل معه الشارع الفلسطيني.
أهمية الإعلان عن فشل مشروع المفاوضات تستوجب التوبة عن التفرد بالقرار السياسي الفلسطيني، وتستوجب العمل المشترك من خلال قيادة سياسية موحدة، قيادة منتخبة، تمثل إرادة الشعب الفاعل، قيادة تنفيذية جديدة شابة لا تمت بصلة إلى القيادة الحالية التي ذابت معالمها، بعد أن رهنت جل القضية الفلسطينية في خانة البؤس والمذلة.
ما عدا ذلك، فإن أي دعوة للمصالحة لا يسبقها الإعلان الرسمي عن موت المفاوضات هي ضحك على الذقون، ولا يستقيم حالها، وهي خداع للشعب، ومحاولة رخيصة لتوظيف حالة الغضب لعدم إطلاق سراح الأسرى في غير موضعها، وهي محاولة لتوظيف الكراهية للصهاينة كقوة ضاغطة على القوة الوطنية والإسلامية لتتساوق مع مشروع المفاوضات.
ملاحظة: بعض القيادات السياسية الفلسطينية وقعت في الفخ، وراحت تمتدح موقف القيادة الفلسطينية التي لم تفرط بالثوابت، وراحت تطالب بتحقيق الوحدة الوطنية بشكل سريع، وراحت تلوم كل من يتلكأ في تحقيق المصالحة.
على هؤلاء المسئولين الفلسطينيين أطرح السؤال التالي: هل أنتم واثقون بأن السلطة الفلسطينية قد أدارت ظهرها نهائياً للمفاوضات؟ وإنها نادمة على ما اقترفته من تجارب تفاوضية مؤلمة بحق الشعب الفلسطيني؟ هل أنتم واثقون أن قيادة السلطة الفلسطينية لا تهدف من وراء التصعيد اللفظي هذا إلى تهيئة الأجواء العامة لاستئناف المفاوضات؟
الجواب معروف للشعب الذي اكتوى بنار الإسرائيليين عشرين عاماً من المفاوضات.