هل الكحلُ في عينِ المطلقاتِ إرهابٌ؟

بقلم: فايز أبو شمالة

قد يكون الكحل في عين المرأة صاعق التفجير لعواطف الرجال، ولكن الكحل في عين مطلقات قطاع غزة تجاوز صاعق التفجير، وصار هو الإرهاب، بل انشغلت إسرائيل بمتابعة عمل البنوك في قطاع غزة، وراحت تدقق في حسابات الجمعيات الخيرية، بل أوعزت إسرائيل وأمريكا إلى سلطة النقد بضرورة مكافحة الإرهاب من خلال إغلاق حساب الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تقوم بتوزيع المساعدات على المطلقات والأرامل والأيتام في قطاع غزة. وبالفعل، لقد صدرت التعليمات إلى البنوك في قطاع غزة بعدم تسلم التحويلات المالية من المتبرعين في الخارج طالما كانت لصالح المؤسسات الخيرية الإسلامية.
هذه الجريمة تحدث في قطاع غزة في القرن الواحد والعشرين؛ وبتعليمات مباشرة من سلطة النقد التي تتبع السلطة الفلسطينية، وفي الفترة الزمنية الراهنة التي يشتد فيها الحصار على سكان قطاع غزة، ولاسيما بعد تدمير الأنفاق بين قطاع غزة ومصر، وبعد قيام الأونروا بقطع المساعدات الغذائية عن ألاف الأسر المحتاجة.
قد يقول البعض: إن السلطة الفلسطينية ملتزمة باتفاقية أوسلو، ووظيفتها محاربة الإرهاب، وهي معنية بتضييق الخناق على حركة حماس، كي لا تكسب مزيداً من الأنصار من خلال المساعدات.
سأصدق ما يقولون!!! ولكن ما ذنب المطلقات اللائي ينتظرن المساعدة المالية من الجمعيات الخيرية كي يتكحلن بالأمل؟ وما ذنب اليتيم الذي ينتظر اللقمة بفم ملهوف؟ وما ذنب الأرملة التي ابتسمت للمساعدة رغم تشقق شفتيها اليابستين؟.
إن في إجراءات البنوك التعسفية ضد الجمعيات الخيرية في قطاع غزة خير دليل على أن حركة حماس التي شكلت الحكومة لا تتحكم بالوضع الاقتصادي في قطاع غزة، ولا تمتلك من أمر السيطرة على البضائع الداخلة من معابر غزة شيئاً.
وإن التزام البنوك بقرار سلطة النقد ليؤكد أن حركة حماس لا يمكنها أن تفتح حساب في أي بنك فلسطيني، ولا صلاحية لها لاستقبال أي مساعدة عربية من خلال البنوك.
وإن حبس المساعدات عن الأرامل والأيتام والمطلقات فيه تفنيد لحجج أولئك الذين يطالبون الحكومة في قطاع غزة بتوفير فرصة عمل، وحل مشاكل الناس الاقتصادية، فهؤلاء المغفلون أو الغافلون إنما يلوون عنق الحقيقة، ويشوهون الواقع الذي يؤكد أن الذي يتحكم بمصير قطاع غزة الاقتصادي هي سلطة رام الله.
وإن سلطة رام الله التي تجبي عن طريق إسرائيل مبلغ 400 مليون شاقل شهرياً، قيمة الضرائب عن البضائع التي تدخل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، لا يمكنها أن تنكر أن نصف هذا المبلغ هو قيمة الضرائب المستوفاة عن البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة.
وعلى المواطن العربي أن يعرف أن السلطة في رام الله لما تزل تدفع رواتب الخونة عملاء إسرائيل في الوقت الذي تقطع رواتب المقاومين والأسرى وأهالي الشهداء، ولما تزل تحرم ألاف الموظفين من رواتبهم حتى يومنا هذا؟
وعلى المواطن العربي أن يدرك أن السلطة التي تحبس اللقمة عن فم أيتام قطاع غزة، وتتعامل مع المطلقات والأرامل كمعادل موضوعي للإرهاب، هي سلطة لا تستحق مساعدة عربية بمبلغ مئة مليون دولار شهرياً.
إن مقالي هذا لا يتشكك بوطنية السيد جهاد الوزير، محافظ سلطة النقد، ولا يتشكك في نقاء دم الشهيد أبي جهاد الذي يسري في عروقه، ولكنني أتشكك في وطنية التعليمات الصادرة من سلطة النقد إلى البنوك في قطاع غزة، والتي قضت بإغلاق حساب الجمعيات التي لا تفكر إلا في إطعام الجوعى، ورتق ثوب الفقراء، وترميم أحزان الأرامل والمطلقات.
إن مثل هذه القرارات المجرمة بحق الفقراء تدفع شعبنا لأن يصدق ما يردده البعض عن ضلوع السيد محمود عباس مباشرة في حصار سكان قطاع غزة.