حين النظر الى صور الاسرى الفلسطينيين داخل المعتقلات الاسرائيلية بمعرض "ارواح بلا صور (2)" الذي اقيم، اليوم الخميس، بساحة السرايا في مدينة غزة بمناسبة يوم الاسير الفلسطيني "لا يدرك الناظر إليها المعاني التي يخفيها كل اسير بداخله ، فالإنسان الوحيد القادر فقط على قراءة بريق اعينهم وراء القضبان هم اسرى اخرين سبقوهم بنيل حريتهم وعاشوا نفس تجربة الاسر" .
بهذه الكلمات بدأ حديثه الاسير المحرر توفيق ابو نعيم ، بينما كان يقف امام صور الاسرى الفلسطينيين التي عرضت، وكأن صور الاسرى الصامتة بدأت تحدثه، وهو يشير بديه فيقول " لا يقرأ اعينكم الا من اكل القيد معصمه ، نحن نفهم رسالتكم والامل الذي تحملونه " .
ويضيف ابو نعيم وهو رئيس رابطة الاسرى والمحررين ورئيس جمعية واعد للأسرى بغزة " في هذا اليوم الذي نحتفي فيه بمناسبة يوم الاسير الفلسطيني ، لتبلغ الأنشطة ذروتها، لا نقول ان هذه النهاية بل نقول ان هذه انطلاقة لعام جديد ، نجدد به النشاط من اجل الاسرى ، لعل رسالتهم تصل خارج فلسطين الى اوروبا والعالم العربي عندها يمكن ان نقول اننا وصلنا وحققنا شيء " .
ويحتوي معرض " ارواح بلا صور(2) " ، الذي نظمته رابطة الاسرى ، تحت رعاية وزارة الثقافة بحكومة غزة للعام الثاني على التوالي، على عشرات الصور لأسرى فلسطينيين مازالوا داخل السجون، جسدت الحياة اليومية التي يعيشها الاسرى في المعتقلات.
وتنوعت المشاهد التي التقطت للأسرى ، فظهر بعضهم وهو على فراش نومه داخل غرفة السجن ، في حين ظهر اخرين وهم يأكلون او يقرؤون القرآن الكريم او ساجدين في الصلاة ، واخرين وهم يمسكون بأيدهم قضبان السجن ، او وهم مكبلين بالقيود ، لتشكل صورة اكبر لرواد المعرض ولذويهم عن حياة ابنائهم المغيبين عن رؤيتهم قسرا .
ويرى الاسير المحرر ابو نعيم في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء" ، ان " انشطة التضامن مع الاسرى اذا ما بقيت مقتصرة على محافظات الوطن وامام الصليب الاحمر ومؤسسات الامم المتحدة بغزة كما هو معتاد ، فإن حصرة الاسرى ستبقي مكتومة في قلوبهم ".
ويعتقد ابو نعيم ، وهو احد الاسرى الذين خرجوا في صفقة "وفاء الاحرار " المعروفة ايضا بـ"صفقة شاليط"، بانه" عندما تتعدى الانشطة خارج حدود الوطن وخصوصا ان يتم اقامة انشطة في اوروبا سيساعد هذا الامر في حشد رأي عام شعبي ، ويمكن ان يوصلنا الى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة اسرائيل على جرائمها ".
ويؤكد ابو نعيم ان الاسرى في داخل السجون عندما يرون ان اسمائهم تذكر في الفعاليات والانشطة ، يعطيهم ذلك ثبات وقوه ودفعة امل ، فهم يراقبون ويتابعون كل ما يدور خارج السجن ويتعلق بهم ".
وعن تأثير انضمام فلسطين الى اتفاقيات جنيف بالنسبة للأسرى يقول ابو نعيم " نتمنى ان يكون في هذه السحابة غيم ومطر يسقط على الارض ليحيي فيها قرارات واتفاقيات تمت برعاية الامم المتحدة ولكنها لم تطبق ".
ويوضح " كثير من الاتفاقيات مع الاحتلال تذهب ادراج الرياح عندما يجري الحديث عن اسماء الاسرى التي تريد دولة الاحتلال الافراج عنهم ، كما حدث في الدفعة الرابعة من الاسرى القدامى ، وهذا يؤكد ان المقاومة هي الوسيلة الوحيدة القادرة على اطلاق حرية الاسرى دون الخضوع للشروط الاسرائيلية ".
وقد ضم معرض " اروح بلا صور (2) " اعمال يدوية مطرزة من شغل الاسير المحرر محمد دخان ، حيث اختزل فيها السنوات الطويلة التي عاشها في السجن .
بدوره يشدد الاسير المحرر المبعد الى غزة علام الكعبي، على ضرورة التخلص من نمطية الفعاليات التي تقام من اجل الاسرى ، والارتقاء الى مستوى تضحياتهم من خلال اقامة فعاليات وانشطة على مستوى دول العالم ، وامام السفارات الفلسطينية في دول العالم.
ويؤكد الكعبي الذي افرج عنه في صفقة "وفاء الاحرار" بعد ان امضى في السجن 14 عاما ، بان " الاسرى استطاعوا ان يحولوا غرف السجن والمعتقلات الى أكاديميات ، من خلال تأليف الكتب وتبادل الخبرات بين الاسرى ، وهو امر عكس نفسه على نفسية الاسرى فأصبحوا اكثر قدرة على التأقلم على حياة السجن."
ويقول الكعبي المبعد من مدينة نابلس ، والذي حكم عليه 4 مؤبدات " الاسرى داخل السجون يحكم عليهم الاحتلال بالمؤبدات ، ولكن هم يحكمون انفسهم بالأمل هذه هي المعادلة بين الاسير والسجان."
وتوجه الكعبي عبر "وكالة قدس نت للأنباء" بالتحية الى الاسرى داخل السجون قائلا " كما خرجنا نحن ستخرجون من المعتقلات ،نوجه التحية لكم ونقبل رؤوسكم ونقول لكم اننا لن ننساكم وسنبقى نحمل رسالتكم حتى يتم اطلاق سراحكم ، وتكونوا بين اهليكم وذويكم بالقريب بإذن الله ".
واحيا الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وكافة اماكن تواجد اليوم (17 نيسان) يوم الاسير الفلسطيني للتضامن مع الاسرى وسط تعقيدات تفاوضية مع الجانب الإسرائيلي تبعد الأمل بإطلاق سراحهم.
وحسب تقرير صدر عن نادي الأسير الفلسطيني، فما زال يقبع في سجون الاحتلال الاسرائيلي نحو 5 آلاف أسير ، بينهم 20 أسيرة، و230 طفلا.
وجاء في التقرير بأن" ما يقارب 95% من الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لصنوف التعذيب منذ لحظة اعتقالهم حتى نقلهم إلى مراكز التوقيف والتحقيق الإسرائيلية."
ويؤكد التقرير بأن "إسرائيل ما زالت تنتهك القوانين والاتفاقيات الدولية، من ضمنها اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف الأربعة، وذلك من خلال اتباعها لأساليب تنكيلية بحق الفلسطينيين، وكذلك بحق الأسرى داخل سجونها."
ويلفت إلى أن عام 2013 وبداية عام 2014 شهد هجمة بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، فلم يمر أسبوع إلا وتم تسجيل اقتحام وقمع للأسرى من قبل الوحدات الخاصة في السجن، ففي العام الماضي سجل 4 شهداء من أبناء الحركة الوطنية الأسيرة منهم 3 داخل السجون، وأسير استشهد بعد الإفراج عنه نتيجة للإهمال الطبي وهو الأسير أشرف أبو ذريع، الذي استمر اعتقاله 6 سنوات، واستشهد بسبب إصابته بمرض ضمور العضلات، أما الأسرى الثلاثة الذين استشهدوا داخل السجون فهم ميسرة أبو حمدية، وعرفات جرادات، وحسن الترابي، إضافة إلى هذا فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس الاعتقال الإداري التعسفي بحق 168 أسيرا إداريا وتحتجزهم دون مبرر."
كما ان هناك ارتفاع بعدد الأسرى المرضى داخل السجون، حيث بلغ عدد الحالات المزمنة ما يقارب 160 أسيرا من أصل ألف أسير مريض بأمراض أخرى، ويعتبر أسرى "عيادة سجن الرملة" من أصعب الحالات المرضية.
وفي حين تواصل سلطات الاحتلال احتجاز 30 أسيرا من الأسرى القدامى، بعد أن تم الإفراج عن ثلاث دفعات، جدد نادي الأسير مطالبته للمجتمع الدولي وللمؤسسات الحقوقية الدولية بضرورة "محاسبة الاحتلال الإسرائيلي، على ما يمارسه من جرائم بحق أبناء شعبنا والأسرى داخل سجونه".
