صور.. شاب غزي يروض الببغاوات.. يختزل بشخصيته خمس مواهب !

يمضي الشاب الغزي رشيد بعضا من وقته في تربية وترويض الببغاوات وتعليمها على النطق ، فهذه هي احدى هوياته الخمس التي تعلمها منذ صغره حينما كان في سن الرابعة عشر من عمره ، هذه المهمة ليست سهلة فهي تحتاج موهبة "ربانية" وخبرة في نفس الوقت حسب ما يقول رشيد .

والببغاء هو طائر معروف بألوانه الزاهية التي تتراوح بين الأخضر والأحمر والأزرق والأصفر، ولديها القدرة على تقليد بعض الأصوات التي تصدر منا نحن البشر ، فهي طيور تتمتع بذكاء اجتماعي وهو ما جعلها طيور محببة للإنسان لتربيتها كطيور مدللة .

ويجلب رشيد عنبر (28 عاما)، الببغاوات حينما تكون صغيرة (فرخ ) ويبدأ بترويضها وتعليمها النطق من خلال اختيار كلمات بسيطة يسهل على الطائر نطقها مثل الترحيب بالضيف (اهلا وسهلا ، صباح الخير ، شكرا .. الخ ) ، ومن المستحسن أن تكون الكلمة هي نفسها اسم الطائر، ويفضل ألا تتجاوز الكلمة أربعة أو خمسة حروف ككلمة كوكي أو بوبو بينما اختار رشيد ان يسمي احد ببغاواته ( فوفو) .

ويوضح رشيد متحدثا لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، " لابد من ترديد الكلمة كلما اقتربت من القفص أو كلما قدمت للطائر طعامه حتى يربط بين الكلمة وبين رؤيته لك أو بينها وبين اقتراب وقت تقديم الطعام ، والتنبه بعدم وجود أي مصدر للإزعاج عند التدريب كصوت التلفاز أو المذياع أو أصوات أشخاص آخرين غيرك حتى لا يؤدي ذلك إلى التشويش على الطائر وعدم تركيزه لما تقول."

وحسب ما يقول رشيد ، بينما كان يجلس على كرسي في منزله ويداعب احد الببغاوات،" هذه الطيور انواعها كثيرة ومتنوعة ولكن الدارج (أي الشائع ) في قطاع غزة منها ( الافريكانو ، المكاو، الكي كاتو ، الامزوني ، اكليكتوس ) وجميعها يجلبها التجار عبر استيرادها من اسرائيل .

ويؤكد الشاب الغزي طويل القامة صاحب البشرة القمحية، ان من هذه الطيور منها القابل للنطق ومنها الغير قابل، ومنها البهلوانية التي تستخدم في عروض السرك (..)ويرى رشيد ان الببغاوات يعادل ذكائها طفل في عمر الست سنوات .

حب هذه الانواع من الطيور دفعت صاحبها الى فتح محل بمدينة غزة قبل عدة سنوات ، لان منزله لم يعد يتسع لها ، ولكن بعد مرور العامين اغلق رشيد محله ، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة وقلة المشترين، رغم تأكيده بانه يتخذ تربية الطيور كهواية وليس مصدر للرزق.

ويشير الى ان هذه الطيور تتراوح اسعارها من 200 شيكل الى 12 الف شيكل بغزة فهي باهظة الثمن ، كما وتحتاج رعاية خاصة وطعام خاص مكلف كحبات البندق والفستق وبزر الشمس .

ولا يخفي رشيد ان اسرته في بدء الامر حينما كان يجلب هذه الطيور كانت تعارضه بتهمة انه يهدر الاموال ، ولكن بعد ان تعرفوا على مزاياها اصبحوا يعتبرونها احد افراد الاسرة فهي تشاركهم الافراح والاحزان ، ودائما ما تكون سبب بإرسال البهجة والفرح لضيوفهم .

هذا الشاب الغزي لم تتوقف موهبته بترويض الببغاوات عند هذا الحد، بل تعدى الى ما هو مدهش فقد اختزل في شخصيته خمس هوايات ولا يزال يطمح بالمزيد ، ليجسد حقيقة ان غزة مازالت تلد الابداع رغم الحياة القاسية التي يعيشها مواطنيها .

النحت على الخشب ...
يقول رشيد عنبر، " تعلمت النحت والرسم على الخشب في الجليل، بعد مشاركتي في مخيم صيفي نظمته مؤسسة فلسطين المستقبل بغزة عام 1999 م ، ضمن مشروع تأهيل مخلفات البيئة (..) كيف تعمل تحف من الاخشاب ".

ويضيف " بعد فترة هذه الموهبة بدأت بتنميتها وابتكرت منها اشياء جديدة ، خصوصا بعد الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة 2008م ، حيث ادى تجريف الاحتلال للاراضي الزراعية لتوفر الاخشاب ، فقمت بشراء كمية كبيرة وارسلتها الى النجار لتهيئتها للاستخدام والنحت ".

هذه الحرفة اليدوية التي يجيدها رشيد وظفها في احياء التراث الفلسطيني ، فكثير مما يصنعه يتعلق بالقضية الفلسطينية ، مثل شخصية (حنظلة ) ، ونحت ورسومات تتعلق في الاسرى والمعاناة الفلسطينية المستمرة .

واستطاع الشاب الغزي ان يدمج الاخشاب مع الفخار واكياس (الخيش) ، ليصنع منها تحف وبراويز تحمل الاصالة والابداع وعبق التاريخ الفلسطيني.

ويعد من اجود انواع الأخشاب التي تستخدم بالنحت والتشكيل، المستخلصة من اشجار الزيتون والحمضيات او (اشجار الورد ) الغير متوفرة في القطاع ، ويستخدم رشيد بحرفته " المكوى ( جهاز حرق )، جلخ ، مقدح، برداخ ، منشار ، اقلام الفحم التي تتميز بالخط العربي ، وبعض المشتقات الكيماوية مثل المواد اللاصقة والدهانات ".

وتمكن الشاب الغزي من تمثيل فلسطين بمنتوجاته هذه في معارض للتراث الفلسطيني بالداخل والخارج ، كان ابرزها معرض اقيم في مدينة ( كازابلانكا) الدار البيضاء بمملكة المغرب واخر في ايطاليا ، وذلك بعد اتفاق جرى بينه وبين جمعية ارض طيبة الخيرية ، حيث اخذت الاخيرة منتجات رشيد وقامت ببيعها في المعرضين مقابل اعطاء رشيد نسبة ضئيلة من الارباح ، الامر الذي اعتبره الشاب الغزي عملية استغلال ادت به الى ان يوقف بيع ما ينتج من ابداع والاحتفاظ بقيمته العالية لنفسه، حسب ما يقول

عمالقة الفن السوري يفتتحون (الشياطة) ..

في 23 نوفمبر 2009م ، كان قد وصل وفد من الفنانين السورين الى قطاع غزة في زيارة تضامنية ، وكان من بينهم " دريد لحام، وجمال سليمان، ورفيق سبيعي، وأسعد فضة، وسوزان نجم الدين، ووفاء موصلي، ورضوان عقيلي، وسليم كلاس، وطلحت حمدي، وهادي بقدونس، وهشام حاصباني " .

هذه الزيارة كان لها بالغ الاثر في نفسية رشيد، حيث تزامنت مع انتهاء كتابته لمسرحية ( الشياطة( وهي رواية تعبر عن صعوبة حياة أهالي قطاع غزة بسبب الحصار الاسرائيلي المفروض والذي ولد حالة من الصمود لدي الغزيين فقاموا بحفر الانفاق على الشريط الحدود مع مصر بغية التخفيف من الحصار .

ويقول رشيد الذي لا ينكر انه تعلم المسرح من المخرج واستاذه سعيد البيطار، " هذه المسرحية عرضت في المركز الثقافي الفلسطيني في مدينة خان يونس ، وقد افتتحها فطاحلة الفن السوري ، الذين ابدوا اعجابهم بها بدرجة كبيرة وشكل هذا الامر دفعة معنوية كبيرة لدي "

ويلفت رشيد ان العمل المسرحي يبدأ من خلال تبادل افكار يتم بين الممثلين بالمسرحية او المعدين او المخرج في جلسة تسمى (الجلسة المسرحية ) ، ويتم تطويع هذه الافكار المستوحاة من حياة الناس الى نص وعمل مسرحي .

وخص رشيد ،" وكالة قدس نت للأنباء " بكشفه النقاب عن مسلسل فلسطيني يجري انتاجه ويحمل اسم ( فلفل ) من اخراج سعيد البيطار، حيث سيتم عرضه على قناة (هنا القدس) الفضائية ، بالإضافة الي تلفزيون فلسطين الرسمي ، في شهر رمضان المقبل من العام الجاري .

ويعالج المسلسل الذي يتكون من 30 حلقة ، المشاكل الفلسطينية الاجتماعية والسياسية في اطار كوميدي يتقبله المشاهد ويتناول مفاهيم خاطئة وسلوكيات غير مألوفة بالمجتمع .

ومن بين القضايا التي يتناولها " الاحزاب السياسية وتجهيل الشباب والبطالة والخرجين، معاناة الاسرى مشاكل السائقين المشاكل اليومية للمواطنين والكهرباء والمأكل والمشرب المواصلات وانقطاع السولار والبنزين وانقطاع رواتب الموظفين والمعاش المبكر وعنوسة الذكور والنساء ".

الدبكة والموسيقى ...

هوايتان اضافيتان اختزلها الشاب الغزي في شخصيته، كما يقول فهو يجيد العزف على آلة العود والبيانو وكان قد قام بتعليم الاطفال اساسيات الموسيقى، كالسلم الموسيقي ومواضع حروف الموسيقى على الآلة الموسيقية وغيرها من الامور بشكل طوعي، وذلك ضمن مشروع فضاءات الذي كانت قد اقامته مؤسسة"تامر" بغزة في فترة سابقة .

بينما يعتبر رشيد عنبر مدرس بارع في تعليم الدبكة الشعبية، وتصميم الرقصات المستوحاة من الفلكلور الفلسطيني ، حيث شارك في عروض فنية عديدة كان من بينها مسرحية (نساء غزة وصبر ايوب) التي تم عرضها في مركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة اواخر عام 2009م .

مواهب متعددة وطاقة بلا حدود يحملها الشاب الغزي الطموح، وعلى كثرة ما يعرف الا ان واقع غزة الأليم وقلة فرص العمل وانتشار البطالة يحيل بينه وبين ان يجد له فرصة عمل دائمة ، يسد بها رمق طفلاه (ألفت وماهر ) .

ويقول في هذا السياق " منذ 11 عاما وانا اعمل بشكل شبه تطوعي في مؤسسات قطاع غزة ، اشعر في بعض الاحيان انهم يمتصون دمائي ويستنفذون طاقتي وكثيرا ما اتعرض للاحتكار والاستغلال لا يوجد حاضنة حقيقية للشباب الموهبين بغزة ولا شيء يقدم لهم ".

ويضيف " تم تكريمي كثيرا من رئيس وزراء غزة اسماعيل هنية ومؤسسات مختلفة، وهذا الشيء معنوي يقدر، لكن انا اتساءل وكثير من الشباب الذين يمتلكون المواهب وذوي الخبرة ، أليس من حقنا ان نحصل على فرصة عمل دائمة بعد ان ملئت حقائبنا بالشهادات وبات يصعب حملها ".

عدسة " وكالة قدس نت للأنباء " اعدت لكم التقرير التالي لهوايات هذا الشاب المتعددة .

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -