المررزقي ليس من مرتزقة اليسار

بقلم: فايز أبو شمالة

الرئيس العربي الوحيد الذي تألق في مؤتمر القمة الأخير، ونطق فصاحة، وتحدث سياسة، وحلل الواقع العربي بشكل دقيق، بل وصاغ برنامج عمل للمرحلة، هو الرئيس التونسسي المنصف المرزوقي.
المنصف المرزوقي هو الرئيس العربي الوحيد الذي جاء عن طريق الانتخابات الديمقراطية النزيهة، وهو الوحيد الذي يمثل جيل الثورة، ويقود بلداً يشهد تحولاً ديمقراطياً لصالح الشعب التونسي، وهو الرئيس العربي الوحيد الذي انتخب رئيساً بعد ثورة شعبية، وبعد انتخابات ديمقراطية تخلو من التزييف، لذلك تراه في تصريحاته لا يخاف أحداً، ولا يجامل على حساب المبادئ أحداً، ولا ينطق إلا بما ينفع الناس الذي وثقت فيه، وأعطته صوتها.
الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يقف من قضايا الامة العربية إلى جانب العدل، ويصطف إلى جانب الحق الفلسطيني بلا تردد، وينحاز إلى غزة المحاصرة دون وجل، ولا يؤيد حاكماً يبطش بشعبه في سوريا، ولا يصفق للحكم العسكري الذي ينقلب على الديمقراطية في مصر، ولا يخشى في الحق بطش أمريكا ولا سطوتها.
انتماء المنصف المرزوقي إلى أحزاب اليسار لا يعيبه، كما لم يمنعه هذا الانتماء من قول كلمة الحق، وهذا يؤكد أن مشكلة بعض السياسيين ليس في الأحزاب التي ينتمون إليها، ولا في التنظيمات التي يعملون معها، وإنما مشكلة بعض السياسيين تنصب على قدراتهم، ومدى إدراكهم الدقيق للواقع، وفي طريقة التعبير عنه، وفي حرية اتخاذ القرار، وهنا يكمن الخلل في معظم الأحزاب اليسارية العربية التي تسير على هامش الحياة السياسية، حتى صارت غالبية أحزاب اليسار ذيلاً يتراقص على وقع خطوات الحاكم العربي، وصار معظمهم ديكوراً في قصر الحاكم، وصار كثير منهم يهتف بحياة الحاكم بعد كل فساد، ويتطلع إلى دفتر حسابه مطلع كل شهر، بما في ذلك الكثير من الأحزاب اليسارية الفلسطينية التي لم يرف لهم جفن لحصار غزة، ولم تغير تحالفاتها رغم المأساة الوطنية التي تورطت فيها القيادة السياسية.
الرئيس التونسي اليساري المنصف المرزوقي يمثل الكرامة العربية، ويشكل ظاهرة حق يجب أن يتعلم منها كل من ظن نفسه يسارياً، لأن الحق لا يختلف عليه يميني ولا يساري، طالما كانت مصلحة الجماهير هي القاسم المشترك الذي تلتف عليه جميع التنظيمات التي تحررت من التبعية، وتخلت عن نظرتها الحزبية الضيقة، وطورت من رؤيتها للمصلحة العامة التي تتجاوز مصلحة أي حزب أو تنظيم.
ملاحظة نقدية: كل الأحزاب اليسارية في فلسطين تساند المشير عبد الفتاح السيسي في انقلابه على الديمقراطية، بينما الرئيس التونسي اليساري المنصف المرزوقي لما يزل يقف ضد الانقلاب العسكري على الديمقراطية! فهل رأيتم الفرق بين يساري حر ويساري تابع؟