توصلت دراسة بحثية إلى أن تدخل المؤسسة العسكرية المصرية في الحياة السياسية ونزوله إلى الشارع لم يكن بهدف الاستيلاء على السلطة ولا الوقوف ضد الحركة الوطنية الشعبية؛ ولكن الحفاظ على الأمن القومي المصري، وأن المؤسسة العسكرية المصرية لعبت دوراً سياسياً في ثورة 25 يناير 2011 بانحيازها إلى مطالب الشعب وإجبار الرئيس السابق "مبارك" على التنحي، ولعبت دوراً في تصويب اتجاه الدولة من أخونة الدولة إلى مؤسسات الدولة الوطنية من خلال ممارسة دوراً سياسياً في ثورة 30 يونيو 2013.
جاءت تلك الدراسة خلال مناقشة رسالة ماجستير في العلوم السياسية يوم الثلاثاء الموافق 22-4-2014، للباحث محمد سمير محمد الجبور والموسومة بعنوان "الدور السياسي للمؤسسة العسكرية المصرية في ظل التحولات السياسية" في برنامج الدراسات العليا بجامعة الأزهر بغزة، والتي تم بموجبها منح درجة الماجستير في العلوم السياسية من قبل لجنة المناقشة والحكم والتي ضمت كل من الأستاذ الدكتور كمال الأسطل مشرفاً ورئيساً، والأستاذ الدكتور أسامة أبو نحل مناقشاً داخلياً، والدكتور خالد شعبان مناقشاً خارجياً.
وهدف الباحث في دراسته إلى رصد وتحليل أبعاد مؤشرات العلاقة بين المؤسسة العسكرية المصرية والسلطة المدنية في مصر، والكشف عن المحددات وتحليل العوامل الدافعة لتدخل الجيش والمؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، والبحث عن دور المؤسسة العسكرية المصرية في التحولات السياسية ومدى تأثيرها على صناع القرار السياسي في مصر.
وشدد الباحث إلى أن أهمية دراسته تكمن في أنها تتناول موضوعاً جديداً وذا أهمية ولم يتم تناوله بشكل بحثي عن طبيعة دور المؤسسة العسكرية المصرية في التحولات السياسية، ومدى تدخلها في الحياة السياسية المصرية، وفي رصد وتحليل طبيعة دور المؤسسة العسكرية المصرية في الحياة السياسية، ودور المؤسسة العسكرية في كلٍّ من ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وطرح الجدل العام المحتدم بين مؤيد ومعارض لتدخل الجيش في الحياة السياسية ما بعد ثورة 30 يونيو في مصر.
واستخدم الباحث في دراسته، التكامل المنهجي في التحليل، ووظَّف عدة مناهج في دراسته أبرزها المنهج التاريخي، ومنهج صنع القرار، والمنهج الوصفي التحليلي.
وافترض الباحث أن المؤسسة العسكرية المصرية تضطلع بممارسة دور سياسي عند بروز حالة خطر أمن قومي، وكلما زادت المؤسسة العسكرية قوة وتماسك أصبحت أكثر قدرة على التأثير في النظام السياسي.
وتناول الباحث مشكلة الدراسة من خلال الإجابة على السؤال الرئيس، والمتمثل بـ هل نجحت المؤسسة العسكرية المصرية في ملىء الفراغ السياسي في حالات تدخلها في الشأن الداخلي في البلاد إبان التحولات السياسية؟، وهل كان تدخلها متوازناً على الدوام أم أنحرف بها المسار في بعض الأحيان ؟ وماهو طبيعة الدور السياسي الذي لعبته المؤسسة العسكرية المصرية في التحولات السياسية.
وبينت الدراسة مدى تأثير النخب العسكرية المصرية في بنية النظام السياسي المصري، ومدي تأثيرها في الحياة السياسية الداخلية وفي صنع القرار السياسي.
وأشار الباحث إلى أن الدور الذي قامت بها المؤسسة العسكرية في دعم أو مواجهة الثورات العربية إلى طرح تساؤلات حول نمط العلاقات المدنية – العسكرية في العالم العربي والدور السياسي للعسكريين، لاسيما في ظل اختلاف موقف العسكريين في الدول العربية التي شهدت ثورات شعبية من مطالب الإصلاح السياسي، والتي تبنتها الشعوب العربية وأسباب تغيير موقف العسكريين من دعم وبقاء النظم السلطوية في السلطة، وذلك لارتباط قيادتها بصلات وثيقة بالمؤسسة العسكرية، وحول التأثير السياسي للعسكريين من حيث الواقع، وعدم تجاوز العسكريين لدورهم في حماية الدولة إلى التدخل في الشؤون السياسية.
بالإضافة إلا أن المؤسسة العسكرية المصرية لعبت دورا بارزا ومؤثرا في الحياة السياسية، عقب اندلاع ثورة 25 يناير المصرية، والتي أدت إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية المناوئة للرئيس السابق محمد حسني مبارك ونظامه، وإجباره على التنحي والتخلي عن السلطة في 11 فبراير 2011، وتكليف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد، وبعدها قيام ثورة 30 يونيو2013 وعزل الرئيس السابق "محمد مرسي"، والذي شكل إحدى أهم تطورات مصر الفارقة ليعود دور المؤسسة العسكرية من جديد إلى مسرح الحياة السياسية المصرية.
وتوصلت الدراسة إلى العديد من النتائج أهمها أن عزل الرئيس السابق "محمد مرسي" وإزاحة الإخوان المسلمين عن حكم مصر أعادت نموذج جمهورية يوليو 1952 إلى المشهد السياسي المصري من جديد، وأن أحداث 30 يونيو وقرارات 3 يوليو 2013 وما بعده وضعت مصر أمام الدخول في مرحلة ثورية جديدة لتستكمل فيه ما بدأت مع ثورة 25 يناير 2011.
وأشارت إلى أن مشروع الدستور المصري 2013 عزز الامتيازات التي تتمتع بها المؤسسة العسكرية ليضمن استمرار دور الجيش المحوري في الحياة السياسية المصرية،وأن خروج المؤسسة العسكرية المصرية عن التقاليد الراسخة وممارسة دور سياسي هو بروز حال خطر على الأمن القومي المصري هو الدافع الأساسي للمؤسسة العسكرية المصرية لممارستها دور سياسي.
ونوه الباحث في دراسته إلى أنه كلما زادت التهديدات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية ازدادت الحاجة إلى المؤسسة العسكرية للتعامل مع هذه التهديدات، الأمر الذي أدى إلى زيادة نفوذها وأهميتها في التأثير في الحياة السياسية، كذلك أن دور المؤسسة العسكرية في ثورتي 25 يناير2011 و30 يونيو 2013 سيبقى محل دراسة وتقييم لفترة طويلة.
وفي نهاية جلسة المناقشة، أشادت لجنة المناقشة والحكم للرسالة بجهود الباحث، وأثنت على المجهود الذي بذله، وأشادت بأهمية عنوان الرسالة ومضمونها.
وأوصت اللجنة بضرورة نشر الرسالة، وحضر المناقشة لفيف من أقارب الباحث والطلبة المهتمين، وأصدقاء وزملاء الباحث.