مصالحة مُباشر..

بقلم: أيمن تيسير دلول

بإطلاق جولة مفاوضات وحوارات ما يُسمى بـ” المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام” في غزة هذه الأيام لا أستطيع إحصاء عدد الجلسات التي تم تنظيمها لهذا الغرض بين الحركتين فتح وحماس، فهي جلسات عددها أكثر من حصره، سواء كان ذلك داخلياً أو خارجيا، أو من خلال أطراف محلية وأخرى إقليمية وعربية. في كل مرة كانت التصريحات تخرج باتفاق الطرفين على إتمام هذا الأمر، لكن الوقائع على الأرض تذهب إلى العكس من ذلك

وبالتوازي مع هذا الملف الذي أكاد أجزم بأننا لو منحنا عدد جلساته لملف القدس أو اللاجئين أو غيرها من الثوابت الوطنية لكنا خرجنا بتوصيات لو أنجزناها، لأدت لا أقول لإنهاء هذه الملفات، ولكن على الأقل أدت إلى تفعيلها دولياً لدرجة أزعجت العدو الصهيوني المحتل لأرضنا وبلادنا الغالية فلسطين، ولم تتركه يتعجرف ويزيد من لطماته اليومية لنا.

وأمام كل جولة من جولات “إنهاء الانقسام” ما نشاهده أمران لا ثالث لهما- ودعونا نتحدث بصراحة بعيداً عن إيهام المواطن الغلبان بأمور بعيدة المنال- فحركة حماس في غزة تقدم مبادرة تلو الأخرى من خلال الإفراج عن معتقلين أمنيين من حركة دفعة تلو أخرى، بالإضافة إلى أمور أخرى منها التصريحات الإعلامية الإيجابية من وفدها المفاوض. أما على الطرف الآخر، فحركة فتح تكون تصريحاتها خلال اللقاءات ايجابية، وبعد مغادرة غزة يشعر الواحد من حجم الهجوم بأن ذلك الوفد قد زال مفعول “حبة مسكنة” تلقاها خلال اللقاء وعاد إلى طبيعته، أما بالنسبة لملاحقة واعتقال وتعذيب أبناء حماس في الضفة المحتلة فقد بات حدثاً يوميا واعتيادياً ولا يهز شعرة في جسم وفود التفاوض!!.

قد يختلف مع حديثي هذا بعض الأطراف، ويقول بأني أتجنى على حركة فتح، وأنا أحترم ما يقول وحديثي هذا لا يعني رفضي للمصالحة الفلسطينية على أسس سليمة، بل إني أتمنى تحققها اليوم قبل الغد، فقضيتنا بحاجة لكل شخص في سبيل حملها والنهوض بها، لكن المطلوب تعرية الكاذب من القيادات الفلسطينية، فحرام علينا أن تمضي السنوات تلو الأخرى ولا يجد المواطن الفلسطيني ضوءا في نهاية نفق طال مداه.

إن المطلوب فعلياً أن تكون جلسات المصالحة الوطنية على الهواء مباشرة، والفضائيات لهذه المهمة أعتقد أنها جاهزة. آن الأوان أن نعرف الطرف الذي تختلف تصريحاته للجمهور عن تلك الأحداث التي تجري في الغرف المظلمة. نحن بحاجة للصراحة أمام الجمهور، أليست حركتا فتح وحماس تدعيان أنهما مستعدتان لإنجاز المصالحة؟ دعونا نصدق هذا الأمر هذه المرة، لكن التصديق للأسف لن يكون إلا إن شاهدناه بأعيننا.

أدرك بأن البعض في مجتمعنا الفلسطيني وإن رأى الجلسات حتى وإن كان فصيله على الباطل، فسوف يخرج لإيجاد التبريرات لموقف حزبه، لكن على الرغم من ذلك، فخروج الجلسات على الهواء مباشرة سيدفعنا لتأييد كل باحث عن هموم الوطن والقضية الفلسطينية وحمله على الأكتاف، في مقابل أحذية قديمة سنلطم بها وجه كل من يؤيد العدو الصهيوني على حساب مصالح وطنه وقضيته العادلة.

 

بقلم/ أيمن تيسير دلول

صحفي فلسطيني من غزة