ما أكبر الفرح بالمصالحة!

بقلم: فايز أبو شمالة

ليس فلسطينياً من لم يخفق قلبه طرباً للمصالحة الوطنية، بل ليس عربياً من لم ترفرف روحه في السماء فرحاً لإنهاء الانقسام، وإعادة الوحدة الوطنية التي ينتظرها الشعب، فالمصالحة أمنية كل حر، وغاية كل منتمٍ للوطن فلسطين.
إن التوصل لاتفاق إنهاء الانقسام على أسس وطنية لا يعني نهاية لانقسام بشكل عملي، فتطبيق بنود المصالحة لما يزل محفوفاً بالمخاطر الصهيونية التي لن تقف موقف المتفرج على وحدة القرار الفلسطيني، ووحدة الفعل الفلسطيني، ووحدة الرفض الفلسطيني للخضوع، لذلك ستحرص إسرائيل على وضع العراقيل في وجه التطبيق، وستقوم بالضغط المادي تارة، وستهدد باتخاذ إجراءات عقابية، ولكن حين تفشل إسرائيل في ثني الشعب عن المصالحة؛ ستحاول الإيقاع بالقرار الفلسطيني من خلال تقديم بعض الإغراءات لجر الفلسطينيين ثانية إلى طاولة المفاوضات، فإسرائيل تدرك أن استئناف المفاوضات هي الرصاصة التي ستقتل المصالحة، وإسرائيل تعرف أن استئناف المفاوضات هي العدو القذر للوحدة الوطنية.
لا شك أن الفضل في تحقيق المصالحة يرجع إلى حسن النوايا للكثير من أبناء الشعب الفلسطيني، ويرجع إلى قناعة كل الأطراف التي انقسمت بأهمية تحقيق الوحدة الوطنية، ولكننا يجب أن نعترف أن الفضل الكبير في تحقيق المصالحة يرجع إلى الصهاينة أنفسهم، فهم الذين كشفوا عن وجههم الغاصب، وهم الذين أكدوا على أطماعهم بكل أرض فلسطين، وهم الذين حسبوا أن الزمن يدور وفق ساعتهم التاريخية الكاذبة، فزادوا قتلاً للإنسان واغتصاباً للأرض، لقد مثلت المواقف العدوانية للصهاينة خير محفزٍ لكل من لديه حس بالوطن، لأن يعود إلى حضن الشعب، فهو الخيار الواقي من الانزلاق والضياع.
سينعكس الاتفاق بالإيجاب على حياة الناس في غزة والضفة الغربية، ويكفي الفلسطينيين فخراً أنهم سيبتسمون في وجه بعضهم البعض، وأنهم سيتقاسمون لقمة الخبز، وسيخففون عن بعضهم وجع الاحتلال، وسيكتشف الكثير من أبناء شعبنا أنه قد ظلم نفسه، حين تعصب بتشدد، وأنه قد حمل في صدره غلاً على أخيه وابن أخيه بلا داعٍ، ليصير الحوار السياسي بين الناس له أكثر من احتمال، حين يتعود الناس على مناقشة واقعهم بمنتهى الحرية والنقد الجريء، لتصير العلاقة قائمة على الاختلاف والتوافق، والإيمان بتعدد الآراء والمواقف.