قصة قصيرة بعنوان : أرجوكم ..لا تتركوني مرة أخرى ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

هو طفل ذكي ،في عمر الزهور، لم يتجاوز عمرة الخمس سنوات ..بهي الطلعة ،وخفيف الظل ، جلس في أول يوم بعد أن تصالحا أبويه..جلس بينهما بعد أن لمح بنظرة ثاقبة انبثقت من عينية العميقتين ، حيث رأى ثغرة صغيرة بينهما وكأنه قد درس التكتيك العسكري ، فاندفع بقوة وبكل حب ليسد تلك الثغرة طمعا في أن ينهل من بحر الطمأنينة والأمان والحب فحضانة الأم تبعا للأعراف والقوانين لا تكفيه تلك الحياة المنقوصة البهجة في أن يعيش بمعزل عن والده ..لأول مرة تنتابه سعادة غامرة ، بعد خلافات ونزاعات حادة استمرت عدة أشهر عجاف ،لم يُعانى فيها كلا من أبويه فحسب بل كانت مأساته هي الأكبر ، وأشد ضررا ..لأنه شعوره انه ،وحده كان يدفع الثمن الباهظ لفاتورة النزاع الذي لا ذنب له فيه ،بعد أن كادت أن تفتك تلك النزاعات بالعلاقة الزوجية بين أبويه ،و التي امتدت منذ سنوات.. وكادت أن تقترب الكرة الملتهبة من شفا حفرة فتطوي صفحات لنهاية مؤلمة ومفجعة.. لكن في اللحظة الأخيرة ،وبتدخل أهل الإصلاح ،ورجال الخير،قد تغيرت كل تلك الموازين الكالحة ،فعاد النهر يسري من جديد بعد الجفاف ،وأشرق فجر جديد أضفى بشعاعه على تلك العائلة الصغيرة بكل أمل ،وتفاؤل ، وود ..ذاك الطفل الصغير مجرد أن تنسم أجواء الألفة ، واستشعر حلاوة الدفء بين الجلوس وسط أبويه ،قام على عجالة وبعفوية ،وببساطة شديدة كأب كبير حالم ومسئول، وبعد أن تطلع يمينا ويسارا إليهما ،حيث ربت بكلتا يديه الصغيرتين بكل براءة وصفاء ،على كتفي أبويه ،وبكل شوق ولهفة وحنان ،وكأنه غير مصدق ما يجري حوله من جمال مشهد اللقاء ،هو فقط أراد أن يرسل لهما برقية عاجلة بعينية مفادها.. أرجوكم لا تتركوني وحيدا مرة أخرى..!!