رغم تشكيك رئيس الشباك، ورئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية بإمكانية تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية، إلا أن الحكومة الإسرائيلية استعرضت الخطط المناسبة لمواجهة ما قد ينجم عن المصالحة، واتخذت قرارها بالتريث، والاكتفاء بالمعاقبة المالية، وتعليق المفاوضات إلى حين يتضح نهج الحكومة الجديدة التي سيترأسها السيد محمود عباس
ورغم تأكيد السيد محمود عباس في كلمته أمام المجلس المركزي أن الإسرائيليين لا يريدون حلاً عاقلاً، ولن يوقفوا الاستيطان في القدس مهما حدث، وأن الإسرائيليين يرفضون وحدة الأرض الفلسطينية، ويرفضون وحدة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، ويرفضون مقترحه باستئناف المفاوضات لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد شرط إطلاق سرح الأسرى والتوقف المؤقت عن الاستيطان، ورغم الاستعراض التاريخي الذي قدمه السيد عباس لمسار المفاوضات مع الإسرائيليين، والذي يؤكد أنها مفاوضات عبثية، مكنت الصهانية من اغتصاب الأرض، حتى صار الاحتلال ليس احتلالاً، وصارت السلطة ليست سلطة، رغم كل ذلك، إلا أن السيد محمود عباس لم يتقدم للمجلس المركزي بأي خطة عمل، واكتفى الرجل بالطلب من المجلس المركزي أن يناقش جدوى انتخابات رئيس لدولة فلسطين أم رئيس لسلطة فلسطينية، وهل ستجري الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس تشريعي للسلطة أم أعضاء برلمان للدولة؟
القيادة الفلسطينية بلسان أكثر من مسئول لما تزل تدرس، ولما تزل تناقش الطريقة المناسبة لمواجهة الصلف الإسرائيلي، ولكن بشرط استمرار التنسيق الأمني الذي أكد السيد محمود عباس على استمراره سواء توقفت المفاوضات أم تواصلت، فهو ضرورة، وأضاف السيد عباس للصحفيين الإسرائيليين عشية التوقيع على اتفاقية المصالحة مع حركة حماس: لن نلجأ إلى العنف مهما حدث، ولن نسلم مفاتيح السلطة.
لم يبق إلا المصالحة الفلسطينية إنجازاً وحيداً قدمه السيد عباس لأعضاء المجلس المركزي، وفيه تباهى أمام الشعب الفلسطيني بهذه الوحدة الفلسطينية التي قضت على فكرة دولة غزة التي حلم فيها الإسرائيليين على مساحة 1600 كليو متر مربع، بل كشف السيد عباس عن خلل في رؤيته للمصالحة حين قال للإسرائيليين، أنا مثل زوج الاثنتين، يحاول أن يرضي هذه وأن يرضي تلك، فإن كنتم أيها الإسرائيليون شركاءنا، فإن حركة حماس هم شعبنا.
لقد أحبط السيد عباس في كلمته تطلعات الشعب الفلسطيني في توظيف المصالحة الفلسطينية ورقة ضغط على الإسرائيليين، وبدلاً من أن يترك شركاءه في المفاوضات حائرين في فهم سياسة الحكومة الفلسطينية المشتركة مع حماس، وبدل أن يتركهم يتوسلون اعتراف الحكومة الفلسطينية القادمة بدولة إسرائيل، لينسوا مطالبتهم بيهودية الدولة، سارع السيد عباس وطمأن الإسرائيليين بأن الحكومة الفلسطينية الجديدة هي حكومته، وأن سياستها هي سياسته، وطالما كان يعترف هو بإسرائيل، ويعترف بالاتفاقيات الموقعة معها، فحكومته تعترف بذلك، وطالما كان هو شخصياً ينبذ العنف فإن حكومته تنبذ العنف.
الذي استمع إلى كلمة السيد عباس أدرك أسباب تشكك رئيس الشباك ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في إمكانية تطبيق اتفاق المصالحة، والذي استمع لأسماء الحاضرين لجلسة المجلس المركزي في رام الله أدرك أن إسرائيل حاضرة في اجتماعات المجلس المركزي، وذلك من خلال اعتقال بعض أعضاء المجلس المركزي من جهة، ومن خلال اعتراضها على وصول من لم يعجبها منهم إلى مدينة رام الله.
ومع ذلك، فإن القرارات التي ستصدر عن المجلس المركزي ستكشف المستور، فإما أن يتخذ المجلس المركزي موقفاً قطاعاً من المفاوضات العبثية، ويؤكد على حق شعبنا في تجسيد دولته واقعاً على الأرض، ويؤكد على أهمية المصالحة الوطنية، ويؤكد على حق شعبنا في مقاومة عدوه بكافة الأشكال؛ بما في ذلك المقاومة المسلحة، وإما أن تصدر عنه قرارات باهتة، تؤكد أن استدعاء المجلس المركزي جاء للتغطية على فشل المفاوضات العبثية.