يعتبر الاعتقال الإداري إجراءً تلجأ له قوات الاحتلال الإسرائيلي لاعتقال المدنيين الفلسطينيين دون تهمة محددة ودون محاكمة، مما يحرم المعتقل ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال، ويحول ذلك دون بلورة دفاع فعال ومؤثر، وغالباً ما يتم تجديد أمر الاعتقال الإداري بحق المعتقل ولمرات متعددة.
وتمارس قوات الاحتلال الاسرائيلي الاعتقال الإداري باستخدام أوامر الاعتقال التي تتراوح مدتها من شهر واحد إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد دون تحديد عدد مرات التجديد، تصدر أوامر الاعتقال بناء على معلومات سرية لا يحق للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، وهي عادة تستخدم حين لا يوجد دليل كاف بموجب الأوامر العسكرية التي فرضتها دولة الإحتلال على الضفة الغربية لاعتقال المواطنين الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة.
وحسب ورقة حقائق من اعداد مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، يعتبر الاعتقال الإداري بالصورة التي تمارسها دولة الاحتلال غير قانوني وإعتقال تعسفي، فبحسب ما جاء في القانون الدولي "إن الحبس الإداري لا يتم إلا إذا كان هناك خطر حقيقي يهدد الأمن القومي للدولة"، وهو بذلك لا يمكن أن يكون غير محدود ولفترة زمنية طويلة.
الاعتقال الإداري بالأرقام:
منذ بدء الإنتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 إزداد معدل الإعتقالات الإداراية، فقبل ذلك كانت قوات الاحتلال تحتجز حوالي 12 معتقلاً إدارياً فقط، ولكن مع بداية مارس 2003 بلغ عدد المعتقلين الإداريين حوالي ألف معتقل، أصدرت قوات الاحتلال 19647 أمر اعتقال إداري مابين الأعوام 2003 و2012. وفي نيسان 2014 بلغ عدد المعتقلين الإداريين 189 معتقلاأ إدارياً، منهم 9 نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، قضى 44 معتقلاً منهم أكثر من عام في الإعتقال الإداري. يحتجز معظم المعتقلين الإداريين في سجون عوفر، النقب، مجدو.
الاعتقال الإداري وتعطيل الديمقراطية:
استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الاعتقال الإداري ضد المسؤولين الفلسطينيين الذين تم انتخابهم في إنتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006، وخاصة من قائمة التغيير والإصلاح التابعة لحماس، بالرغم من أن الكتلة تضم أيضاً أعضاء مستقلين.
في عام 2009 كانت دولة الإحتلال قد اعتقلت ثلث نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، فطبقا للقانون العسكري الإسرائيلي تعتبر كل الأحزاب السياسية الفلسطينية غير قانونية، مما يجعل أي ناشط سياسي عرضه للاعتقال، ولا يزال 11 نائباً من المجلس التشريعي الفلسطيني معتقلون في سجون الاحتلال 9 منهم رهن الإعتقال الإداري.
معاملة المعتقلين:
يتعرض المعتقلون الإداريون إلى كثير من أشكال المعاملة السيئة والعقوبة القاسية الحاطة بالكرامة الإنسانية ومنها: الإهمال الطبي، ظروف الاعتقال غير الملائمة، تقييد الاتصال بالمحامين، منع الزيارات العائلية والتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي.
ويستقبل المعتقلون الإداريون عدد محدوداً جدا -إن لم يكن معدوماً- من الزيارات العائلية، حيث تمنع قوات الاحتلال الزيارات لأسباب أمنية غامضة، وتصعب الموضوع أكثر بوضع المعتقلين في سجون ومعتقلات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، مما يخالف ما جاء في اتفاقية جنيف الرابعة المادة 76، التي تنص على عدم نقل المعتقلين من الأرض المحتلة، مما يجعل زيارات الأهل لذويهم في السجون أصعب، نتيجة القيود التي يفرضها الإحتلال على الإنتقال للأرض المحتلة عام 1948. كما ولا تستطيع عائلة المعتقل رؤية إبنها خلال المحاكمة، لأن جلسات الإعتقال الإداري تكون سرية، ولا يحضرها سوى المعتقل ومحاميه.
التعذيب:
تعترف المحاكم العسكرية والمدنية الإسرائيلية بالاعترافات التي تنتزع من المعتقل عن طريق التعذيب، وبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 205 منذ عام 1967، 71 شهيداً منهم أستشهدوا نتيجة التعذيب، يمكن حجز المعتقل لمدة 60 يوم للتحقيق دون لقاءه محاميه، مما يمنع التحقق من عدم استخدام التعذيب أثناء التحقيق، ويعتبر هذا الأمر انتهاكا للقانون الدولي.
الجهاز القانوني:
يرجع أصل الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ للانتداب البريطاني عام 1945، ويخضع الإعتقال الإداري اليوم لقانون الطوارئ (الإعتقالات) لسنة 1979 (قانون الطوارئ)، والذي ينطبق فقط عند إعلان حالة الطوارئ من قبل الكنيست، وحالة الطوارئ لا زالت معلنة منذ تأسيس دولة الإحتلال عام 1948، ويطبق هذا القانون على مواطني دولة الإحتلال، والمستوطنين في المناظق المحتلة على 1967.
وتقوم قوات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة باستخدام هذا الإجراء بناء على الأمر العسكري رقم 1651 وتحديداً المادة 273 منه، ويمنح هذا الأمر لقائد المنطقة العسكرية الحق في احتجاز الشخص أو الأشخاص لمدة تصل إلى ستة شهور.
تواطؤ الشركات الكبرى:
تستعين دولة الاحتلال بشركة بريطانية - دنماركية تدعى G4S لتزويدها بمعدات الحراسة وتوفير الأمن في السجون. إن G4S مسؤولة عن الظروف القاسية التي عانى منها الأسرى الفلسطينيين خلال الإضرابات التاريخية التي شارك فيها ألاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كما أن G4S متواطئة مع دولة الاحتلال في اعتقال ما يقارب ثلث نواب المجلس التشريعي منذ عام 2006، هذا بالإضافة إلى اعتقال عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان سنويا بسبب مشاركتهم في المقاومة الشعبية.
