تسير الخطوات الفلسطينية بشكل متسارع منذ بداية شهر ابريل الحالي ، حيث تتحرك الامور مثل لعبة (الدومينو) ، بعد ان اتضح ان مفاوضات السلام (الفلسطينية – الاسرائيلية ) برعاية امريكية وصلت الى طريق مسدود ، واخلت اسرائيل بالتزامها بالأفراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى القدامى، فيما ردت القيادة الفلسطينية متمثلة بالرئيس محمود عباس (ابو مازن) بخطوة الانضمام الى 15 معاهدة واتفاقية دولية .
خطوة الانضمام هذه كانت بمثابة تحذير فلسطيني الى إسرائيل بأن لديهم من الاوراق التي يمكن استخدامها في حال استمر التعنت الاسرائيلي ولم يقدم شيئاً على طاولة المفاوضات خلال الجلسات التفاوضية الستة التي عقدت في هذا الشهر .
وبعد ان اتضح التعنت الاسرائيلي بما لا يحمل مجال للشك اتجه ابو مازن الى الداخل الفلسطيني فأرسل وفد المصالحة من منظمة التحرير الفلسطينية الى قطاع غزة ، واجتمع الوفد مع قيادة حركة حماس وخلال 48 ساعة ، كان الاعلان من قبل الطرفين عن اتفاق لتنفيذ بنود المصالحة .
هذا الاعلان استفز الحكومة الإسرائيلية فصعدت من لهجتها واتخذت موقف هجومي ضد الرئيس ابو مازن، اضافة الى سلسلة اجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية من ضمنها قرار بمنع تحويل اموال الضرائب (المقاصة) الى السلطة.
وتجرى القيادة الفلسطينية اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، سينتهي في الساعات القادمة، ومن المرجح حسب ما اعلن ان يخرج المركزي بقرارات تتعلق في المرحلة المقبلة برمتها وتستند على المصالحة الفلسطينية التي كانت مفقودة بالسابق في الحالة الفلسطينية، فهل نحن على اعتاب مرحلة جديدة بالفعل ؟ .
هاني المصري المحلل والكاتب الفلسطيني ، يرى انه من المبكر ان نقول ان الفلسطينيين "باتوا على اعتاب مرحلة جديدة ، لان الاساس الذي تم بناء عليه اتفاق المصالحة الاخير ، بين حركتي فتح وحماس مازال غير واضح وهش" .
ويقول المصري في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"،"فبدون استراتيجية وطنية فلسطينية موحدة وبرنامج سياسي ،واعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون للجميع ، والاتفاق على الامن ، ووضع خارطة طريق واضحة لتنفيذ كل بنود المصالحة وتوضيح ما ان كنا نريد حكومة وانتخابات فلسطينية لدولة ام لسلطة تحت الحكم الذاتي، فإننا ما زالنا بعيدين على المرحلة الجديدة" .
ويضيف " حتى الان لم يتم الاجابة على هذه الاسئلة ؟ مما يعني وجود ثغرات كبيرة في اتفاق المصالحة الاخير، نأمل ان يتم البناء عليه حتى نؤسس لمرحلة جديدة مختلفة تفتح الطريق امام الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي على ارضه ".
ويتابع حديثه " تم الاعلان في اتفاق المصالحة الاخير (الاربعاء الماضي) على تفعيل منظمة التحرير وليس ان يتولى الاطار القيادي المؤقت بناء منظمة التحرير ، كما وان الحكومة يجرى تشكيلها في غضون خمس اسابيع، فيما القانون الاساسي الفلسطيني ينص على تشكيل حكومة خلال ثلاثة اسابيع وان تعذر ذلك يتم التمدد الى اسبوعين ، بينما الظروف الفلسطينية تحتاج الى تشكيل حكومة على الفور وهذا يطرح تساءل في جدية ما جرى ".
ويرى المصري ان الشعب الفلسطيني بحاجة الى عنوان فلسطيني يكون بمثابة قائد سياسي للفلسطينيين يقود العمل السياسي بكافة اشكاله والصمود والمقاومة ، بمعني ان تكون منظمة التحرير الفلسطينية بعد اعادة بنائها هي هذا القائد ، حسب المصري.
ويقول المصري " اسرائيل لا تستطيع ايقاف واعاقة العنوان " منظمة التحرير الفلسطينية " لان اعضائها متواجدين في اماكن مختلفة ، بينما تستطيع اعاقة تحرك الحكومة او منع اجراء انتخابات فلسطينية ".
وتعتبر منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين في كافة اماكن تواجدهم ، وتضم في داخلها جميع الفصائل والقوى الفلسطينية باستثناء حركتي حماس والجهاد الاسلامي ، حيث يجرى الحديث على اعادة بنائها لانضواء هاتين الحركتين ضمن المنظمة .
ويوضح المصري ان الاحتلال في حال تمت الوحدة الفلسطينية الحقيقية ، فإنه سيعمل على ضربها بكافة الوسائل السياسية والعسكرية وعلى كل الصعد والمستويات خصوصا اذا كانت الوحدة على اساس كفاحي فلسطيني موحد .
بدوره يصف ناجي شراب المحلل السياسي الفلسطيني ، " اتفاق تنفيذ المصالحة بالإنجاز السياسي الفلسطيني ويقول " لكن المصالحة ليست حكومة وانتخابات بل تعني اعادة بناء المنظومة السياسية الفلسطينية بالكامل ، واعادة الخيارات السياسية التوافقية ، واعادة الشرعية الفلسطينية ".
ويضيف اذا كانت المصالحة في هذا المعني فإنها ستشكل بالفعل مرحلة سياسية فلسطينية جديدة على مستوى العمل النضالي الوطني ، وعلى المستوى البنائي المؤسساتي من ناحية اخرى ، وهذا يتوقف على رؤية حركتي فتح وحماس لما اتفقا عليه ، فإن كانت الاهداف من وراء المصالحة اهداف مختزلة وتكتيكية فإنها لن تحقق النتائج المرجوة وسندور في حلقة مفرغة ".
ويوضح ، " ان كانت الرؤية تكاملية وتوضح كيفية التعامل مع الاحتلال لإنهائه ، فإن المصالحة ستكون حقيقية " مستدركا بالقول " اعتقد ان المصالحة هذه المرة انتصرت على الانقسام ، فحماس لم تعد تجد نفسها في استمرار الانقسام وفتح لا يمكن ان تستمر في هذا الحال".
ويلفت الى ان الرؤية السياسية الفلسطينية تعني انتهاج خيارات تكاملية توافقية تبادلية ، بمعني ان لا مفاوضات بدون مقاومة شرعية ، ولا مقاومة بدون خيار المفاوضات ، مع التكامل في الذهاب الى المؤسسات الدولية بالأمم المتحدة لتفعيل الدولة الفلسطينية ، هذه الامور تعبر عن رؤية سياسية فلسطينية موحدة".
ويرى شراب الى ان هناك مؤشرات ايجابية حتى الان على ما تم الاتفاق عليه بين فتح وحماس ، ولعل رد حركة حماس على خطاب الرئيس عباس في المجلس المركزي امس ، باعتباره خطاب ايجابي رغم ان ابو مازن " قال ان حكومة التوافق سوف تعترف بإسرائيل ، وهذا ينم عن اتفاق كبيرة بينهما الى حدا ما ."
ويعتقد شراب، ان" نجاح المصالحة الفلسطينية ، يكمن في حل العقدة الاسرائيلية ، والتي تتمثل في الملف الامني والشق السياسي ، فإن استطاعت حركتي فتح وحماس حل هذه العقدة فإن الفلسطينيين بالفعل باتوا على اعتاب مرحلة جديدة ."
وينص اتفاق تنفيذ المصالحة الذي تم الاعلان قبل اربعة ايام من قطاع غزة ويستند الى اتفاقي (القاهرة والدوحة ) وتم بين وفد المصالحة من منظمة التحرير وحركة حماس على تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة ابو مازن في غضون خمسة اسابيع ، كما وتجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني في وقت متزامن بعد ستة شهور من تشكيل حكومة التوافق الوطني على الاقل .
كما تم الاتفاق على عقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، لممارسة مهامها المنصوص عليها في الاتفاقات في غضون خمسة أسابيع من تاريخه والاستئناف الفوري لعمل لجنة الحريات والمصالحة المجتمعية وتفعيل دور المجلس التشريعي الفلسطيني المعطل.
