وصفت صحيفة "الجارديان" الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمصاب بالإرهاق والإحباط بعد سنوات اختار فيها الاطلاع بمهمة تقديم الوجه المقبول للسطلة الوطنية الفلسطينية أمام العالم، مشيرة إلى أنه كان من أوائل أعضاء حركة فتح الذين دعوا عام 1977 للمحادثات مع إسرائيل، كما كان ممثل السلطة الفلسطينية لدى توقيع اتفاقية أوسلو الأولى في سبتمبر 1993.
وبينت الصحيفة "قد يظن الإسرائيليون أن باستطاعتهم العيش في ظل عملية مقاطعة أو اثنتين، وقد لا ينظرون بجدية لتهديد حل السلطة الفلسطينية، لعلمهم أن ذلك يعنى نهاية الرواتب والوظائف والمصالح الفلسطينية التي يضمنها قيام الجهاز، ناهيك عن قوت الفلسطينيين العاديين وعمليات تأمينهم، لكن على الرغم من ذلك قد يأتي وقت يندم فيه هؤلاء الإسرائيليون على الفرصة المضيعة التي مثلها وجود الرئيس الفلسطيني عباس في السلطة".
وقالت - في افتتاحيتها بعنوان "الإسرائيليون والفلسطينيون والفرص المضيعة" على موقعها الإلكتروني الاثنين، "إن عباس كان القائد المعتدل بين الساسة الفلسطينيين على مدار سنوات، وتبع ياسر عرفات واختلف معه أيضا، وخلف عرفات في منصب الرئاسة، ومن وقتها وهو يرى انهيارا تدريجيا في كل من فرص اتفاق حل الدولتين مع إسرائيل، وسلطته بين الفلسطينيين، وأسباب الانهيار في كل منهما وثيقة الصلة بالأخرى".
وأضافت، "طالما تحلى عباس بفضيلتي الصبر ورفض التخلي عن الأمل، لكن هاتين الفضيلتين لديه شهدتا ضغوطا شديدة في الأيام الأخيرة، ويصعب القول إن عباس فوجئ بفشل المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي أظهر وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى قدرا كبيرا من الحرص على دفعها قدما طوال تسعة أشهر صعبة".
"تتابع الصحيفة البريطانية "لقد كان هذا الفشل متوقعا على نطاق واسع، لكن السرور غير الخافى الذي ودعت به حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاوضات، التي نسفتها هذه الحكومة ذاتها عبر اعتماد تصاريح ببناء مستوطنات جديدة، يبدو أنه فجر في نفس الرئيس عباس نشاطا متعصبا غير مسبوق وربما أسفر عن تغيير إستراتيجي للمسار الذي يتخذه الرجل".
وأوضحت الجارديان: "لقد كشف عباس عن خطط بانضمام السلطة الفلسطينية لعدد من الاتفاقيات الدولية، ثم حذر من أن حل السلطة أمر وارد، وأخيرا أعلن عن عملية المصالحة مع حركة حماس، وكلها أمور يبغضها الإسرائيليون".
وقالت الصحيفة إن إسرائيل تنظر إلى (مناورة) الاتفاقيات باعتبارها محاولة على صعيد التأهل للاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وأضافت أن "حل السلطة من شأنه إلقاء مسئولية الأراضي المحتلة بالكامل على الحكومة الإسرائيلية بما يعنى أن قوات الأمن الفلسطينية التي اضطلعت من قبل بحماية إسرائيليين لن تفعل ذلك مستقبلا، ويعنى أيضا أن الترتيبات شبه القانونية التي تحفظ العلاقات بين الشعبين في إطار محدود من الطبيعية ستنهار، وأن المساعدات الأجنبية بسبب الاحتلال ستختفي، ولن يقتصر الأمر على زوال شريك في السلام، وإنما لن يكون هناك شريك في أي شيء".
ورأت الصحيفة أن التحرك صوب حكومة وحدة مع حماس من شأنه أن يجلب للقيادة الفلسطينية شخصيات لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود، وهو احتمال تتحسب له الحكومة الإسرائيلية برعب.
وقالت "الجارديان" إن هذه القرارات إنما تعكس رغبة في معاقبة الإسرائيليين على التفاوض بسوء طوية، كما يرى عباس الذي ربما يعتقد أيضا أن تلك القرارات من شأنها تدعيم أركان شرعيته بعد سنوات في منصبه من دون انتخابات، وربما كان يأمل أن تتمخض تلك القرارات عن دفع الأمريكيين والإسرائيليين إلى بذل جهود جديدة لإنقاذ المفاوضات المحتضرة التي يقودها كيرى، أو ربما أراد التلويح بأنه يرى المستقبل على نحو تكون فيه محاصرة إسرائيل دوليا في الأمم المتحدة والترويج للمقاطعة الدولية والتظاهرات والتصلب المحسوب على الأرض في الضفة الغربية أمورا أكثر جدوى من استئناف محادثات لم ولن تلتزم بها إسرائيل.
ورأت الصحيفة البريطانية أن القرار بشأن حماس كان هدية لنتنياهو، استطاع من خلالها تحويل اللوم في فشل المحادثات من على عاتق إسرائيل إلى عاتق الفلسطينيين، كما منحه ذلك ميزة تكتيكية في الوقت الحاضر على صعيد سياساته المحلية وربما العالمية كذلك.
