الإشعاع بغزة وكثرة الأورام السرطانية

قطاع غزة جزء أصيل وعزيز من فلسطين؛ حيث أن مساحتهُ لا تزيد عن ما يقارب ال(365) كيلو متر مربع تعرض منذ احتلاله عام 1967م لحروب وعدوان مستمر، ما أن تخبو نيران تلك الحرب والعدوان على الشعب الفلسطيني الأعزل؛ سرعان ما تعود لتشتعل مرةً تلو الأخرى. قامت قوات الاحتلال الصهيوني بشن عدوان وحرب صاعقة ماحقة، ومدمرة على قطاع غزة في أواخر عام 2008، وحرب أخرى في عام 2012م؛ على هذا القطاع الصغير بحجمهِ، الكبير في قامتهِ، ومقامهِ، وأهلهِ الذين يقترب عددهم اليوم على ما يزيد عن المليون ونصف المليون نسمه، ويقبع الكثير منهم تحت خط الفقر، وكان العدوان الصهيوني الأخير همجي وبربري بكل ما تحمله الكلمات من معاني، استخدمت "اسرائيل" في تلك الحرب جميع الأسلحة المُحرمة دوليًا، وقصفت غزة براً وبحراً وجوًا؛ وألقت الطائرات حمحمًا من القذائف، والصواريخ المُحملة باليورانيوم المشع، على قطاع غزة؛ ولقد قُدر الخبراء المختصون حجم الصواريخ والقذائف التي ألقيت في العدوانين الأخيران على القطاع بحجم القنبلة النووية التي ألقيت في الحرب العالمية الثانية على مدينتي هيروشيما ونجازاكي في اليابان؛ وكان لهذا العدوان أثار سلبية عديدة من جميع النواحي الاقتصادية والصحية والنفسية المُدمرة على الشعب الفلسطيني، وجعلت من غزة حقل تجارب للأسلحة الفتاكة المُشعة الجديدة التي ألقتها الطائرات أمريكية الصنع؛ صهيونية الاستخدام؛ ليكون شعبنا حقل تجارب لتلك الأسلحة الاشعاعية الفتاكة المدمرة. وبعد انتهاء تلك بدأت تظهر بصورة كبيرة جدًا الأمراض والأورام السرطانية الخبيثة القاتلة، بين أبناء الشعب الفلسطيني بغزة، وكذلك ظهرت تشوهات خلقية في بعض المواليد، مما دفع بعض المراكز العلمية المتخصصة بقطاع غزة لا جراء البحوث العلمية اللازمة للتأكد من وجود الاشعاع بالتربة بغزة وقياس حجم ذلك الاشعاع. حيث قام المركز القومي للبحوث بغزة وبالتعاون مع المركز المصري القومي للدراسات الاستراتيجية، والهيئة العربية للطاقة الذرية، وكذلك عرض الأمر على وفد نمساوي يرأسهُ السيد تريتز ادلنجر؛ وبعد أخذ عينات لمسح الاشعاع في التربة والهواء ولقياس ذلك؛ تبين بعد إجراء الاختبارات اللازمة أظهرت النتائج وجود ارتفاع كبير بنسبة الاشعاع بقطاع غزة بنسبة تقارب 25%، وبناء على ما سبق فإن هناك ضوءً أحمر ونذير للخطر وذلك من خلال الاتي:
1- التعرض المستمر والمباشر للمناطق التي تعرضت للقصف ذات الإشعاع العالي؛ يزيد من نسبة الخطورة والأمراض السرطانية الخبيثة، والتشوهات في المواليد والأجنة في بطون الأمهات الحوامل بشكل كبير؛ كذلك العديد من الأمراض التي قد تصيب الإنسان الفلسطيني بغزة، بسبب ثلوث التربة والهواء والماء في تلك المناطق التي تعرضت للقصف بالمواد الاشعاعية الفتاكة.
2- الزراعة في تلك التربة وخصوصًا في المناطق شمال القطاع وجنوبه وشرقهِ والذي يتعرض للقصف من فترة لأُخري يؤدى لمحصول زراعي يحتوي على الاشعاع العالي، مما قد يؤدى لأمراض كثيرة وخسائر فادحة في الأنفس وفي الاقتصاد الفلسطيني.
3- ممكن مع مرور الزمن أن يكون هناك تأثير سلبي على المياه الجوفية وارتفاع نسبة النيترات والملوحة في المياه، من خلال التربة المشبعة بالمواد الاشعاعية، مما يؤدي إلى ثلوث المياه وعدم صلاحيتها للاستخدام الأدمي.
4- ناهيك فوق كل ما ذكر على التلوث البيئي في الجو. مما يزيد خطر الإصابة بضيق النفس وأمراض القلب وضيق التنفس والأمراض المزمنة.
إن الاحتلال الصهيوني المجرم يتحمل تبعات كل ما يحدث لأبناء شعبنا من تدمير ممنهج ومستمر لإرهاب الكيان الصهيوني؛ ويجب علينا ملاحقة قادة العدو المجرم في كافة المحافل الدولية والعالمية على تلك الجرائم التي يرتكبها ليل نهار وجهرًا ونهارًا، دون شفقة أو رحمة أو إنسانية؛ كل ما سبق يتطلب منا نحن الفلسطينيين جميعًا أن نوحد صفنا الوطني، وأن ننهي صفحة الانقسام البغيض والأسود من حياتنا، ونلملم جراحنا النازفة، لنعمل جميعًا على إنهاء هذا الاحتلال الصهيوني الجاثم فوق ترابنا الوطني.
بقلم/ الدكتور
جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
مدير المركز القومي للبحوث بغزة