حكومة المصالحة ومعادلة رفع الحصار

بقلم: رائد موسى

يمارس الاحتلال الإسرائيلي تضييق اقتصادي على قطاع غزة من خلال منع دخول أصناف محددة من السلع والتي من أهمها مواد البناء، ومن خلال التضييق أو منع حرية حركة الأفراد والبضائع من والى قطاع غزة، ومبرر الاحتلال في ذلك هو عدم الثقة بحكومة حماس المسيطرة على غزة من حيث انها تستخدم مواد البناء لتطوير البنى التحتية لما يطلق عليه الاحتلال "الارهاب" من خلال تشييد الأنفاق والمخابئ ومخازن السلاح، ولكن بعد أن تتشكل حكومة المصالحة والتي كما تم الإعلان عنها بأنها حكومة تكنوقراط برئاسة الرئيس ابومازن والتي كما قال الرئيس تأتمر بأمره، وبذلك الحكومة الجديدة ان تم تشكيلها ستلبي شروط الرباعية من حيث الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقيات، والسؤال هنا هل ذلك من شأنه أن يرفع الحصار عن غزة ؟
للاجابه على هذا السؤال يجب علينا ترجمة معنى نبذ العنف، فالاحتلال لا يعنيه الاعتراف بمبدأ نبذ العنف بقدر ما يعنيه ممارسة ذلك، فحسب اتفاقية أوسلو وملحقاتها من واجب السلطة الفلسطينية من خلال حكومتها وأجهزتها الأمنية أن تعمل على وقف أي عمل عنيف تجاه "اسرائيل" كالتزام فلسطيني أساسي في عملية التسوية السياسية، ولتطبيق ذلك بشكل عملي تقوم أجهزة الأمن الفلسطينية بمراقبة دخول المواد الإنشائية واستخداماتها ومنع تصنيع السلاح والمواد المتفجرة، والتواصل مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال قنوات التنسيق الأمني الرسمية لتبادل الشكاوي ولمتابعة التقيد بالاتفاقات من كلا الطرفين، وبغض النظر عن مدى التزام قوات الأمن الفلسطينية بذلك سابقا قبل سيطرة حركة حماس على غزة إلا انها كانت تتواصل وتنسق مع قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال لجان التنسيق الأمنية الرسمية وكانت المعابر التجارية في قبضة الأجهزة الأمنية بشكل مباشر، فلذلك ان تشكيل حكومة تكنوقراط ملتزمة بشروط الرباعية شفويا بدون سيادة حقيقية عالارض وقدرة على ترجمة شروط الرباعية وممارستها على الأرض من خلال أجهزة أمنية قادرة على ذلك، لن يقنع الاحتلال الاسرائيلي برفع الحصار بشكل كامل، وبذلك سيبقى يمارس التشديد ويضع القيود، وسيختبر قدرة الحكومة ومدى سيطرتها على أجهزة الأمن في غزة، ومدى ممارستها لمبدأ نبذ العنف من حيث منع إطلاق القذائف كما تمارس ذلك أجهزة أمن حماس، ومن حيث منع وتدمير ورش صناعة الأسلحة وذلك ما لم تمارسه اجهزة حماس لحد الآن، فلذلك لن تحل مشاكل غزة الاقتصادية بشكل كامل دون تحديد عقيدة أمنية واضحة لأجهزة امن أي حكومة قادمة.