عمال الأنفاق حقوق مهدورة وواقع مرير!

رغم أن الأنفاق المنتشرة أسفل الحدود الفلسطينية المصرية جنوب قطاع غزة، توقفت عن العمل منذ عدة أشهر وتسبب توقفها بتسريح ألاف العمال وفقدانهم لمصدر رزقهم الوحيد، إلا أن الكثير من العمال ما زال لديهم حقوق وأموال لم يحصلوا عليها من ملاك الأنفاق، مقابل عملهم الشاق لفترات طويلة تحت الأرض.

ولم يوفر من يطلبون أموال بمبالغ مختلفة "أجور" من ملاك الأنفاق أي جهة تساعدهم في الحصول على حقوقهم، فلجأوا الى هيئة الحدود "لجنة الأنفاق" سابقًا، "إدارة أمن الحدود" حاليًا، وللعديد من الهيئات الحكومية والأشخاص المسئولين في حكومة غزة، لكن ذلك لم ينجح بإرجاع حقوقهم لهم.

فمنهم من نجحت هيئة الحدود بمنحه حقه من مالك النفق، ومنهم لم تنجح، والبعض التزم بتقسيط المبالغ، وأخرين تنصلوا من دفع الحقوق لأصحابها وبقيت القضايا مُعلقة، ويؤكد مصدر في إدارة أمن الحدود لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" أن العشرات من العمال وأصحاب الأنفاق لديهم أموال على بعضهم البعض حتى اليوم.

وشدد المصدر على أن إدارة أمن الحدود تبذل ما بوسعها لحل كثير من المشاكل والخلافات المالية، مشيرًا إلى أن الآلية تتم عبر تقديم من لديه مبالغ مالية على مالك نفق "شكوى" وبعدها يتم استدعاء الطرفين، وفي حال تخلف ولم يحضر الأخير، يتم التواصل مع الأجهزة الأمنية المختلفة بما فيها المباحث لإرسال بلاغ له.

ولفت إلى أن إدارة أمن الحدود تسعى جاهدة لحل المشاكل في مقرها الرئيس على بوابة صلاح الدين الحدودية بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وكافة أركان الإدارة تتضافر لحلها بشكلٍ ودي دون اللجوء للقضاء والمباحث لإصدار مذكرات توقيف أو استدعاء، مؤكدًا أنهم تمكنوا من حل كثير من القضايا وبقيت قضايا أخرى جار العمل على حلها.

بدوره، يقول العامل "أ.ش" إنه عمل في الأنفاق لفترة طويلة حتى توقف عن العمل منذ عزل الرئيس محمد مرسي وإغلاق الجيش المصري للأنفاق وتدميرها، "وقبل أن يتم إغلاقها ونتعطل عن العمل، كان لنا حقوق كثير لم نأخذها من مالك النفق."

ويلفت "ش" إلى أنهم اشتكوا مالك النفق لإدارة أمن الحدود وبدورها تابعت القضية وبعد عناء تمكنا من استعادة جزء من حقنا، وبقي عليه(مالك) النفق مبالغ كثيرة لجميع من عملوا معه(..) ما لا يقل عن 500 دولار أمريكي.

أما "م.أ" فيشير إلى أنه عمل لدى أحد ملاك الأنفاق لفترة طويلة وكان لا يعطيهم سوى جزء يسير من حقهم، وكان يعدهم (على الخير) أي عندما يعمل النفق، "وعمل النفق لفترة طويلة ولم يعد الحق لنا، فقمنا بالتبليغ عنه لدى (لجنة الأنفاق) سابقًا، لكنها لم تنجح باستعادة المبالغ لنا.."

ويضيف "بعدها قامت الشرطة بحبس صاحب النفق لضبطه يهرب ممنوعات وبعد عدة سنوات افرج عنه قبل نحو أشهر، وطيلة فترة سجنه لم نستطع التحرك على أي صعيد لاستعادة مبالغنا المالية، فأقل شخص يريد منه حوالي 200 دولار"..

ويبين إلى أنهم يعيشون واقع مرير ومعاناة تتفاقم يوميًا بسبب إغلاق الأنفاق، مما جعلهم مضطرين للبحث عن مختلف الوسائل لاسترجاع حقوقهم (الديون) من مالكي الأنفاق، لأن المبالغ ليست بسيطة، وتشكل انفراجة بوضعنا في حال استعدناها.

ولا يختلف الحال بالنسبة لـ "م.م" الذي يسعى منذ شهور لملاحقة مالك نفق على مبلغ 8 آلاف دولار حق له عند الأخير، ويتنصل من دفعها له، رغم أنه توجه لتقديم شكوى لدى إدارة أمن الحدود التي وعدت عدة مرات بحل القضية.

وفي عيد العمال العالمي الأول من أيار/مايو، الذي يأتي وسط تفاقم غير مسبوق بمعاناة العمال الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر من قبل اسرائيل، يطالب العمال الثلاثة الذين يشكلون عينة من عشرات العمال المهدورة حقوقهم عبر "وكالة قدس نت للأنباء" كافة الجهات المعنية بضمان توفير مصدر رزق لهم بديلاً عن الأنفاق المُغلقة، والسعي لاسترداد حقوقهم المشروعة، والتي كانت على حساب أجسادهم وحياتهم ومستقبلهم، فتجرعوا الموت لجمعها.

ويعلق مالك نفق يدعى "ح.ع" على قضية الأموال المستحقة على بعض ملاك الأنفاق بالقول :"أنا شخصيًا يريد مني العمال مبالغ طائلة، وانكسرت خلال العمل، ولم أعد قادر على دفع لو شيكل واحد للعمال، خاصة بعد إغلاق الأنفاق، وانعدام الأمل بعودة العمل بها".

ويشير "ع" قائلا لـ"وكالة قدس نت للأنباء":"قدم العمال شكاوى بحقي لدى الشرطة لحبسي ونجحوا في ذلك كوسيلة للضغط علي للدفع، وتعرضت للحبس أيام، حتى تمكن أهلي من استدانة مبلغ وتسديد جزء من الديون وخرجت، وما زلت ملاحق من الشرطة والقضاء، ولا أعلم كيف سأستطيع دفع المستحقات للعمال.

وينوه إلى أنه لو اضطر للاستدانة فهاذ ليس حلاً بل يفاقم من المشكلة، لأنني (أعالج خطأ بخطأ أكبر) فكل شخص استدين مه يبقى برقبتي، فكل ما أقوم به فقط (تصبير العمال)، متمنيًا من كافة الجهات خاصة التي توسل لديها "المجلس التشريعي، النائب العام،.." بمحاولة انصافه بهذه القضية ووضع آلية لحلها.

و"الأنفاق" وسيلة لجأ لها سكان غزة لكسر الحصار الإسرائيلي الذي فرض على القطاع منتصف عام 2007 بعد سيطرة حركة حماس على الحكم، ولجأ آلاف العمال العاطلين من مختلف الفئات العمرية للعمل بها، وقتل أكثر من 250 عامل وأصيب أكثر من 500 آخرين خلال العمل في الانفاق، قبل أن تغلق من قبل الجيش المصري منذ ثمانية أشهر.

وحسب تقرير صدر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان في17/1/2013م: " بلغ عدد الضحايا في الأنفاق الحدودية (232) شخصاً بينهم (20) بقصف إسرائيلي، فيما بلغ عدد المصابين (597) منذ العام 2006، الذي بدأت فيه ظاهرة الموت داخل الأنفاق".

المصدر: رفح – وكالة قدس نت للأنباء -