ماذا بعد الاقتحامات المتتالية للأقصى؟

بقلم: رضوان أبو جاموس

ازدادت هذه الأيام وتيرة الاقتحامات المتكررة لاستهداف المسجد الأقصى من قبل جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، بتشجيع من الشخصيات الاعتبارية الحكومية والحزبية، الأمر الذي يُعتبر دليلا واضحا على ما يُدبر للمسجد الأقصى في الأيام القادمة.
الاقتحامات المتواصلة لباحات المسجد الأقصى تأتي تلبية لدعوات أطلقتها "منظمات الهيكل المزعوم"، وتشرف على ترتيبها بشكل منظم واستفزازي في تحد واضح للمجتمع الدولي وإهانة كاملة للعالم العربي والإسلامي المنشغل بما يسمى زورا وبهتاناً "ثورات الربيع العربي"، وهذا ما حذّرت منه "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث"، مطالبةً المرابطين بإفشال مخططات دولة الاحتلال بتشكيل حماية بشرية متواصلة للدفاع عن حرمة المسجد الأقصى.
الاعتداءات المتكررة على مدينة القدس ومسجدها المبارك تثبت من جديد أن الأقصى والقدس هما القضية المركزية ومركز الصراع الكوني، وتُعتبر هذه الانتهاكات بمثابة مغامرة خطيرة، قد تؤدي إلى انفجار كبير في المنطقة بأسرها، لاسيما ما يمثله المسجد الأقصى من مكانة رفيعة لدى المسلمين فهو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين .
هي الاستباحة الصهيونية المتواصلة لما تبقى من القدس المحتلة من معالم عربية وإسلامية تبلغ ذروتها فيما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك من عمليات تهويد واستيطان منظم يهدف في الأساس إلى تحقيق غاية الاحتلال في إقامة القدس الكبرى لتكون عاصمة موحدة لدولة الاحتلال .
مسلسل الاستباحة لباحات المسجد الأقصى ما كان ليتم لولا حالة الضعف والهوان التي تعيشها الأمة الإسلامية، لاسيما بعد اندلاع ما تسمى بـــــــ" ثورات الربيع العربي" التي ساهمت بوضع القضية الفلسطينية في مرتبة ثانوية على أجندة الزعماء والملوك العرب والمسلمين، وهيأت الظروف لتحقيق مخططات دولة الاحتلال المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى والتعجيل ببناء الهيكل المزعوم وفق نبوءة التوراة المحرفة .
وعلى وقع جرائم الاحتلال وقطعان مستوطنيه المتصاعدة مع مرور الأيام بحق مدينة القدس ومقدساتها، بفعل السياسة المنظمة التي تنتهجها حكومة اليمين المتطرفة برئاسة " نتنياهو"؛ بات من الواضح أن فصول المسرحية التراجيدية اكتملت حلقاتها، وأن المسجد الأقصى على وشك التغييب الكامل عن الخارطة واستبدال هيكلهم المزعوم به وليس هذا فحسب، بل تمتد خيوط المؤامرة لتصل للاستيلاء على ما تبقى من أراض في الضفة المحتلة وطرد فلسطينيي الداخل من منازلهم تحت ذرائع وحجج واهية .
ويبدو أن نفس السيناريو الذي نجح فيه اليهود بالسيطرة على القدس عام 1967م، مستغلين حالة الضعف والهوان التي سادت الدول العربية آنذاك، تسعى اليوم دولة الاحتلال لتكراره من خلال تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط عن طريق تشجيع الفتن المذهبية والطائفية بما يتفق مع رغبات اليهود ليتسنى لهم استغلال هذه الظروف لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة.
ويرى اليهود أن تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم هو الحلم الذي ينتظره كل يهودي ويتطلع لتجسيده واقعياً؛ إذ إن اليهود يدركون أن الظروف مهيأة هذه الأيام لتنفيذ مخططهم الخبيث بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه لانشغال الدول العربية شعوباً وحكاماً بقضايا ثانوية بعيدة عن فلسطين ومقدساتها .
ومن الجدير ذكره أن المسجد الأقصى المبارك يتعرض لاقتحامات شبه يومية من قبل جنود الاحتلال الصهيوني والمستوطنين اليهود المتطرفين.
هذا جزء من واقع القدس ومسجدها الأقصى الذي يتعرض لأشرس هجمة صهيونية في تاريخه في ظل صمت عربي وإسلامي مهين وتخاذل دولي فاضح ليبقى السؤال المهم: هل سيقف قادة وزعماء العالمين العربي والإسلامي عند مسئولياتهم قبل فوات الأوان أم أن ثورات الربيع العربي لم تؤت ثمارها بعد؟