تجرءوا في الرد على نتان ياهو

بقلم: فايز أبو شمالة

بن يامين نتان ياهو لا يمثل نفسه في رئاسة الوزراء الإسرائيلية، إنه يقود تآلفاً متطرفاً يمثل خلاصة وعي الإسرائيليين السياسي، ويعبر عن وجدانهم المنفلت في التجبر والغطرسة.
بن يامين نتان ياهو كان صادقاً مع نفسه ومع حزبه ومع تحالفه الحكومي حين فضل الاستيطان على المفاوضات مع السيد عباس، وحين اشترط اعتراف السلطة الفلسطينية بيهودية الدولة، وهذا الرجل الذي لما يزل يحظي باحترام غالبية الإسرائيليين لا يخشى لائماً في التعبير عن حق اليهود في السيطرة على كل أرض فلسطين.
إن فلسفة نتانياهو السياسية تقول: هنالك من يطالبنا بالانفصال عن الفلسطينيين، وقيام دولة قومية فلسطينية "الى جانب دولة "إسرائيل"، تفادياً لقيام دولة ثنائية القومية، فكيف نسمح بقيام دولة قومية فلسطينية، خاليه من اليهود، في الوقت الذي ستكون فيه دولة إسرائيل ثنائية القومية، تضم عرباً ويهوداً.
في خطاب نتان ياهو هذا نقطتان جوهريتان:
الأولى، هنالك رغبة إسرائيلية جامحة في رؤية دولتهم اليهودية خالية من العرب.
الثانية: أن الإسرائيليين معنيون بالبحث عن الحل السياسي الذي يعزلهم عن الفلسطينيين، ويحررهم من الاحتلال الذي يفرض عليهم دولة ثنائية القومية.
ضمن هذه المعادلة السياسية المستعصية على قدرات الفلسطينيين في هذه المرحلة، فإن التمسك بحل الدولة ثنائية القومية فيه خلاص للفلسطينيين من المطالبة بدولة غير قادرة على الحياة، وفيه إغلاق لطرق المناورة السياسية الرحبة التي يمارسها القادة الصهاينة، وفي المطالبة بقيام الدولة ثنائية القومية وأد لفكرة الدولة اليهودية التي ستقوم على حساب وجود مئات ألاف الفلسطينيين الذين بقوا في أرضهم، ويحملون اليوم الهوية الإسرائيلية.
إن قيام الدولة ثنائية القومية يعني سياسياً بقاء المستوطنين في أماكن استيطانهم في الضفة الغربية ـ وهم باقون بفعل المبادرة العربية لتبادل الأراضي ـ ولكنه يعني أيضاَ تحمل الدولة ثنائية القومية كامل المسئولية عن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال توطينهم في بلادهم ثنائية القومية، ويعني تحمل الدولة ثنائية القومية المسئولية عن تطور حياة الفلسطينيين أسوة باليهود، وستكون الدولة ثنائية القومية هي المسئولة عن الرفاه الاجتماعي لكل مواطنيها، وسيمثل فيها الجميع أمام القانون سواء، ولن تسمح بوجود فساد إداري ومالي، ولن يصير الحديث بين اليهود والفلسطينيين عن توافه الأمور؛ مثل توفير الرواتب آخر الشهر، وفتح المعابر، وتوفير الكهرباء وتوفير غاز الطهي.
إضافة لما سبق، فإن المطالبة بدولة ثنائية القومية فيه تصحيح للخطأ التاريخي الذي قضى بالاعتراف بدولة إسرائيل مقابل اعتراف دولة إسرائيل بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.
يا حبذا لو تخلت القيادة الفلسطينية عن مسارها السياسي الذي أغرقها في المجهول، وتحمل فكرة الدولة ثنائية القومية، وتطرحها على اجتماع وزراء الخارجية العرب، لتكون البديل الموضوعي لمبادرة السلام العربية التي احتقرتها القيادة الإسرائيلية، فماتت في مهدها.
إن قيام دولة ثنائية القومية يحقق فيها الفلسطينيون بعض حقوقهم الإنسانية والسياسية لهو أفضل مليون مرة من الغرق في حلم دولة فلسطينية مستقلة لم يحقق فيها الفلسطينيون إلا المحسوبية والتسلط الوظيفي، وتغييب القانون، وتفرد المسئولين بكل الامتيازات والمنافع، مع تواصل التوسل أمام صناديق المساعدات الدولية.
انتباه: وجه شمعون بيرس يوم أمس إهانة إلى كل من يلهث خلف الأمم المتحدة كي تعطيه دولة، حين قال في الذكرى: دولة إسرائيل لم تقم بقرار من الأمم المتحدة قبل 67 سنة، دولة إسرائيل قامت على دم أبنائها، بتضحياتهم كنا، وبتضحياتهم سنكون.