قلت في أحد الجلسات بين لفيف من الأصدقاء الذين هم يعشقون الثقافة،ومتابعة مجريات الأمور وتحليلها بعيدا عن الوشاية والواشون ..قلت أني دائما أؤمن بأنه لكي يقيم المرء بناءً قويا متينا ، فعليه إتباع بعض الخطوات الأساسية والتي لامفر منها ..مثل القيام بدراسة جدوى ،وتحضير مسبق ، كما يقول التربويون ..حتى يتجنب المرء الأخطاء والأخطار ،وذلك قبل تشييد ذاك البناء .. والأبنية أنواع منها ما يعمر طويلا ومنها ما يسقط على أقرب موجة إعصار أو ثلوج ، كما يسقط الصخر من أعالي الجبال فوق رؤوس العباد .. !!
عندها قال لي احد أولئك الأصدقاء : وماذا تقصد بتلك الطلاسم يا عزيزي ،هل هو انتقاد لمشروع قيد البناء أم هي نظرة أمل ممزوجة بشيء من الريبة والخوف ..؟!
قلت له : أقصد انه كنت أتمنى قبل كل شيء وقبل إتمام المصالحة الفلسطينية والتي لا محال عنها أبدا لأنها مطلب كل الشرفاء والأحرار والمحبين للوطن ..تلك المصالحة ،والتي نسال الله جميعا أن تتم على خير ،وألا يشوبها أي عائق ..كنت أتمنى لو انه تمت مداولة ملف خطير له أبعاد أكثر خطورة لأنه على أثره داهمنا الانقسام ،وتفتت أواصل مجتمعنا بل وتعقدت على أطلاله كافة الأمور وازدادت الشروخ والجروح بين أبناء الوطن الواحد ..تدخل صديقا آخر بقوله أتقصد الملف الأمني ..؟!! قلت : نعم ..فإذا كنا قد خضنا مفاوضات كثيرة من أجل الوصول إلى التوافق ،مفاوضات امتدت بنا سنوات طوال من أجل إنهاء الانقسام والدعوة إلى عودة و لملمة الوضع واندماجه بحنايا النسيج الواحد فما المشكلة لو أننا تأخرنا قليلا ولو لبعض الوقت من أجل أن نرى جميعا النور الذي لا يخفت وذلك عبر الاتفاق الكامل على جذور أو لب المشكلة من خلال مناقشة الملف الأمني للأجهزة الأمنية بحذافيره من قبل المسارعة بتشكيل لجنة أمنية عليا لإعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية ،وبعيدا عن التأجيل أوترك ذاك الملف على الهامش كالعابرون على أطراف حياتنا ..بلا شك أن هناك صعاب وقنابل موقوتة يمكن أن تنفجر بأي حال من الأحوال عندما يتزمت أحد الإطراف ،وينفرد بآراء تخالف المصلحة الوطنية العليا والتي هي الأساس لكن ماذا لو تحاورت الإطراف المعنية من حركتي فتح وحماس شريطة أن يكون هناك صمام أمان احتياطي يضمن السلامة للجميع عند عدم الاتفاق حتى نتفق على ما اختلفنا عليه فنصل إلى بر الأمان وبسلامة وطمأنينة ..رد عليَ أحد الأصدقاء الجدد حيث قال باقتضاب ..ولما لا نبدأ بالسهل من باب التفاؤل ونبتعد عن الأمور التعقيدية التي يمكن أن تعكر صفو حياتنا ..قلت له ياعزيزي ليتنا نحيا فقط بين السهول لكن هناك جبال وعره تحيط بنا رغما عنا .. أقصد ببساطة شديدة أن هناك من البيوت لا يصلح معها الترميم بل لابد من إزالتها على أعقابها ،ووضع أساس قائم لها من جديد ،وإلا ستنخر الرطوبة ،والرياح ،ومياه المطار وكافة عوامل التعرية خبايا أحجارها ، كما ينخر السوس جذور النخيل وعندما تنهار تلك الأحجار هل يبقى لسكان البيت من مأوى .. ونحن كذلك يجب علينا أولا القيام بإزالة حقول الألغام التي تهددنا ،والكفيلة بتدمير، ونسف كل شيء وإلا سيكون حالنا أشبه بالذين يزرعون الفل والياسمين وأعواد الريحان فوق أكوام المزابل ..!!