بهدف التأثير السلبي على أجواء المصالحة الفلسطينية، وبهدف الوقيعة بين حركتي فتح وحماس، يواصل الإعلام الصهيوني بث مكائده السياسية من خلال التركيز على قوة حركة حماس، وقدرتها على استغلال المصالحة الفلسطينية للسيطرة على الضفة الغربية مثلما سيطرت على قطاع غزة، ويدعي الإعلام الصهيوني أن السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على الإمساك بزمام الأمور الأمنية في الضفة الغربية، طالما ابتعدت عن طاولة المفاوضات.
بعد التجربة المريرة للانقسام الفلسطيني وما رافقها من سلبيات كشفت الحجاب عن الواقع المرير؛ الذي فرض على حركة حماس أن تكون أكثر قدرة على تشخيص الحالة الفلسطينية بشكل موضوعي، فأضحت مدركة أنها ستكون أكثر المتضررين من تفردها بالقرار الفلسطيني، وسيطرتها على الضفة الغربية سواء كان ذلك من خلال الانتخابات التشريعية، أو من خلال الانتخابات الرئاسة، أو من خلال القوة العسكرية.
إن الدرس الذي تعلمه الشعب الفلسطيني من تقاسم السيطرة سيظل ماثلاً للعيان، لتكون الوحدة الوطنية هي البديل عن الانقسام، مع ضرورة الوقوف بقوة ضد تسلط طرف على القرار الفلسطيني حتى ولو امتلك القدرة، وتوفرت له الإمكانيات، ففي حالة التحرر الوطني يجب اعتماد مبدأ التوافق على أقل الضرر، والتراضي على أكثر المنافع للقضية.
لقد أخبرتنا تجربة الانقسام أن سيطرة فتح على الضفة الغربية وحدها لم تثمر دولة فلسطينية، ولا شبة دولة من خلال المفاوضات التي أسفرت عن تعريه العدوان الإسرائيلي، وقد استنتجنا من تجربة الانقسام أن سيطرة حماس على غزة وحدها، لم ينتج عنها تدمير الدولة العبرية، وإن نجحت المقاومة في أن تكون نداً، وذلك لأن القضية الفلسطينية محكومة بالمتغيرات الإقليمية، والمعطيات الدولية التي تفرض نفسها على معادلة الصراع مع الصهاينة.
التجربة الفلسطينية المريرة تحتم على طرفي الانقسام السياسي أن يسيطرا معاً على الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن يتفقا معاً على قيادة سياسية واحدة، لها برنامج سياسي موحد، تلتقي عليه أغلبية القوى الفلسطينية، ليصير الانطلاق معاً لما هو أبعد من سيطرة طرف وإقصاء طرف. فالوطن الواقع تحت الاحتلال بحاجة إلى جهد الجميع، وطاقتهم.