الأسرى الإداريون : ينتظرون الموت فهل يكفي ما نفعل؟

بقلم: رضوان أبو جاموس

يواصل الأسرى الإداريون في سجون الاحتلال الصهيوني إضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم السادس عشر على التوالي ، احتجاجًا على سياسة الاعتقال الإداري دون تهمة ولا محاكمة، مؤكدين في رسالة لهم استعدادهم الموت جوعًا من أجل العيش بكرامة وحرية دون التنازل عن قيمهم وأخلاقهم .
ويؤكد الأسرى الإداريون على مواصلة معركتهم المفتوحة على كل الاحتمالات مع سلطات الاحتلال، حتى تحقيق مطالبهم العادلة بالحرية وإلغاء قانون الاعتقال الإداري "العدو المجهول" الذي يواجه الأسرى الفلسطينيين، وهو عقوبة بلا تهمة, يحتجز الأسير بموجبه دون محاكمة ودون إعطاء الأسير أو محاميه أي مجالاً للدفاع بسبب عدم وجود أدلة إدانة واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى "الملف السري" الذي تقدمه أجهزة المخابرات الاحتلالية الإسرائيلية.
وإزاء ذلك صعًدت سلطات الاحتلال إجراءاتها التعسفية ضد الأسرى، وقابلت خطواتهم الاحتجاجية بعنف متزايد، حيث قامت بنقل الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام إلى سجون مدنية، للضغط عليهم والتنكيل بهم من اجل وقف إضرابهم عن الطعام لإفشال هذا الإضراب الذي يتصاعد يوماً بعد يوم .
وعلى وقع هذه المعاناة تبقي معركة الأسري " الأمعاء الخاوية" في مواجهة ظلم السجن وقهر السجان، قضية إجماع وطني وشعبي، وتحتاج لتظافر كافة جهود المخلصين من أبناء الشعب أحزاب وجماعات ومنظمات شبابية وطلابية والخ.
وفي هذا الإطار انطلقت في قطاع غزة حملة "مي وملح" وهي مبادرة شبابية أعلن عنها مجموعة من النشطاء والشباب الفلسطيني بهدف تسليط الضوء على معاناة الأسرى داخل السجون الصهيونية وخصوصا الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه الأسرى الإداريون حاليا ولا يتناولون خلاله سوى الماء والملح، رفضا منهم لسياسة الاعتقال الإداري التي يتخذها الاحتلال بحقهم.
كما يشهد اليوم الجمعة (9|5) انطلاق موجة تضامنية عالمية مع الأسرى الإداريين الفلسطينيين المضربين في سجون الاحتلال الإسرائيلي لليوم السادس عشرة على التوالي، وذلك بعدد من اللغات، وتحت عنوان "ماء وملح"، في إشارة إلى ما يعيش عليه الأسرى خلال إضرابهم المفتوح.
وفي الوقت ذاته؛ أطلق مجموعة من الإعلاميين والنشطاء السياسيين والحقوقيين وأهالي الأسرى حملة إعلامية حملة عنوان "‏أسقطوا الملف السري" لدعم الأسرى الفلسطينيين الإداريين المضربين عن الطعام منذ 16 يوماً، وتهدف إلى تكثيف البث الإعلامي المرئي والمسموع والمقروء عن إضراب الأسرى وصولا إلى يوم إعلامي مفتوح حدد بتاريخ 11 أيار (الأحد القادم) تشارك به وسائل الإعلام الفلسطينية كافة مع دعوة وسائل الإعلام العربية لعمل تغطيات خاصة، وذلك بالتوازي مع حشد الكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي" فيسبوك والتويتر".
أما فصائل المقاومة التي نثق جداً بقدراتها وعملها الدؤوب في سبيل تحرير الأسرى، فلم تستثنها من تحمل المسئولية لكننا لن نضعها تحت الضغط، بل ندعو الله لرجالها الميامين ليل نهار أن يتكلل عملهم بالنجاح ويتمكنوا من أسر جنود إسرائيليين لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى على غرار صفقة "وفاء الاحرار" المشرفة.
وبينما يتسع نطاق الفعاليات التضامنية للأسرى تتعالي النداءات والأصوات المطالبة السلطة الفلسطينية بتدويل قضية الأسرى في المحافل الدولية من أجل نيل حقوقهم المشروعة والتي كفلتها لهم القوانين والاتفاقيات الدولية، ومبادئ حقوق الإنسان التي تحظر حبس أو توقيف شخص بدون تهمة، وتحفيز المؤسسات والمنظمات الحقوقية أولا على تكثيف زياراتها للأسرى المضربين عن الطعام وخاصة الصليب الأحمر الدولي، وكذلك تصدير معاناتهم للعالم وتسليط الضوء على إضرابهم على غرار ما قامت به دولة الاحتلال عندما كان الجندي الاسرائيلي "شاليط" أسير لدى المقاومة فجابت بقضيته شتى بقاع العالم للضغط على المقاومة للإفراج عنه.
وهذه الفعاليات وغيرها ترفع معنويات الأسرى وتؤازرهم في معركتهم العادلة مع سلطات الاحتلال، وتساهم بدرجة كبيرة في نصرة الأسرى وتؤكد على وقوف الشارع الفلسطيني إلي جانبهم، ومن هنا جاءت دعوة الفصائل للجماهير بالخروج في مسيرات للمطالبة بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ حياة الأسرى قبل فوات الأوان.
يذكر أن "الاعتقال الإداري" لا يعتمد على أسس قضائية او معايير قانونية لها، اذ تطبق إسرائيل في محاكماتها للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أحكام قانون الطوارئ البريطاني للعام1945، كما أن تعليمات الشاباك الإسرائيلي هي التي تتحكم بمصير المعتقلين، وأغلبية الأسرى يقضون في الأسر لأشهر طوال وربما لسنوات عديدة، بناء على الملف السري وهو الذريعة التي يستخدمها جهاز المخابرات الإسرائيلي لتحويل الأسير الفلسطيني للاعتقال الإداري بدون تهمة بدعوى وجود بنود تدينه ضمن ملف سري لا يسمح له ولا لمحاميه الاطلاع عليه، وبالاستناد إليه يجري تمديد اعتقاله عدة مرات بدون تحديد موعد إفراج، وهو إجراء مخالف للقانون الدولي.
ويبلغ مجموع الأسرى الذين خضعوا للاعتقال الإداري منذ سنوات الثمانينات أكثر من 40000 ألف فلسطيني، وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية أصدرت المحاكم العسكرية الإسرائيلية قرابة 19 ألف آمر إداري. ويقبع حالياً في الاعتقال الإداري قرابة 200 أسيرا بعضهم جدد له الاعتقال الإداري أكثر من 12 مرة متتالية، وشمل الاعتقال الإداري جميع فئات المجتمع الفلسطيني وعلى مختلف الأجناس امرأة ورجل، صغير وكبير.