رجال من زمن الثورة
ثالثاً: المحاكمة
استمرت محاكمتي لأربعة أيام متواصلة، حيث أُعلنت مدة الحكم، وبعد أن أخذت الوقت المخصص لي بالكلام، وقلت ما قلت أذكر حتى الآن كلمات والدتي لي:
يا ولدي، ليس كل رجل يدخل السجن، يخرج منه رجلاً، ها أنت تدخله رجلاً، وأريد منك أن تظل رجلاً، وأن تغادره رجلاً، كنت أبتسم لها فقط، مثلما كنت حين دخلت المحكمة، وحين كانوا ينطقون الحكم.
بعد صدور الحكم، أعلمني الصليب الأحمر الذي كان يحضر المحاكمة أنهم سيأخذونني إلى سجن عسقلان، ذي السمعة الإرهابية السيئة، وحيث تتم عملية إذلال عميقة للفلسطيني السجين، إذ يفرض عليه أن يلفظ قبل وبعد الحديث كلمة سيدي لسجانه، حين وصلت السجن رفضت وبإصرار عنيد وكامل أن أقول للسجان هذه الكلمة رغم كل المحاولات والتهديدات والتعذيب؛ أية حياة يعيشها السجين في هذا المكان المجبول على الحقد والمؤسس لقتل روح الإنسان الفلسطيني، ففي كل لحظة يمكن أن يكون هناك ضرب وتعذيب، وعلى مدار ساعات النهار والليل أيضاً، بالعصي، بأسلاك التلفونات والأيدي والأقدام، لا تعرف من يعذبك، إذ ينهالون أحياناً مرة واحدة عليك، كان الضرب وحشياً.
أعرف في هذا السجن يهودياً مصرياً، وآخر اسمه "كليمونت" كان هذان لا يستعملان في تعذيبهما العصي أو الأيدي، كانا فقط يعضان، يعضان لحم الفلسطيني بشكل وحشي ومَـرَضي، وكنت تحس كأن قطعة من لحمك قد انتزعت بين أسنانهما، إن العذاب الذي واجهه معتقلو سجن عسقلان دفع البعض من الإخوة إلى محاولات انتحارية، وقد حدث هذا بالفعل داخل هذا السجن للتخلص من جحيم عسقلان اليومي.
كان سجن عسقلان مقموعاً حتى النخاع، إلى الحد أن المرء لا يكاد يصدق ما يرى، فبعد انتهاء مدة حجزي في الإكس، وعودتي إلى الغرف، كنت أجلس مرة على الأرض مستنداً بظهري إلى الحائط، فإذا بالمعتقلين يُـحذرونني بأن ذلك ممنوع، وإن عقابه لو رأوك أربعة عشر يوماً في الزنزانة، وسبعة أيام في الاكس، ذهلت لذلك، لكنني بقيت جالساً، جاء السجان ورآني، ونظر فيّ، وما لبث أن عاد قافلاً، وأخذ يتحدث في الهاتف، لم أفهم ما قال، لكن الجلوس والاستناد إلى الحائط لم يعد بعد ذلك ممنوعاً، وبذلك كُسر أول حاجز من حواجز الخوف المنتشرة في عسقلان، وكان ذلك مدخلاً للحديث باتجاه ضرورة المواجهة، لكن ذلك لم يكن سهلاً أمام ما يبثه السجن من هول في نفس المعتقل، ورغم ذلك لا يُعدم وجود العنصر الثوري في هذا المكان، فهو المكان الأكثر خطراً وقهراً والذي يستطيع الثائر أن يُـثبت فيه أنه ثوري بحق، فالثوري الحقيقي هو الذي يعطي وينتج في مثل هكذا مكان، فالمكان هو الدليل على حيوية الثوري.
كان لا بد من التفكير للخروج من إسار الخوف المستشري في هذا السجن، كالإضراب مثلاً، فإن تم، حتى وإن لم ينجح، سيكون العامل الأساسي في كسر حاجز الخوف هذا، وسيكون هذا بحد ذاته انجازاً ومنعطفاً تاريخياً في تجربة الحركة الاعتقالية، لكن النفسيات لم تكن جاهزة لمثل هذه الخطوة، ولم يمنع ذلك من عرض الفكرة على بعض الإخوة فوافقوني، لكن كان هناك الكثير ممن لم يكونوا ليستوعبوا معنى أن تثور ضد هذا الوضع القائم، لقد تم الاعتماد على مجموعة من الشباب كانوا معي في سجن نابلس، وقد تحرك هؤلاء، واستثرت الدعوة والإعداد للإضراب عن الطعام عاماً كاملاً، من حزيران 1969 إلى تموز 1970.
قبل الإعلان عن الإضراب شعرت سلطة السجن بتحركاتنا فقامت بعزلي إلى الاكس، وبعد لحظات، تم عزل أحمد أرشيد، وعمر قاسم، وكنا في اكسات متقاربة، ثم بدأ الشباب الإضراب، وبدأناه ثلاثتنا في الاكسات، فيما بعد حصلت تطورات كثيرة في مسيرة هذا الإضراب، الذي هدف أساساً إلى كسر حاجز الخوف في أي تعامل مع إدارة السجن، وقد تم هذا الكسر نهائياً، رغم أن السجن لم يستجب إلى إعطائنا أي من حقوقنا المطلوبة، ولم يكن ذلك مهماً بالنسبة لنا، أن يستجيبوا، فالمهم كانت حركتنا في اجتياز الحاجز.
وفي هذه المعركة، معركة الإضراب، قدم سجن عسقلان أول شهيد في الاضرابات الجماعية في المعتقلات الصهيونية، وقد سبقه أحد مناضلي فتح الذي كان أعلن اضراباً فردياً في سجن غزة واستشهد عام 1969 وهو الأخ/ أبو عوني.
لقد تركزت القيادة النضالية للسجون في سجن عسقلان نتيجة لتواجد فعاليات اعتقالية ورموز اعتقالية فيه، وكانت هذه الفعاليات والرموز على قدر عال من المسئولية، والواضح أن في كل مرحلة من مراحل السجون، كان يبرز هناك سجن معين، ففي المرحلة الأولى، مرحلة الملحمة والضرب برز سجن الخليل، كذلك برز سجن نابلس.
إن أول صحيفة في تاريخ المعتقلات، ظهرت في سجن عسقلان هذا، وهي صحيفة "عسقلان الثورة" التي أصدرتها "فتح" وكانت تكتب على ورق أكياس اللبن، وتوزع في السجن، نسخة لكل مردوان، وقد تطورت المواد الكتابية لهذه الصحيفة، حيث أصبحت قادرة على بلورة موقف موحد داخل السجن، وتصاعدت في هذا المعتقل أيضاً إقامة المحاضرات والعمل التثقيفي الجاد، مما حدا بإدارة السجن العمل على عزل ما يزيد على عشرين معتقلاً من الفعاليات القيادية، بسبب التحريض ضد ما هو سائد من ممارسات لا إنسانية في السجن، هكذا وجدت نفسي من جديد في الاكس. وبدأت مرحلة أخرى من القمع وبدأ التحدي ، والتصعيد في المواجهة التي انجلت عن انجازات كثيرة.
رابعاً: الإضراب عن الطعام أفضل وسيلة للمواجهة داخل الأسر.
كان إضراب سجن عسقلان هو الخطوة الأولى في رحلة الإضرابات المنظمة في سجون العدو الإسرائيلي، والنقلة النوعية في الصراع الدائر رحاه في ساحات المعتقلات كافة، وقد كان سجن عسقلان نموذجاً خاصاً للإرهاب ولقتل الإرادة الفلسطينية، إرادة التصدي والتحدي، ونستطيع أن نلمس حجم المردود المعنوي لهذا الإضراب، حينما نعلم أن بقية السجون غدت تتساءل، بأنه إذا كان عسقلان وهو على ما هو عليه من قمع قد أضرب، فلماذا نحن لا نضرب؟ وهكذا بدأت الشرارة، شرارة الإضراب، التي هي إرادة التحدي لكل أشكال القتل المنظم والممارس ضد المعتقلين.
في مراحل الإعداد الأخيرة لهذا الإضراب لم يتم الاتفاق حول موعد محدد للإعلان عن الإضراب، فقد اختلف حول التاريخ المحدد له، لكن أحد الشباب ومن باب الغرفة رقم 16 حسم هذا الخلاف حينما كان السجانون يهمون بتوزيع طعام الإفطار، فإذا به يطل برأسه من شباك غرفته ويصرخ بصوت عال: إضراب يا شباب، وكان الإضراب، فقد تعامل المعتقلون مع النداء كأمر اعتقالي وبالتالي الالتزام به، والإضراب، وإن لم يأخذ زمناً طويلاً لكنه كان من أكثر الاضرابات أهمية من الناحية النفسية، وإن لم يكن له انجاز يذكر على الصعيد المادي بالنسبة لأوضاع المعتقلين، إن الواقع الصدامي الذي عشناه في سجن عسقلان كان وليد حالات الإجحاف الهائلة بحقوقنا وبنا كبشر أساساً، ولو وفر العدو في هذا المعتقل وضعاً إنسانيا لنزلائه، لما كانت هذه الحدية في المواجهة، ولصعب علينا أن نتغلغل في نفسية هؤلاء ودفعهم باتجاه الصدام الضروري مع العدو.
إنه لأمر فادح أن لا يتمتع الإنسان العربي بحريته على امتداد مساحة الوطن العربي، لكننا في المعتقلات الصهيونية كنا نتمتع بهذه الحرية، الحرية المقترنة بالإرادة المواجهة لمخطط العدو، ألا وهو محاولة إفراغنا من المحتوى الوطني، والمحتوى الثوري، والمحتوى القومي، والإنساني، والحضاري، وقد عجز العدو تماماً، أمام تكامل أدوارنا جميعاً داخل المعتقلات، لقد بنت المعتقلات نفسها بنفسها دونما دعم من قيادة الخارج، هذه حقيقة أقولها للتاريخ، ولم يبدأ الالتفاف الحقيقي لحركة المعتقلات إلا في الآونة الأخيرة.
صعد معتقلو عسقلان من نضالهم اليومي الموجه، في رفضهم الانصياع إلى وضع اليدين وراء الظهر، أو لفظ كلمة سيدي، ولم يكن ليمنعهم أي عقاب أو تهديد، واستمر النضال من أجل ذلك شهوراً إلى أن تم لهم ما أرادوا، وعبر المفاوضات مع إدارة السجن، كانت الحياة في معتقل عسقلان قاسية، ومثل هذا الوضع شئنا أم أبينا يفرض علينا استمرار تصعيد الأزمة، وكان الانصراف إلى العمل التنظيمي يخفف علينا جزءاً ليس يسيراً من هذه الأزمة، لقد نجحنا في أمور، وفشلنا في أمور كثيرة أخرى بالنظر إلى أننا نخوض في عسقلان تجربة جديدة، وكنا نعرف أن طبيعة الظروف الموضوعية هي التي تعيق من رقي الظرف الذاتي، رغم أن البروز التنظيمي غدا واضحاً في كافة غرف المعتقل، وظهرت هناك عناصر نشطة تلتهم المعرفة التهاماً، وبدأت التجربة في فرز قيادات العمل الاعتقالي، إذ عملت إدارة السجون على نقل الكثيرين من سجن عسقلان إلى سجون أخرى، وقد خدمتنا حركة التنقلات هذه كثيراً، إذ اقتصرت على الفعاليات النشيطة، التي حملت بدورها شرارة هذه التجربة، وراحت تبثها في سجون جديدة وبين معتقلين جدد، في كفاريونا- بيت ليد، وبئر السبع، حيث كانت هناك ضمائر جديدة تتكون، وقد وصل في هذه الفترة إلى معتقل عسقلان دفعات جديدة من معتقل الرملة، نقلوا على إثر نشاطهم هناك، مما ساعدنا في الاطلاع على أشكال تجربة جديدة عمقت من تجربتنا في معتقل عسقلان، سواء من حيث تكريس العمل التنظيمي داخل الغرف أو الإرتقاء التثقيفي الذي أخذ أشكالاً أكثر نضجاً من السابق، كما أخذ التوجه التنظيمي يفرض نفسه بشكل واضح بين المعتقلين.
الإنسان المعتقل والمحكوم عليه في معتقلات العدو الصهيوني، ليس له من مفر إلا أن يخفف من أزمة اعتقاله ما أمكن، ولا يستطيع أن يفعل ذلك بدون علاقات اجتماعية جيدة، وإذا كنا نسعى لفرض الشكل التنظيمي نفسه في المعتقل كنوع من الضبط الأولي، فلأن الضبط المركزي هو للمعتقل وليس للتنظيم؛ من هنا سادت العلاقات الإنسانية الحميمة فهذا بين المعتقلين أنفسهم، وإذا حدث أن نشأ إشكال ما بين اثنين، كنا نتحرك لنضع له حداً فورياً، دون أن نسمح لهذا الأشكال أن يتفرع أو يتسع عن حده الثنائي، ثم تعود الأمور إلى حالتها الطبيعية بين المتشاكلين.
ولعل أسوأ ما حدث في هذا المجال في معتقل عسقلان، هو ما نشأ من خلاف وعراك خرج عن كونه خلافاً وعراكاً شخصياً بين مجموعة من الشباب قدمت إلى السجن حديثاً من قطاع غزة تنتمي إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكان واضحاً أن هذه المجموعة من الشباب تعوزها التجربة الاعتقالية والتنظيمية والسياسية وأنها تفتقر إلى وعي وتحليل الظرف الذي نواجهه في المعتقل، فقامت هذه المجموعة بافتعال صراع حاد مع عدد قليل من شباب فتح، حيث تم الاستفراد بهم وضربهم بأدوات حادة موجعة، ومنذ البدء شرعنا إلى وضع حد لهذا العراك ما دام شخصياً، موضحين أنه إن كان كذلك، فليس لنا أي حق كتنظيم، وينتهي الإشكال بالتفاهم، والمصالحة، أما أن يكون العراك والضرب تنظيمياً، ويصوت عليه داخل مجموعاتهم التنظيمية، فذلك ما لا يُـغتفر ولا تسامح فيه، إذ كيف تضرب إنساناً بسبب انتمائه السياسي فقط، وفي المعتقل أيضاً؟! فذلك معناه الفوضى الكاملة في المعتقلات، ومعنى هذا أن نقدم حركة المعتقلات ونضالها على طبق من ذهب، وليس من فضة للعدو، وليتفضل العدو ويفعل فينا ما يشاء!
كان ذلك مؤلماً، ومع هذا اتجهنا نحو الحل السليم لجذوره، جذور القضية، واستطعنا أن نوقف عملية التدهور وأن نوظف جل جهدنا لوضع حل ايجابي يضمن فقط كرامة المضروبين، لكنهم رفضوا، مصعدين الأمر، في تهيؤ على ما يبدو لجولة ثانية، وحين عرض عليهم الحل مجدداً، إذا بهم يهددون ويلوحون بالأدوات الحادة التي هيئوها، وازداد الأمر تفاقماً، وكان لا بد من وضع حد بالقوة لكل هذه الفوضى في المعتقل، وعرفت كل السجون فيما بعد أن المرء الذي يضرب أمريء آخر لانتمائه السياسي وليس لخطأ شخصي ارتكبه، لا بد أن يوضع له حد، وأن يضرب ويهان، ويموت على أن يكرس عرفاً جديداً في المعتقلات ألا وهو ضرب الإنسان بسبب انتمائه التنظيمي، فهذه قضية تخالف العرف الديمقراطي، كما تخالف أبسط المفاهيم الديمقراطية التي ينبغي أن تسود بيننا، إذ كيف تجيز لنفسك أن تمارس الإرهاب، ألا يكفي إرهاب العدو، لنضيف إرهاباً آخر علينا؟ هكذا كان لا بد من التصدي لهذا الإرهاب، وقلعه من جذوره، وكان موقفنا مستنداً أساساً على هذا الفهم، حاسماً.
وعلى أثر هذه القضية مباشرة حصل أول تمرد في معتقل عسقلان، واستدعيت قوات العدو من كل الجهات، من السجون، من الشرطة، من المخابرات، حيث تم تطويق السجن الهائج، والتحم كل المعتقلين باختلاف فصائلهم مع القوة القادمة لاقتحام السجن، وقد تم اقتحام الغرف، غرفة غرفة، بالغاز والهراوات، ليبدأ وضع جديد من القمع اللا إنساني ضد كل الاحتلال الصهيوني البغيض.
وقف سجانان إثنان بباب الاكس الذي فتحوه عليّ، وقال أحدهم هذه فرصة أن نقتله الليلة ونرتاح، كنت أفهم أن ذلك كتهديد موجه لي، فتصايحت معهما، وفوجئت بضربة قوية من أحدهما على معدتي مما دفعني لأن أقذف كل ما في جوفي مرة واحدة، ثم هجم علي وأخذ في خنقي، وكنت بدوري قد مسكته من عنقه، في حين بدأ الآخر في ضربي، ثم أخذ يعض يدي إلى أن أفلتهما عن عنق صاحبه، لكن هذا واصل خنقي إلى أن ضاعت قوتي وسقطت يداي فكان أن رماني على الأرض، وكان ذلك فرصة أخرى لضربي كيفما يحلو لهم، ثم أغلقوا عليَّ الباب، وعادوا مرة أخرى وثانية وثالثة في وجبات ضرب متقطعة، أذكر أن نائب مدير السجن، وكان إسمه "هايمن" وكنا ندعوه أبو صلعة نحاس، لم يكتف بالضرب، بل حنى نفسه عليّ وراح يعضني في أسفل ظهري بشكل هستيري، عضة رجل مليء بالكراهية والحقد، وقد استمر علاج عضته هذا طيلة شهر كامل، حيث نقلت إلى سجن الرملة للعلاج بإيعاز من طبيب يهودي استنكر ما رآه وما فعله زملاؤه بالمعتقلين، من إصابات وجروح، ونقل هذا الطبيب بعض الأسرى للعلاج، كما أشرف هو بنفسه على علاجي، ولم يصدق أبداً أنه يمكن لإنسان أن يعض بهذا الشكل، كما لو أنه كلب حقيقي، فقلت له إنه نائب مدير السجن. هذا الطبيب وقف موقفاً جيداً أمام لجنة التحقيق التي حضرت إلى السجن، لقد احتج هذا الطبيب على عمليات التعذيب التي كانت تتم في المستشفيات بحضور رجال المخابرات، وتم منعها، فمستشفى السجن هو عبارة عن سجن عادي إلا أنه يحتوي على أَسِرّة وشراشف ولا يستقبل إلا الحالات الضرورية والخاصة، ومنه عرفت أنني مصاب بالقرحة، وقد نصحني هذا الطبيب بقوله أنني إذا أردت لرأيي السياسي أن يستمر فعلي أن أعتني بصحتي، وللحق إن هذا الطبيب هو الوحيد من بين الأطباء الإسرائيليين في السجون الذي ما ضرب أحداً من الشباب أثناء العلاج، ولا حاول استغلال أوضاعهم المرضية أو طلب تعاونهم معه مقابل علاجهم كما يفعل غيره، لقد احترم هذا الطبيب من قبل جميع المعتقلين بما فيهم السجناء اليهود الذين لا يميلون إلى شرطة السجن، وقد تبين له فيما بعد أن كثيرين غيري في السجن مصابون أيضاً بالقرحة، فعمل على صرف الأدوية لهم، كان هذا الطبيب استثناء غريباً لقاعدة الأطباء الجلادين والقتلة، وما أكثرهم.