قبل ثلاث سنوات أدان رئيس الكنيست الإسرائيلي راؤوفين ريفيلين عصابات تاج محير، واتهمها بالإرهاب، ليواصل حتى يومنا هذا قادة الكيان الصهيوني إدانة عصابات تاج محير دون أن يتم القبض على أي من أعضاء هذه العصابة حتى يومنا هذا، فكيف نصدق نحن الفلسطينيين أن المخابرات الإسرائيلية غير قادرة على وضع أصبعها على عصابة تاج محير الإرهابية، في الوقت الذي اعتقلت فيه المخابرات الإسرائيلية قبل أيام مجموعة من الفلسطينيين لمجرد تفكيرهم في عمل عسكري ضد الجنود الصهاينة.
غض الجهات الرسمية في دولة الصهاينة أعينهم عن نشاط تاج محير لم يعد سراً، فقد أكد عليه رئيس جهاز الشاباك السابق كرمي غيلون، الذي عزا تصاعد جرائم عصابات "تاج محير" إلى عدم رغبة الحكومة وجهاز الشاباك في ضبط مرتكبي الجرائم. وفي تقديري أن ذلك يرجع إلى تلاقي أهداف عصابة "تاج محير" مع أهداف الحكومة الإسرائيلية ذاتها، ولاسيما أن عصابات تاج محير لا تميز بين عربي يسكن فلسطين المغتصبة سنة 48، وبين عربي يسكن الضفة الغربية المحتلة سنة 67، والهدف الذي تسعى إليه عصابات تاج محير هو تدمير مقومات حياة العربي الفلسطيني فوق أرضه، مقدمة لترحيله، وهذا ينسجم مع موقف الحكومة الإسرائيلية التي تطالب الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة.
"تاج محير" لفظة عبرية، معناها بالعربية "جباية الثمن" أو "تدفيع الثمن" والفلسطينيون هم المقصودون بذلك، والثمن الذي يتوجب عليهم أن يدفعونه هو حياتهم وأعمارهم وممتلكاتهم، ووجودهم فوق أرضه وأرض أجدادهم. وفي تقديري أن عصابة "تاج محير" تنشط لتدفيع الفلسطينيين ثمن تقاعسهم عن حمل السلاح في الضفة الغربية، وتقاعسهم عن المطالبة بحقهم الكامل في كل أرض فلسطين، وتقاعسهم بالتوقيع على الاتفاقيات التي تعترف بوجود دولة إسرائيل، والدليل على ذلك أن عصابة "تاج محير" ظهرت بعد أن تم تصفية انتفاضة الأقصى، وبعد أن تم تجريد المقاومين الفلسطينيين من سلاحهم، وبعد توفر الأمن على الطرق الالتفافية للمستوطنين، وبعد أن انغمست القيادة الفلسطينية حتى الذوائب في المفاوضات العبثية.
عصابات "تاج محير" هي العنوان الأبرز للتطرف الديني اليهودي في هذه المرحلة، وهي التطور الطبيعي لمن سبقها من عصابات مثل "الشتيرن والليحي، والهجاناة، وإيتسل" وغيرها من عصابات يهودية إرهابية عبدت الطريق لنمو وتصاعد التطرف الديني على مستوى العالم، بما في ذلك إرهاب مجموعة "باكو حرام" المتطرفة في نيجريا، والتي اختطفت مجموعة من الفتيات النيجيريات، وهزت وجدان المجتمع الدولي، ليكون إرهاب مجموعات "باكو حرام" بمثابة طفل صغير يدرج بالإرهاب على سلم العصابات الإرهابية اليهودية المتطرفة وعلى رأسها عصابة "تاج محير" التي وصف الكاتب اليهودي "عاموس عوز" أعضاءها بالنازيين الجدد، ويقول: إن التطرف ليس له دينٌ، وليس له بلادٌ، التطرف جنون القوة، وغباء الفكرة، والقاسم المشترك للمتطرفين هو احتقار الآخر، وضيق الأفق على الفكرة"
لن تتوقف عصابات "تاج محير" عن تصعيد إرهابها ضد الفلسطينيين إلا إذا لعلع الرصاص المقاوم، وذلك لأن عصابة "تاج محير" هي الابن الأيديولوجي للحاخام اليهودي المتطرف يتسحاك غينزبورغ، والذي يطالب تلاميذه بالتجسيد العميق للفعل اليهودي الخالص الذي يقوم على الانتقام من الفلسطينيين، سواء عن طريق ارتكاب المجازر على طريقة باروخ غولدشطاين الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي، أو عن طريق إحراق الممتلكات.