بين مصطلحي النكبة والتطهير العرقي الصهيوني لشعبنا الفلسطيني فرق هام، فالنكبة هي مصطلح يشير إلى أبعاد محددة وغالبيتها إنسانية وموارد حياتية، وأما التطهير العرقي فيشير بوضوح إلى عمليات مبرمجة تهدف إلى نتائج تدميرية على الإنسانية وعلى الحق القانوني .
وحين انطلقت الثورة الفلسطينية من بين ركام العجز العربي والإحباط المسيطر على أبناء الشعب الفلسطيني الذي تم تشريدهم وقتلهم وإبعادهم، فإن انطلاقتها كانت تحمل عدة أبعاد ومنها التعبئة والالتحام والإنسانية والقانونية والوطنية والتحريرية، وبذلك فإنها أحدث ثورة فكرية وسياسية، بحيث أصبح المقصود الحقيقي بالنكبة هو " التطهير العرقي"، وحين نقول تطهير عرقي فنحن ننتقل من المفهوم الإنساني للنكبة "على أهميته" لنقول أن شعبنا الفلسطيني لم تحدث له النكبة "من جانبها الإنساني فقط" فقد تم تشريده خارج الوطن وخارج الأرض وعانى ويلات التشريد والإيواء والفقر والجوع والحرمان والمطاردة، بل حين نحن نعود إلى ما قبل العام 1948، نقف على المجازر الصهيونية ضد الوجود الفلسطيني، وكذلك التنكيل بكل ما هو فلسطيني وحرق المحاصيل وتسميم المياه وهدم البيوت على ساكنيها وقطع الطرق وتدمير القرى الفلسطينية، لهذا فحين نذهب إلى تعريف الواقع الفلسطيني اليوم نابع من منشأ التطهير العرقي، فإن تاريخ 15 مايو 1948 يدلل على بداية النكبة والتشريد والمعاناة الإنسانية الفردية والجماهيرية ومن هنا أعتقد أن استخدامنا للجرائم الفظيعة التي تم ممارستها على شعبنا وهويته وتشريده اكبر من معاني " النكبة" وارى ان يكرس مثقفينا والإعلاميين وأصحاب العلاقة والمسؤولين والقادة تعميم واستخدام مصطلح "التطهير العرقي" وعدم الاكتفاء بمصطلح النكبة، فالعودة نتيجة، وما تم حتى اللحظة هو معالجة للأبعاد الإنسانية، ولم يتم معالجة بعد التطهير العرقي والذي يلزم الاحتلال وفق القانون الدولي وكافة المواثيق أن يتعرف بمسؤوليته الكاملة عما حدث وعن كل المشردين وتبعات ذلك، وصولا الى إعادة الحق الفلسطيني فوق الأرض الفلسطينية، وعلينا تصحيح المفاهيم وتعميمها بكل اللغات الدولية المستخدمة، وقيام الجامعات بتخصيص دعم خاص لطلبة التاريخ والإعلام لغرض وضع معلومات حيوية حول التطهير العرقي الصهيوني للفلسطينيين .
حين نستذكر تفاصيل عمليات التطهير العرقي ضد شعبنا ووجودنا وأحلامنا وحقنا في الحياة، فإننا نسجل شهادات حية وباقية أن تلك الجرائم والمتواصلة حتى اليوم، تؤكد أننا برغم كل ذلك باقون فوق أرضنا ونتقدم نحو بوابة الحرية، وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس .
إن هذا العام الـ66 للنكبة، مختلف عن كل الأعوام التي مضت، فبعد التوقيع على 15 معاهدة واتفاقية دولية وباسم دولة فلسطين الدولة العضو المؤقت في الأمم المتحدة، فإن هذا يعني ان وضعنا السياسي أصبح أقوى من ذي قبل، وأصبحنا بالفعل نملك أدوات هامة وفاعلة تتصل بالقانون الدولي وبكافة القرارات والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة، والتي يمكن توظيفها في فضح الاحتلال والتقدم في الحراك الدولي الذي يمكن أن يشكل عوامل ضغط هامة لإنهاء الاحتلال.