غزة المكلومة بالانقسام تتطلع لتحقيق المصالحة وطي صفحة الانقسام اكثر من غيرها، وإن حمل حديث العامة الشيء الكثير من التشكيك في قدرة المصالحة على المضي قدماً نحو محطتها المأمولة، إلا أن حديث التفاؤل لديهم لا يذهب بعيدأ عن أمور الحياة اليومية ومتطلباتها، وفي بعض الأحيان يتم حشر الفكاهة فيه علها تخفف من وطأة الاخفاقات السابقة.
المشككون يرصدون الكلمة، يبحثون بين حروفها عن دلالة تصلح لجذب البعض إلى مربعهم، والصورة هي الأخرى حاضرة أمامهم، يفتشون في دهاليز لغة الوجه وأسرار الابتسامة ومعاني العبوس على هذا الوجه أو ذاك، ما يمكن حصره من أقاويل وتحليل وما ينقل عن مصدر مسؤول وما هو بمسؤول، يعطينا انطباعاً بأن حياة الكثير منا باتت ضمن معايير جهاز الرصد التي تسجل كل حركة واشارة حتى وإن كانت ليست ذات قيمة تذكر.
المهم أن بازار الوزراء هو الحاضر في حديث المتفائل والمتشائم، وهو بازار يتسع لمن يمتلك القليل من الطموح، حيث يتمدد يومياً طولاً وعرضاً، وطالما أن حكومة التوافق القادمة تم التوافق على أن يكون أعضاؤها من خارج حركتي فتح وحماس، وهذا بدوره فتح الباب على مصراعيه أمام القابعين في المساحة البرتقالية، وبات عليهم أن يقتربوا من هذا وذاك وما يتطلبه من مهارة في لعبة السير على الحبل في حلبة السيرك.
المناسبة جديرة لإفتتاح بنك بمهام جديدة، فتح الحساب فيه لا يتطلب سوى تزكية من هذا الفصيل أو ذاك، ولا ضرر في أن تكون من عابر سبيل، وفتح الحساب في بنك الأسماء لا يتطلب إيداع الكثير من السيرة الذاتية، خاصة وأن عملية السحب التي سيجريها البنك على جائزة "وزير" لا تضع محددات لأرصدة المودعين.
المهم قبل أن يصل الأسم للبنك عليه أن يمضي بعض الوقت في البازار، والبازار كلمة فارسية تعني السوق، حيث تنتشر المحال التجارية وتتسابق فيما بينها حول قدرتها على عرض ما لديها، والبازاركان "البائع" الجيد من يملك القدرة على اقناع المشتري بما لديه، ولم يعد ذلك مجرد اجتهاد منه أو خبرة يكتسبها عبر الممارسة ولا تقع ضمن مكونات الميراث، بل التسويق من ضمن العلوم التخصصية التي لها أدبياتها، وإن كان من الصعوبة بمكان تسويق الذات، فمما لا شك فيه أن البعض يمتلك مفاتيح ذلك وما يتطلبه من قدرة على التشكل حسب الطلب.
بمعزل عن البازار والبنك وما يدور فيهما ومن حولهما، الغالبية الساحقة هجرت البازار بعد أن تراجع معناه في لغتنا الجميلة إلى محل بيع التحف والأشياء التذكارية، ولم تعد من مرتادي البنوك بعد أن استنزفت السنوات العجاف أرصدتها، لذلك تتعلق بكيس الاسمنت واحواله اكثر من تعلقها بالوزير القادم اليهم، وتتابع أخبار المعبر بالتوازي مع متابعتها "الليغا الأسبانية"، عل الأيام تحمل لهم نهاية سعيدة لأغلاق طال أمده.