حكومة التوافق بين الحرص الوطني والمصلحة الفئوية

بقلم: وليد العوض

منذ اليوم الاول لتوقيع اتفاق وضع آليات انهاء الانقسام وانجاز الوحدة في 23-4-2014 تعرض هذا الاتفاق لهجوم عنيف من الولايات المتحدة الامريكية ودولة الاحتلال وهذا امر متوقع على اية حال يبين كم كانت أهمية هذا الانقسام بالغة بالنسبة لهما وكم كانت المراهنة لديهما على فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة تشكل ركيزة من ركائز مشروعهما التصفوي ضد شعبنا الفلسطيني وقضيتنا الوطنية، الغريب في الأمر أن يتطابق الموقف الامريكي والاسرائيلي هذا مع العديد من المواقف المعلنة من البعض الفلسطيني تارة تحت ذريعة الحرص واخرى تحت ذريعة الشماتة لكن الحصيلة واحدة موقف غير مفهوم مما يجري لمساعي إنهاء الانقسام وكأنني ارى بهؤلاء من طاب له الرقص طربا على الحالة المزرية التي وصلنا لها بعد هذه السنوات السبع من الانقسام ،هذا دون أغفل مطلقا ضرورة القلق والحذر من تكرار التجارب السابقة التي لم تفضي لتحقيق من نصبو اليه من إنهاء للانقسام و هذا شيء نتفهمه لكن أن يجري تصوير ذلك وكأنه إبليس لابد من رجمه ليل نهار فهذا شيء آخر يستحق التوقف ،، مع الاخذ بعين الاعتبار اننا نمر بظروف استثنائية تطلب جهدا واشكالا استثنائية تساعدنا على مغادرة مربع الانقسام والتقدم لمربع الوحدة المأمولة ، وبالعودة الى المقدمات التي سبقت توقيع الاتفاق المذكور أود الاشارة من باب التذكير ليس إلا بأن قرار تشكيل وفد م – ت- ف للمصالحة جاء في خضم احتدام الصراع مع حكومة نتنياهو ومترافقا مع ضغط وابتزاز امريكي غير مسبوق لانتزاع قبول فلسطيني على تمديد المفاوضات وهو لم يحدث، في ذلك الحين قررت القيادة الفلسطينية أوائل نيسان الماضي تشكيل وفد من بين اعضائها لبحث مسالة انهاء الانقسام واتمام المصالحة مع حركة حماس، حينها قال البعض أن مهمة هذا الوفد تنحصر في نقل رسالة سلبية لحركة حماس جوهرها هل ستقبلون بالانتخابات ام لا وذلك توطئة لإجرائها في الضفة دون غزة كما روج البعض اياه كما راهن البعض وشكك بإمكانية نجاح الوفد ، نحن ومن موقعنا الوطني الخالص قبلنا أن نكون جزء من الوفد لكن ليس كحمام زاجل ينقل الرسائل كما طاب للبعض هذا أن يروج ويصف المهمة ، بل لتصويب الوجهة لو انحرفت بوصلتها، وقد دأبنا بحرص شديد وشعبنا يراقب ذلك على انضاج الظروف لضمان نجاح الوفد ومهمته ،وهكذا كان فقد نجح الوفد وسقط الرهان على فشله واتضح لكل ذو بصيرة أن الوفد لم يكن ناقلا للرسائل فحسب بل فتح بابا كاد الصدأ أن يأكله بعد سنوات عجاف من الانقسام ، وعلى مدار يومين ترقب شعبنا بشغف شديد ما كان يجرى من حوارات مغلقة عاقدا الامل على طي صفحة آلمته وتركت اثارا دامية في قلبه ، وحين أعلن التوصل عصيرة يوم 23-4- للاتفاق المذكور استقبله بارتياح ممزوج بقلق نتفهمه نظرا لحالة الاحباط التي اصابت شعبنا من تجاب سبقت، المراقب الامين يرى أن الاتفاق إياه حمل بصمات كنا قد عملنا عليها وأشرنا اشرنا لها في حوارات ولقاءات متعددة وقد جاءت كلها لتؤكد القدرة بكل وضوح على التأثير الايجابي حين تنطلق الرؤية من الموقع الوطني الخالص وليس من اية اجندات خاصة، وبدأت ماكينة الاتفاق تدور وتتقدم للأمام على الصعد المحلية والاقليمية كافة حملت مؤشرات ايجابية ورغم كل ذلك وما قطعه الاتفاق من خطوات هامه باتجاه ما يصبو له شعبنا إنبرت وما زالت الاصوات المشككة والاقلام الصفراء بل ومعاول الهدم لتكشف وجهها الحقيقي الساعي لإبقاء الانقسام والدفع به لأبعد مدى مستخدمة كل ما تملك من مواهب تركيب الجمل وفن التقاط الكلمات لتخريب هذا الاتفاق ووضع العراقيل امامه، وها نحن نلاحظ انه كلما تقدمت مساعي تشكيل حكومة الوفاق التي نراهن على أنها ستغلق الطريق عن البحث لمستقبل لكل من الضفة وغزة منفصل عن بعضهما البعض وستشكل الخطوة الهامة لوحدة النظام السياسي كما ستنقلنا ولو ببطء الى مربع افضل مما نحن فيه للنضال الديمقراطي والدفاع عن حقوق الناس التي انتهكت على مدار سيع سنوات دون مسائلة او رقابة من اية جهة ، رغم كل ذلك تطالعنا في الآونة الاخيرة مواقع اعلامية ومقالات نحترم أصحابها على قاعدة حرية الرأي والراي الاخرى بحملة غير مسبوقة تتناول مشاورات تشكيل الحكومة وآلياتها ، ورغم ما يمكن أن يقال في هذا المضمار الا اننا نقول بأن ما ينتظره الشعب هو تشكيل الحكومة ولا ينظر قطعا إن كان هذا الفصيل او ذاك مشاركا بهذه الاليات فالمشاورات في كل الاعراف يجريها عادة رئيس الحكومة المكلف وتجرى بين اكبر الكتل البرلمانية ودون شك تـأخذ في النظم الاكثر ديمقراطية بعين الاعتبار الكتل الاخرى ، هذا في النظم الاكثر ديمقراطية فما بالكم بنظام أغتال الانقسام الديمقراطية فيه وفق حالنا الفلسطيني والان يعمل على عودتها ، في خضم هذه الاجواء برزت أصوات والتشكيك ترتدي لبوس الحرص وقد تناولت هذه حزب الشعب في مقامين متتاليين الاول يصنف الحزب انه قد استخدم استخداما في ما اسماه اتفاق الشاطئ ويعلم اصحابها ان الحزب ليس ولن يكون كذلك ونقول نعم قبلنا المهمة بكل وعي ومسؤولية وطنية لإنهاء الانقسام وصوبنا البوصلة الى أن جاءت النتيجة وشعبنا الحكم ، أما الثاني فقد جاء بمثابة تلميح على تصريح اصدره الامين العام للحزب وذكر فيه تفاصيل المشاورات التي اطلعه عليها السيد الرئيس فيما يتعلق بتشكيل الحكومة وقد أعاب اصحاب التلميح على الحزب هذه المعرفة ، المؤسف في هذا المضمار أن الذين يعيبون على الحزب هذه المواقف هم اكثر من يعرفون صدق الحزب وانتماءه الوطني الخالص وبعده عن الفئوية والاجندة الخاصة كما يعرفون فروسية أعضاء الحزب بمختلف مستوياتهم وشجاعتهم في التصدي للانقسام ، وقد كانوا اكثر ممن اشاد بدور الحزب واعضاءه واستشهدوا بمواقفهم الاكثر صلابة و تصديا لهذا الانقسام منذ لحظاته الاولى، في وقت اختار فيه الكثير مغادرة قطاع غزة الى مكان اكثر رغدا بانتظار عودة مأمولة على ظهور الخيل التي لم تأتي بعد.