فعاليات التضامن مع الأسرى ضعيفة، بائسة، ودون مستوى الحدث

بقلم: رشيد شاهين

بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على إعلان الأسرى خوض معركة جديدة بأمعائهم وأجسادهم وبالتالي أرواحهم، لم تبادر أي من الفصائل في منطقة بيت لحم للقيام بأي فعل تضامني معهم أو إسنادا لهم.

هذا الموقف الذي قوبل بكثير من الاستهجان والاستغراب، دفع مجموعة من "الأشخاص"، القيام بعمل مستقل بعيدا عن تلك الفصائل، فبادروا إلى نصب خيمة للتضامن مع الأسرى في صرح الشهيد المقام على الشارع الرئيس لمخيم الدهيشة قرب بيت لحم.

هذه المبادرة، جاءت على خلفية، ان هنالك من القضايا التي ليس فقط لا تحتمل الانتظار، وإنما لا تحتمل الاختلاف والمناكفات، وكانت دوما محل إجماع في الشارع الفلسطيني، ولا يجوز التوقف أمامها من اجل حسابات فئوية وحزبية ضيقة مقيتة.

كما جاءت المبادرة على أساس ان الكل الفلسطيني هو في سجن كبير، وإن أي فلسطيني هو مشروع أسير وقد يتعرض للاعتقال في أية لحظة، وعلى هذا الأساس، فإن أي انجاز يتم تحقيقه من خلال تراكم العمليات النضالية في سجون الاحتلال، هو في نهاية المطاف مصلحة وطنية عليا، وان الأوضاع الحالية في سجون الاحتلال، إنما كانت نتيجة تراكمات نضالية خاضها الأسرى منذ عام 1967، والتي سقط خلالها العديد من الشهداء.

لا شك ان خيمة الاعتصام استقطبت معظم الفصائل خلال الأيام الماضية ، وان العديد من رموزها يواظب على التواجد في الخيمة، إلا ان هذا لا يمنع من القول وبدون مبالغة، إن الإقبال عليها ليس بالمستوى المطلوب، ولا يرقى إلى مستوى الفعل الذي يقوم به الأسرى.

خيمة الاعتصام التي تشهد نشاطا نسبيا، والتي زارها الأب عطا الله حنا ، الذي تحدث "بعروبيته" المعهودة، وضرورة إسناد الأسرى في محنتهم، وانه لا بد من إثارة قضيتهم على كل المستويات، وأكد على ضرورة الاستفادة من زيارة البابا في هذا الإطار، الذي لا بد من وضعه بصورة عذابات هؤلاء الناس، الذين يتم اعتقالهم لسنوات بدون محاكمة وبصورة غير قانونية.

كما كان قد زارها، الأسير المحرر الشيخ عدنان خضر الذي كانت له تجربة مميزة وعصيبة في الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال، حيث تحدث عن تلك التجربة، وما فيها من معاناة، وكيف يمكن للإرادة ان تنتصر على الجلاد، وان على الجميع أن يقف مع الأسرى لأن في ذلك رفع لمعنوياتهم وشدٍ لأسْرهم.

برغم محاولات بث حياة يومية في الخيمة من قبل اللجنة المشرفة، تسندها بعض القوى، إلا أن ما كان لافتا في هذا الموضوع، هو الغياب الذي يصل إلى ما يشبه المقاطعة "الرسمية" من قبل احد ابرز الفصائل الفلسطينية، برغم ان محافظ بيت لحم السيد عبد الفتاح حمايل، كان قد حضر إلى الخيمة وعقد اجتماع بها قبل عدة أيام.

يجب ألا ننسى ان عيون دولة الاحتلال تراقب ما يجري في الأراضي المحتلة من حركة للتضامن مع الأسرى، وكلما كان هذا الإسناد ضعيفا، فانه سيؤخر استجابة حكومة الاحتلال لمطالب الأسرى، وستمعن في إدارة الظهر لهم ولمطالبهم، حيث هي تعلم ان تواجد مجموعات صغيرة يعني انه إذا ساءت أحوال المضربين عن الطعام، فان ردة فعل الشارع لن تكون قوية، ولن تؤثر على صورة الاحتلال، ويمكن السيطرة عليها واستيعابها بسهولة، أما في حال تواجد المئات بهذه الخيام، فهذا يعني ان تردي الأوضاع أو استشهاد أي من الأسرى، يعني خروج الآلاف وربما أكثر إلى الشوارع، وهذا ما سيقود إلى تفاقم الأوضاع، لدرجة قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها بالنسبة لدولة الكيان

من الملاحظ ان حركة التضامن مع الأسرى، لا زالت بعيدة عن مستوى الطموحات واقل بكثير مما هو مطلوب، الأمر الذي لا بد من التوقف أمامه لسبر أغواره ومعرفة أسبابه، خاصة وان الإضراب عن الطعام يعني ان حياة الأسرى معرضة للخطر بعد ان دخل الاضطراب شهره الثاني.

هنا، لا بد من التأكيد على ان هنالك من القضايا في الساحة الفلسطينية التي لا تحتمل التوقف أمامها أو التفكير والتردد عند حدوثها، والتي منها قضية الأسرى، وكذلك الشهداء، فصحيح أن هؤلاء قدموا أعمارهم وحياتهم من خلال هذا الفصيل أو ذاك، إلا ان ذلك كان من اجل فلسطين، وفلسطين فقط، وعليه فلا بد من حشد كل الدعم والقيام بكل ما هو ممكن لإسناد الأسرى ونصرة قضيتهم التي هي قضية الجميع.

ملاحظة: تناقلت الأنباء عن وزير الأسرى قوله "إن الشاباك الإسرائيلي معني بموت الأسرى، وانه تم إبلاغهم بذلك رسميا من قبل قادة الشاباك".،وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من عدم اكتراث سلطات الكيان بسبب ضعف حالة التضامن الظاهرة مع الأسرى.