الأسرى الفلسطينيون بين التألق والتملق

بقلم: فايز أبو شمالة

عشية تصعيد الأسرى لإضرابهم المفتوح عن الطعام، وفي اللحظة التي ينتظر فيها أولئك القابضون على الجمر الالتفاف الجماهيري حول قضيتهم التي صارت مسخرة تفاوضية، يجري الحديث في كواليس المصالحة الفلسطينية عن إلغاء وزارة شئون الأسرى والمحررين، وتحوليها إلى هيئة تتبع منظمة التحرير الفلسطينية.
لقد وافق الرمز الشهيد ياسر عرفات على وجود وزارة ترعى شئون الأسرى والمحررين بعد حراك مجتمعي بهذا الشأن، وبجهود مكثفة من الأسير المحرر هشام عبد الرازق، الرجل الذي لما يزل مؤتمناً على قضية الأسرى، وقد حملها على كتفيه أثناء وجودة في الأسر لمدة عشرين عاماً، وحملها بعد تحرره من الأسر.
إن مبررات وجود وزارة شئون الأسرى مرتبط بوجود آلاف الأسرى في السجون، ينشغلون بعائلاتهم أكثر من انشغالهم بهمومهم، وهذا ما أكد عليه الأسرى المحررون حين برروا المطالبة بتشكيل الوزارة، قائلين: يجب أن نعيد للأسرى كرامتهم من خلال الفصل بين وزارة الشئون الاجتماعية، وبين قضية الأسرى، فلا يصح أن يقف أهل الأسير يتسولون أمام مكاتب الشئون الاجتماعية، فالأسرى هم من تفضل على المجتمع بسنوات عمرهم، فلنحرص على أن يكون الأسير مطمئناً على أسرته طوال فترة سجنه، أما إذا تحرر من الأسر، فإن مهمات الوزارة تتمثل في توفير فرصة عمل للأسير المحرر تتوافق مع كفاءته وسنوات سجنه، إن هذا يأتي من باب الوفاء ورد الجميل، ولا يأتي من باب الكرم.
لقد شكل الأسرى المحررون في ذلك الوقت من عام 1998 وفداً لمقابلة الأخت أم جهاد، وزيرة الشئون الاجتماعية كي نقنعها بالتخلي عن ملف الأسرى، وأن تقف مع مطالب الأسرى في حالة استرشد الرئيس الشهيد ياسر عرفات بآراء الوزراء، وقد تمت الموافقة.
ولقد ساندت أمهات الأسرى في ذلك الوقت مطالب الأسرى المحررين، ورددن أمام مقر الصليب الأحمر: كيف صرت يا وزير، كله على ظهر الأسير.
لقد أكدت أمهات الأسرى في هذه الجملة أن وجود السلطة الفلسطينية نفسه ما كان ليتحقق لولا تضحيات الأسرى، وأن وجود مسمى رئيس سلطة فلسطينية، وحكومة فلسطينية، ووزراء ووكلاء الوزراء، ما كان ليتحقق لولا عطاء الأسرى وتضحيات عائلاتهم.
إن إلغاء وزارة شئون الأسرى والمحررين لا يعني إلا إلغاء معاني التضحية من قاموس الشعب الفلسطيني، وذلك استجابة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية التي اتهمت السلطة بأنها تشجع الإرهاب من خلال صرف مخصصات شهرية للأسرى.
إن الاستجابة للمطلب الإسرائيلي في اللحظة التي أوقفت فيها إسرائيل إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى لا يمثل حلة الانحدار في مستنقع التنازلات بلا ثمن، وإنما يمثل اعترافاً من السلطة الفلسطينية بأن الأسرى الفلسطينيين الموجودون في السجون الإسرائيلية هم إرهابيون، وطالما هم إرهابيون، فإن المطالبة بإطلاق سراحهم يعتبر عملاً معادياً للسامية.
لقد ادعى البعض أن إلحاق هيئة شؤون الاسرى بمنظمة التحرير جاء من منطلق تعزيز تحركات القيادة للتوجه إلى المحاكم الدولية، ولو صح ذلك، فإن إلغاء وزارة الخارجية أولى في هذه الحالة، ولا بأس أن تكون هيئة ملحقة بالدائرة السياسية لمنظمة التحرير.